الكلّي أو الفرد الخاصّ مطلوبا ، وإن قارنه المنهيّ عنه.
وأمّا في مثل : « الصلاة في المغصوبة » فالفرد الخاصّ بعينه ليس مرادا ، سواء كان جهة النهي نفسه ، أو وصفه المفارق ؛ لأنّ المنهيّ عنه في الأوّل ذات المعروض بنفسها ، وفي الثاني ذاته مع تحقّق الوصف حين تحقّقه ، والمأمور به الطبيعة المطلقة أو الفرد من حيث الذات إذا انفكّ عن الوصف الذي تعلّق به النهي لأجله. فالظاهر في مثله تقييد النهي للأمر ، وإفادته أنّ المأمور به هو الطبيعة بشرط عدم تحقّقها في ضمن هذا الفرد الخاصّ ، فإذا أتى المكلّف بهذا الفرد لم يأت بشرط المأمور به وأتى بنفسه في ضمنه. ولا فرق في ذلك بين أن يكون النهي خاصّا بالفرد الخاصّ ، بأن يقول : « لا تصلّ في الدار المغصوبة » ليتحقّق بين المأمور به والمنهيّ عنه عموم وخصوص مطلقا ، أو عامّا يشمله وغيره ، كأن يقول : « لا تتصرّف في المغصوبة » لأنّ المناط تعلّق النهي به ، سواء كان عامّا أو خاصّا.
ولنا على الثانية (١) : أنّ النهي لا يدلّ إلاّ على الحرمة ، وهي لا تستلزم الفساد السببي ، أي عدم ترتّب الآثار ؛ لأنّ ترتّبها وهو الصحّة لا ينافيها (٢) ، ولذا يترتّب على الوطء في الحيض آثاره الشرعيّة وهي لزوم المهر كملا ، والعدّة ، وصحّة النسب مع كونه حراما. ويترتّب على ارتداد الزوج المسلم آثاره ، أي بينونة زوجته ، وقسمة أمواله بين ورّاثه مع كونه محرّما ، ويحصل التطهير إذا وقع إزالة النجاسة بالماء المغصوب ، وغير ذلك.
وأيضا لو دلّ عليه ، لكانت (٣) إحدى الثلاث وكلّها منتفية. أمّا المطابقة والتضمّن ، فظاهر.
وأمّا الالتزام ، فلأنّ شرطه اللزوم العقلي أو العرفي ، وكلاهما مفقود ، ولذا يجوز النهي عن معاملة ـ والتصريح بترتّب آثارها عليها ـ لو وقعت من دون حصول تناف بين الكلامين.
ثمّ إنّ النهي في المعاملة كما لا يدلّ على الفساد فلا يدلّ على الصحّة أيضا ، فالحكم المنهيّ عنه لو لم يدلّ دليل على صحّته بعمومه أو خصوصه يحكم بفساده وإن قطع النظر عن النهي ؛ لأصالة بقاء الحكم السابق ؛ ولأنّ الصحّة السببيّة ـ وهي ترتّب الآثار ـ حكم شرعي
__________________
(١) أي الدعوى الثانية وهي عدم دلالة النهي على الفساد في المعاملات مطلقا.
(٢) أي الحرمة.
(٣) أي لكانت الدلالة.