[ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي ذر رحمهالله ] :
يا أباذر انّ الله عزّوجلّ يقول : اني لست كلام الحكيم أتقبّل ، ولكن همّه وهواه ، فإن كان همّه وهواه فيما أحبّ وأرضى جعلت صمته حمداً لي ووقاراً وإن لم يتكلم.
يا أباذر انّ الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
يا أباذر التقوى هاهنا ـ وأشار إلى صدره ـ
اعلم انّ مفاد هذه الكلمات قد تكرر سابقاً في بيان النية وغيرها ، وذلك انّ أصل الذكر والشكر والحمد والحكمة والمعرفة والتقوى شيء واحد وهو في قلب الانسان ، فالحكمة الجارية على اللسان من دون اتصاف بها لا تكون الاّ رياء وسمعة ولم تكن لله تعالى ، أما لو كان متصفاً بها وصارت من جبّلته فحينئذٍ يكون كلامه حكمة ، وقوله نافعاً للناس ، وصمته وقاراً ، وأفعاله وأطواره وعظاً للناس.
وتتكلّم جميع أعضائه وجوارحه بالحكمة ، وتنبع من قلبه عيون الحكمة وتجري على لسانه وجوارحه ، ويصل فيضها إلى العالمين ، ويهتدى أناس برؤيته كما ورد في الأحاديث المعتبرة بأنّه كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم بل بأعمالكم الصالحة المأتيّ بها لله.
وكذلك التقوى الحقيقية فهي ما نبع من صميم القلب ، وكان سببه في السرّ والجهر كمال الايمان ، وتصديق عظمة الله ، وتصديق الآخرة ، وغاية درجة الخوف والرجاء ، أما لو كان خوفاً من تشنيع الخلق أو سائر الأغراض الفاسدة فيترك