ونحوه (١). وفرّعوا عليه بأنّه لو قال لوكيله : « أيّ رجل دخل المسجد فأعطه درهما » لزم عليه الاقتصار على إعطاء واحد ، بخلاف ما لو قال : « كلّ رجل » ، ويظهر من ذلك أنّ عمومها للبدل لا للشمول (٢) ، فتأمّل.
وممّا يدلّ على أنّ النكرة المنفيّة للعموم أنّه لو قال المولى لعبده : « لا تضرب أحدا » فضرب واحدا ذمّه العقلاء ، ولو لا فهم العموم لما توجّه الذمّ. وبأصالة عدم النقل يثبت المطلوب (٣).
وأيضا انعقد الإجماع على أنّ كلمة التوحيد تفيد نفي الالوهيّة عن جميع ما سوى الله ، وأنّ الحنث يحصل بضرب واحد لو قال : « لا أضرب أحدا » ، والتكذيب يتحقّق بموجبة جزئيّة لو قال : « ما ضربت أحدا ».
وأيضا أجمع العلماء (٤) على التمسّك بتحريم « كلّ عمّة » و « كلّ خالة » بقوله عليهالسلام : « لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها » (٥).
اعلم أنّ النكرة المنفيّة إمّا يباشرها حرف النفي ، نحو : « ما أحد قائما » ، أو يباشر عاملها نحو : « ما قام أحد ».
وحرف النفي إمّا « لا » أو « ليس » أو « ما » أو « إن » أو « لم » أو « لن ».
ولا خلاف في أنّ النكرة المنفيّة الواقعة بعد « لا » لنفي الجنس ، أو (٦) « من » للاستغراق ، نحو : « ما جاء من رجل » ، والصادقة (٧) على القليل والكثير كـ : « شيء » ومثله تفيد العموم.
وأمّا غيرها ، نحو : « ما في الدار رجل » و « لا رجل قائما » بنصب الخبر ، ففيه مذهبان : أشهرهما وأصحّهما ذلك. ويدلّ عليه جميع ما تقدّم.
ويستثنى ممّا ذكر سلب الحكم عن العموم ، كقولنا : « ما كلّ عدد زوجا » إبطالا لقول من
__________________
(١) راجع تمهيد القواعد : ١٥٥ ، القاعدة ٥٠.
(٢) في « ب » : « الشمول ».
(٣) في « ب » : « المطلب ».
(٤) راجع غاية المراد ٣ : ١٦٢.
(٥) الكافي ٥ : ٤٤٥ ، باب نوادر في الرضاع ، ح ١١ ، وتهذيب الأحكام ٧ : ٢٩٢ ، ح ١٢٢٩.
(٦) كذا في النسختين. والصحيح : « و ».
(٧) عطف على المنفيّة.