ومن لوازم الصدق أيضاً عدم ترك المستحبات وعدم اتيان المكروهات لأنّه ما من أحد الاّ ويدّعي متابعة رضا الله وترك القبائح ، وهذا ما يقتضيه تصديق الجنة وعظمة الله ، وكونه مطلعاً على دقائق الأمور أيضاً ، كما لو كان الانسان عند عظيم فانّه لا يرتكب خلاف الآداب رعايةً لعظمته وتوقّعاً للنفع القليل منه ولا يترك عنده الأولى.
فحريّ بالانسان أن لا يرتكب أيّ خلاف وترك أولى عند ملك الملوك وأعظم العظماء كي يحصل له القرب أكثر ، وتنزل عليه فوائد ومنافع غير متناهية ، فكلّ خلاف وترك أولى بل أيّ توجه إلى غيره ينافي هذا التصديق.
انّ الانسان على الأقل يكرر في اليوم عشر مرّات في الصلاة ( اياك نعبد واياك نستعين ) فلو عصى معصية أو توجه إلى غير الله في أمر من الأمور واستعان بغيره لكان كاذباً في قوله ذلك ، وكذلك الرياء في العبادة امام الناس واتيانها بشرائطها ولكنه يكسل اذا خلى لنفسه.
وكذا اتيان سائر الأعمال غير الخالصة يكون من كذب الأفعال ، لأنّ الانسان بهذا العمل يظهر ما ليس متصفاً به ، فلو نظرنا بهذا المنظار لرأينا انّ جميع الأعمال والأخلاق ترجع إلى الصدق ، وقد مدح الله تعالى الصادقين مدحاً كثيراً ....
كما انّ الكذب أصل أكثر الصفات الذميمة ، ويظهر في كثير من الأخبار وقول بعض الأصحاب انّه من الذنوب الكبيرة ، ويظهر من بعض الأخبار حرمته كاذباً وجاداً وهازلاً.
وينبغي أن يعلم هنا أن من الصدق ما هو قبيح ومن الكذب ما هو حسن بل واجب ، فلو سبّب الصدق ضرراً على مؤمن أو قتل نفس محترمة لكان حراماً ، كما