وإذا تقرّر ذلك ، فنقول : اللفظ الدالّ عليها من حيث هي « المطلق ». وعليها مع كلّ جزئيّاتها « العامّ ». ومع وحدات محصورة « العدد ». ومع واحدة معيّنة « المعرفة ». وغير معيّنة « النكرة ».
وأنت خبير بأنّ كون المطلق ما اريد به الحقيقة من حيث هي ينافي تعليق الأحكام بالأفراد دون الماهيّات ، ولذا قيل : « إنّه ما دلّ على شائع في جنسه » (١). أي على حصّة ممكنة الصدق على حصص كثيرة من الحصص المندرجة تحت مفهوم كلّي ، فيخرج ما ليس لحصّة محتملة ، كالمعارف بأسرها ؛ لأنّها إمّا أن تدلّ على فرد معيّن ، نحو : « زيد » و « هذا » ، أو على الحقيقة من حيث هي ، نحو : « الرجل » و « اسامة » ، أو على حصّة معيّنة ، مثل : ( فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ )(٢) أو على استغراق الأفراد وعمومها ، نحو : « الرجال » و « كلّ رجل » و « لا رجل » ، فالمطلق لا تعيين فيه بوجه. والمعارف فيها التعيين إمّا شخصا ، أو حقيقة ، أو حصّة ، أو استغراقا. هذا.
ويمكن توجيه ما هو الظاهر من كلام القوم بأنّ الأحكام لا يلزم أن تجري أوّلا على الأفراد ، بل اللازم أعمّ من ذلك ، فيمكن أن تجري عليها أوّلا وعلى الكلّيات باعتبارها ، فأيّ مانع أن يكون مدلول المطلق الماهيّة من حيث هي باعتبار وجودها.
فصل [٢]
لا خلاف في عروض العموم للألفاظ حقيقة ، وإنّما اختلفوا في عروضه للمعاني على أقوال : ثالثها : عروضه لها مجازا لا حقيقة (٣).
والحقّ ، أنّه إن اريد بالعموم استغراق اللفظ لمسمّياته ـ كما هو اصطلاح الاصوليّين (٤) ـ فهو من عوارض الألفاظ خاصّة ، وإن اريد به شمول مفهوم لأفراده ـ كما هو اصطلاح أهل النظر (٥) ـ فهو من عوارض المعاني خاصّة ، وإن اريد به شمول أمر لمتعدّد ، فهو من عوارضهما معا لغة وعقلا.
__________________
(١) قاله الشيخ حسن في معالم الدين : ١٥٠ ، والبهائي في زبدة الاصول : ١٤٣.
(٢) المزّمّل (٧٣) : ١٦.
( ٣ ـ ٤ ـ ٥ ). راجع منتهى الوصول لابن الحاجب : ١٠٢.