وجيد عاطل.
فاتعظوا عباد الله بالعبر [ واعتبروا بالايات والاثر ] وازدجروا بالنذر [ وانتفعوا بالمواعظ ] فكأن قد علقتكم مخالب المنية [ وأحاطت بكم البلية وضمكم بيت التراب ] ودهمتكم مفظعات الامور بنفخة الصور ، وبعثرة القبور وسياقة المحشر ، وموقف الحساب في المنشر ، وبرز الخلائق حفاة عراة ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، ونوقش الناس على القليل والكثير ، والفتيل والنقير (١) وأشرقت الارض بنور ربها ، ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون « فارتجت (٢) لذلك اليوم البلاد ، وخشع العباد وناد المناد من مكان قريب ، وحشرت الوحوش ، وزوجت النفوس [ مكان مواطن الحشر ، وبدت الاسرار ، وهلكت الاشرار ، وارتجت الافئدة ، فنزلت بأهل النار من الله سطوة مجيحة ، وعقوبة منيحة (٣) ] وبرزت الجحيم ، لها كلب ولجب ، وقصيف رعد (٤) وتغيظ ووعيد ، قد تأجج جحيمها (٥) وغلا حميمها.
فاتقوا الله عباد الله تقية [ من كنع فخنع ] (٦) وجل و [ رحل ] وحذر فأبصر وازدجر ، فاحتث طلبا (٧) ونجا هربا ، وقدم للمعاد ، واستظهر من الزاد وكفى بالله منتقما ، وبالكتاب خصيما [ وحجيجا ] ، وبالجنة ثوابا [ ونعيما ] وبالنار وبالا وعقابا ، وأستغفر الله لي ولكم.
____________________
(١) النقير. النكتة في ظهر النواة. وهو كناية عن القليل.
(٢) ارتج البحر : اضطراب.
(٣) المجيحة : المهلكة والمستأصلة ـ والمنيحة أى الشديدة المحرقة.
(٤) الكلب : الشدة ، واللجب : صوت الهياج واضطراب الامواج. وقصيف الرعد :
شدة صوته. (٥) التأجج : التلهب والاضطرام.
(٦) كنع أى جبن وهرب. وخنع أى خضع وذل. وجل أى خرج من بلده.
(٧) احتث على الامر واحتثه : حضه ونشطه على فعله.