عبد خير قال : قال لي أميرالمؤمنين عليهالسلام : ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلملك [ وأن تباهي الناس بعبادة ربك ، فإن أحسنت حمدت الله ، وإن أسأت استغفرت الله ]. ولا خير في الدنيا إلا لاحد رجلين : رجل أذنب ذنبا فهو يتدارك ذلك بتوبة ، أو رجل يسارع في الخيرات. ولا يقل عمل في تقوى ، وكيف يقل ما يتقبل.
٢ ـ وقال أبونعيم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال : كتب إلي أحمد بن إبراهيم بن هشام الدمشقي حدثنا أبوصفوان القاسم بن يزيد بن عوانة ، عن ابن حرث ، عن ابن عجلان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام قال : شيع أمير المؤمنين عليهالسلام جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها (١) وبكوا فقال : ما تبكون؟ أما والله لوعاينوا ما عاين ميتهم لاذهلهم ذلك عن البكاء عليه أما والله إن له إليهم لعودة ، ثم عودة ، حتى لا يبقي منهم أحدا ، ثم قام فيهم فقال :
اوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الامثال ، ووقت لكم الاجال ، وجعل لكم أسماعا تعي ما عناها [ وأبصارا لتجلوا عن غشاها ] وأفئدة تفهم مادها ها [ في تركيب صورها وما أعمرها ] فإن الله لم يخلقكم عبثا ، ولم يضرب عنكم الذكر صفحا ، بل أكرمكم بالنعم السوابغ [ وأرفدكم بأوفر الروافغ ، وأحاط بكم الاحصاء ، وأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء ].
فاتقوا الله عباد الله ، وجدوا في الطلب ، وبادروا بالعمل قبل [ مقطع النهمات (٢) و ] هاذم اللذات (٣) ومفرق الجماعات ، فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجائعها ، غرور حائل [ وشبح فائل (٤) ] ، وسناد مائل ، ونعيم زائل.
____________________
(١) عج يعج عجا : صاح ورفع صوته.
(٢) النهمة : بلوغ الهمة والشهوة في الشئ ، يقال «له في هذا الامر نهمة» أى شهوة و «قضى منه نهمته» أى شهوته.
(٣) الهاذم بالذال المعجمة بمعنى الهادى ويستعمل مع الموت.
(٤) الشبح : الشخص. وما ينظر بالعين من ابل وغنم وبناء. والفائل ـ فاعل عن فال يفيل رأيه : أخطأ وضعف.