يرسل المائيّة إلى المثانة . ولكلّ منهما عنق متّصل بالأجوف من الكبد ليجذب المائيّة وآخر متّصل بالمثانة ليرسل مائيّته إليها . ووضعت اليمنى أرفع من اليسرى ليكون أقرب من الكبد .
وإنّما جعلت زوجاً لكثرة المائيّة وتضييق المكان على الكبد والأعور والطحال والقولون إن جعلت واحدة في أحد الجانبين وكان مع ذلك لا يستوي القامة بل تكون مائلة إلى جهتها ، أو على المعدة والأمعاء إن جعلت في الوسط وكان مع ذلك يمنع الانحناء إلى قدّام . على أنّ كلّ عضو من الحيوان خلق زوجاً ، والّذي لا يرى زوجاً فهو ذو شقّين ، كما يظهر بالتأمّل فيما مرّ ، وقد قال سبحانه « وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) » .
وأما المثانة فهي عصبانيّة مخلوقة من عصب الرباط ليكون أشدَّ قوّة ووثاقة ومع القوّة قابلة للتمدّد . وهي ككيس بلوطيّ الشكل طرفاه أضيق ووسطه أوسع مبطن بغشاء ، منتسج من الأصناف الثلاثة والليف ليقوم بإتمام الأفعال الثلاثة (٢) وهي (٣) ذات طبقتين ، والبطانة ضعف الظهارة عمقاً وغلظاً ، لأنّها هي الملامسة للمائيّة الحادّة ، وهي القائمة بالأفعال الثلاثة (٤) ، والظهارة وقاية لها لئلّا تنفسخ عند ارتكازها وتمدّدها . وهي موضوعة بين الدرز والعانة ، وشأنها أن تكون وعاءً للبول ومقبضة له إلى أن يخرج دفعة واحدة بالاختيار والإرادة ، فيستغني الإنسان بذلك عن مواصلة الإدرار ، كالمعاء للثفل .
والبول يأتيها من منفذي الكليتين كما مرّ ، والمنفذان إذا بلغا إليها خرقا إحدى طبقتيها ومرّا فيما بين الطبقتين في طولهما ، ثمّ يغوصان في الطبقة الباطنة مفجّرين إيّاه إلى تجويف المثانة إليها حتّى إذا امتلأت وارتكزت انطبقت البطانة
__________________
(١) الذاريات : ٤٩ .
(٢) أي الطويل والعريض والمورب ( منه ) .
(٣) فهي ( خ ) .
(٤) أي الجذب والامساك والدفع ( منه ) .