٨ ـ ومن خطبة له عليهالسلام (١)
الحمدلله الذي بطن خفيات الامور (٢) ودلت عليه أعلام الظهور ، وامتنع على عين البصير فلا قلب من لم يره ينكره ، ولا عين من أثبته تبصره ، سبق في العلو فلا شئ أعلا منه ، وقرب في الدنو فلا شئ أقرب منه ، فلا استعلاؤه باعده عن شئ من خلقه ، ولا قربه ساواهم في المكان به ، لم يطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الذي تشهدله أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود (٣) تعالى الله عما يقول المشبهون به والجاحدون له علوا كبيرا.
٩ ـ ومن خطبة له عليهالسلام (٤)
الحمدلله الذي لم تسبق له حال حالا (٥) فيكون أولا قبل أن يكون آخرا ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا (٦) وكل مسمى بالوحدة غيره قليل (٧) وكل عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجزه ، وكل سميع غيره يصم عن لطيف الاصوات ويصمه كبيرها ، ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الالوان ولطيف الاجسام ، وكل ظاهر غيره غير باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر ، لم يخلق
____________________
(١) النهج تحت رقم ٤٩.
(٢) بطنت الامر أى عرفت باطنه.
(٣) الجحود : الانكار مع العلم ، وظاهر الكلام أن انكار الجاهد مقصور على اللسان ولا ينكر أحد وجود الصانع بالقلب لظهور الادلة.
(٤) النهج تحت رقم ٦٣.
(٥) لانه سبحانه ليس زمانيا وكذلك صفاته التى هى عين ذاته فلا يلحقها التقدم والتأخر.
(٦) أى العالم ببواطن الاشياء.
(٧) أى متصف بالقلة. ووصف غيره سبحانه بالوحدة تقليل له وفى ذاته تعالى مشعر بعلو الذات عن التركيب المشعر بلزوم الانحلال وتفردها بالعظمة والسلطان.