ما خلقه لتشديد سلطان ، ولا تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على ند مثاور ولا شريك مكاثر (١) ، ولا ضد منافر ، ولكن خلايق مربوبون ، وعباد داخرون ، لم يحلل في الاشياء فيقال هو فيها كائن ، ولم ينأعنها فيقال هو منها بائن ، لم يؤده خلق ما ابتدأ (٢) ، ولاتدبير ما ذرأ ، ولا وقف به عجز عما خلق ، ولا ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدر ، بل قضاء متقن وعلم محكم وأمر مبرم (٣) المأمول مع النقم ، المرهوب مع النعم.
١٠ ـ ومن خطبة له عليهالسلام (٤) الحمدلله المعروف من غير رؤية ، والخالق من غير روية(٥) الذي لم يزل قائما دائما إذلا سماء ذات أبراج ، ولا حجب ذات أرتاج ، ولا ليل داج ، ولا بحرساج (٦) ولاجبل ذوفجاج ، ولا فج ذواعو جاج ، ولا أرض ذات مهاد (٧) ، ولا خلق ذو اعتماد ، ذلك مبتدع الخلق ووارثه ، وإله الخلق ورازقه ، والشمس والقمر دائبان في مرضاته ، يبليان (٨) كل جديد ، ويقر بان كل بعيد ، قسم أرزاقهم ، و أحصى آثارهم وأعمالهم ، وعدد أنفاسهم ، وخائنة أعينهم ، وما تخفي صدورهم من
____________________
(١) الند المثل والنظير. والمثاور : المواثب والمحارب. والشريك المكاثر أى المفاخر بالكثرة والذى يريد الغلبة بالكثرة. والمنافرة أيضا المفاخرة.
(٢) آده الامر أى أثقله.
(٣) أبرم الحبل أى جعله طاقين ثم فتله.
(٤) النهج تحت رقم ٨٨.
(٥) الروية الفكر وامعان النظر.
(٦) الارتاج جمع رتج ـ بالتحريك ـ أى الباب العظيم. والداجى : المظلم. و الساجى : الساكن. والفجاج : جمع فج وهو الطريق الواسع بين جبلين.
(٧) المهاد ـ ككتاب ـ : الفراش.
(٨) دئب عمله اذا جد وتعب. وابلا ؤهما كل جديد انه يبلى بمضى الايام والشهور وكذلك تقريبهما كل بعيد.