تذنيب
عدم دلالة النهي على الصحّة ممّا لا ينبغي الريب فيه بعد الإحاطة بما تقدّم. وبالغ أبو حنيفة والشيباني في دلالته عليها (١) ، وهو من المباحث المشهورة عند الحنفيّة ، واستدلّوا عليه بخيالات فاسدة لا ينبغي تدوينها في المصنّفات والتعرّض لها في المحاورات ؛ ولذا أعرض عنها الجماهير ، وأجمعوا على خلافهما (٢).
فصل [٢١]
الأمر والنهي متعلّقهما إمّا مطلق ، أو معيّن متجزّئ ، أو معيّن غير متجزّئ.
فعلى الأوّل يحصل الامتثال في الأمر بإيقاع جزئي من جزئيّاته ، ولا يحصل في النهي إلاّ بترك جميع أفراده ؛ لأنّ المطلق في جانب النهي كالنكرة المنفيّة في العموم ، فلو حلف على أكل رمّان تبرأ ذمّته بأكل واحد ، ولو حلف على تركه لم تبرأ إلاّ بترك جميع أفراده.
وعلى الثاني يشترط في امتثال الأمر الاستيعاب ، ويحصل الامتثال في النهي بالانتهاء عن البعض ؛ لأنّ الماهيّة المركّبة تنفى بانتفاء جزء منها ، فلو حلف على الصدقة بعشرة ، فلا يكفي البعض ، ولو حلف أن لا يأكل رغيفا ، أو علّق الظهار به لم يحنث بأكل بعضه ، بل الحنث والظهار يتوقّفان على الاستيعاب.
وعلى الثالث فلا فرق فيه (٣) بين الأمر والنهي ؛ لتوقّف امتثال الأمر على فعل هذا المعيّن ، والنهي على تركه ، كما لو حلف على فعل القتل أو تركه.
__________________
(١ و ٢) راجع المحصول ٢ : ٣٠٠.
(٣) أي في الامتثال.