الباب الثاني
في العامّ والخاصّ
اعلم أنّ العامّ قد حدّ بحدود ، أشهرها وأصوبها عندي أنّه : « اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بوضع واحد » ويخرج بقيد : « المستغرق لجميع ما يصلح له » جميع النكرات ـ مفردة كانت ، أو تثنية ، أو جمعا ـ وقيد الأخير ؛ لإدخال المشترك إذا استغرق جميع أفراد معنى واحد ، كلفظ « العين » إذا استغرق جميع أفراد الباصرة ، ولولاه للزم أن يشترط في عمومه استغراقه لجميع أفراد معانيه المتعدّدة ، وإدخال اللفظ الذي له معنى حقيقي ومجازي إذا استغرق جميع أفراد أحدهما ، ولولاه لزم أن يشترط في عمومه استغراقه لجميع أفراد مفهوميه معا.
وقيل : إنّه لإخراج المشترك والحقيقة والمجاز أيضا (١) ، إذا اريد من الأوّل جميع معانيه عند من يجوّزه ، ومن الثاني المعنى الحقيقي والمجازي عند من جوّز إرادتهما من اللفظ الواحد.
وفيه : أنّهما يخرجان بالقيد الأوّل ؛ لأنّ الأوّل يصلح لجميع أفراد جميع معانيه ، والثاني يصلح لجميع أفراد معنييه ، فإذا اريد من كلّ منهما بعض أفراد جميع معانيه لم يكن مستغرقا لجميع ما يصلح له.
واورد عليه بأنّه ينتقض عكسا بالجموع المعرّفة إن اريد من الموصول (٢) الجزئيّات ؛ لأنّها من صيغ العموم مع أنّها لا تستغرق جزئيّاتها ـ أي كلّ جمع جمع ـ بل تستغرق
__________________
(١) قاله الفخر الرازي في المحصول ٢ : ٣١٠.
(٢) والمراد به الموصول في التعريف في قوله : « ما يصلح له ».