يتشعّب فيتّصل بالأمعاء العليا وبأسفل المعدة ، وبه تندفع أجزاء من الصفراء إليها لغسلها عن الفضول ، وتنبيهها على الحاجة والنهوض للتبرّز كما مرّ . وليست المرارة لبعض الحيوانات كالإبل لأنّ معاءه مرّ جدّاً كأنّه مفرغة للمرّة ، ولذلك لا تأكلها الكلاب ما لم تضطرّ جوعاً ، وكذلك الفرس والبغل .
وأما الطحال فهو عضو لحميٌّ مستطيل على شكل اللسان متّصل بالمعدة من يسارها إلى خلف حيث الصلب ، مهندماً مقعّره على محدّب المعدة ، مرتبطاً بها بعرق يصل بينهما ويوثقه شعب كثيرة العدد صغيرة المقادير تتشعّب من الصفاق وتتّصل به وتتفرّق فيه . وحدبته تلي الأضلاع تستند بأغشيتها ، لأنّه ليس متعلّقاً بها برباطات كثيرة قويّة بل بقليلة ليفيّة .
ومن هذا الجانب تأتيه العروق الساكنة والضاربة الكثيرة لتسخّنه ويقاوم برد السوداء المندفعة إليه ويهضمها . ولحميّته متخلخل ليسهل قبوله الفضول السوداوية . وله عنق يتّصل بمقعّر الكبد حيث يتّصل عنق المرارة ، به ينجذب (١) السوداء من الكبد وعنق آخر ينبت من باطنه متّصل بفم المعدة به يدفع السوداء إليها . ويغشيه غشاء نبت من الصفاق كما مرّ ، وشأنه أن يكون مفرغة للسوداء الطبيعيّ كما دريت . وليس لبعض الحيوانات ، والّذي للجوارح منها صغير .
وأما الكليتان فكلّ واحدة منهما مثل نصف دائرة ، محدّبها يلي الصلب لتسهل الانحناء إلى قدّام . ولحمها لحم ملزَّز (٢) ليكون قويَّ الجوهر غير سريع الانفعال عمّا ينجذب إليها من المائيّة الحادّة الّتي يصحبها خلط حادّ ، وليقدر على إمساك المائيّة ريثما يتميّز عنها الدم ليغتذي به ، وليقدر الإنسان بسبب قدرة الكلية على هذا الإمساك على إمساك البول إلى وقت اختياره ، وليمنع عن نشف غير الرقيق وجذبه ولتدورك بتلزيزه ما وجب من صغر حجمه . وفي باطن كلّ واحد منهما تجويف يجتمع فيه ما يتحلّل إليها لتميّز قوّتها الغاذية الدمويّة من المائية وتصرفها إلى غذائها ، ثمّ
__________________
(١) يجذب ( خ ) .
(٢) اي شديداً لصيقاً .