بحلم ، وجرعة مصيبة يردها بصبر (١).
بيان : « يردها » هذا على التمثيل كأن المغتاظ الذي يريد إظهار غيظه فيدفعه ولايظهره لمنافعه الدنيوية والاخروية كمن شرب دواء بشعا لايقبله طبعه ويريد أن يدفعه فيتصور نفع هذا الدواء فيرده ، وكذا الصبر عند البلاء وترك الجزع يشبه تلك الحالة ، ففيهما استعارة تمثيلية ، والفرق بين الكظم والصبر أن الكظم فيما يقدر على الانتقام ، والصبر فيما لايقدر عليه.
٢٨ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عمن حدثه ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال لي أبي : يابني مامن شئ أقر لعين أبيك من جرعة غيظ عاقبتها صبر ، ومايسرني أن لي بذل نفسي حمر النعم (٢).
بيان : « مامن شئ » ما « نافيه و » من « زائدة للتصريح بالتعميم ، وهو مرفوع محلا لانه اسم » ما « وأقر » خبره ، واللام في « لعين » للتعدية ، قال الراغب : قرت عينه تقر سرت ، قال تعالى : « كي تقر عينها » (٣) وقيل لمن يسر به : قرة عين ، قال تعالى : « قرة عين لي ولك » (٤) قيل : أصله من القرأي البرد فقرت عينه قيل : معناه بردت فصحت ، وقيل : بل لان للسرور دمعة [ باردة ] قارة وللحزن دمعة حارة ، ولذلك يقال فيمن يدعى عليه : أسخن الله عينه وقيل : هو من القرار ، والمعنى أعطاه الله ماتسكن به عينه ، فلاتطمح إلى غيره (٥).
قوله عليهالسلام : « عاقبتها صبر » كأن المراد بالصبر الرضا بكظم الغيظ والعزم على ترك الانتقام أو المعنى أنه يكظم الغيظ بشدة ومشقة إلى إن ينتهي إلى درجة الصابرين ، بحيث يكون موافقا لطبعه غير كاره له ، وهذا من أفضل صفات المقربين وقيل : إشارة إلى أن كظم الغيظ إنماهو مع القدرة على الانتقام
___________________
(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ١١٠.
(٣) طه : ٤٠.
(٤) القصص : ٩.
(٥) مفردات غريب القرآن ٣٩٨.