لها من جهة الروح المودعة فيهما . وفي أقصى الأنف مجريان إلى المأقين ، (١) ولذلك قد يتأدّى طعم الكحل إلى اللّسان .
وإنّما خلق الأنف على هذه الهيئة ليعين بالتجويف اّلذي يشتمل عليه في الاستنشاق حتّى ينحصر فيه هواء كثير ، وليعتدل فيه الهواء قبل النفوذ إلى الدماغ وليجمع الهواء الّذي يطلب منه الشمّ أمام آلة التشمّم ليكون الإدراك أكثر ، وليعين في تقطيع الحروف ، وتسهيل إخراجها لئلّا يزدحم الهواء كلّه عند الموضع الّذي يحاول فيه تقطيع الحروف ، وليكون للفضول المندفعة من الرأس ستراً ووقاية عن الأبصار وآلة معينة على نفضها بالنفخ .
ومنفعة غضروفيّة الطرفين بعد المنفعة المشتركة للغضاريف أن ينفرج ويتوسّع إن احتيج إلى فضل استنشاق ونفخ ، وليعين في نفض البخار (٢) باهتزازهما عند النفخ وانتفاضهما وارتعادهما . ومنفعة الوسطانيّ أن يفصل الأنف إلى منخرين حتّى إذا نزلت من الدماغ فضلة نازلة مالت في الأكثر إلى أحدهما ولم يسدّ جميع طريق الاستنشاق .
وأما الاسنان فستّة عشرة سنّاً في كلّ لحي ، منها ثنيّتان ورباعيّتان للقطع ، ونابان للكسر ، وخمسة أضراس يمنة ويسرة للطحن . ولأكثرها مدخل في تقطيع الحروف وتبيينها وربما نقصت الأضراس فكانت أربعاً بانعدام الأربعة الطرفانيّة المسمّاة بالنواجد ، وهي تنبت في الأكثر بعد البلوغ إلى قريب من ثلاثين سنة ، ولهذا تسمّى أسنان الحلم .
وللأسنان أصول هي رؤس محدّدة ترتكز في ثقب العظام الحاملة لها من الفكّين ، وتنبت على حافة كلّ ثقب زائدة مستديرة عليها عظميّة تشتمل على السنّ وهناك روابط قويّة . وأصول الأضراس الّتي في الفكّ الأعلى ثلاثة ، وربما كانت ـ وخصوصاً للناجدين ـ أربعاً ، والّتي في الفكّ الأسفل لها أصلان ، وربما كانت ـ و
__________________
(١) المأق : طرف العين مما يلى الانف وهو مجرى الدمع .
(٢) النخاعة ( ظ ) .