وله زائدتان شبيهتان بحلمتي الثدي يبلغان إلى العظم الكثير الثقب الشبيه بالمصفّى في موضعه من القحف حيث ينتهي إليه أقصى الأنف ، فيهما حسّ الشمّ ، وبهما يندفع الفضول من هذا البطن المقدّم إلى العظم المذكور وينزل منه إلى الخيشوم بالعطاس .
وأمّا فضول البطنين الآخرين فتندفع إلى العظم المثقب الّذي تحت الحنك والبطن المقدّم هو موضع انجذاب الهواء إلى الدماغ ، والهواء بعد مكثه في البطون وتغيّره إلى المزاج الدماغيّ يصير روحاً نفسانيّاً ، وكثيراً ما يزيد على ما تسعه البطون فيصعد إلى بطون للدماغ تسمّى بالتزاريد ، ويستحيل فيها إلى المزاج الدماغيّ وإلى صلوحه له .
والزرد الموضوع من جانبي البطن الأوسط يتمدّد تارة ويتقلّص اُخرى مثل الدودة ، ويسمّى بها كما يسمّى هذا البطن أيضاً لأنّ بتمدّده يستطيل هو وينتظم معه ، وبتقلّصه يستعرض وينفرج عنه ، والأوّل حركة الانقباض ، بها يندفع الفضلة والثاني حركة الانبساط بها تتأدّى صور المدركات إلى القوّة الحافظة بتقدير العزيز الحكيم .
ثمّ إنّه تعالى قد جلّل الدماغ بغشائين : رقيق ليّن ملاصق [ له ] ومخالط في مواضع ، وغليظ صلب فوقه ملاصق للقحف وله في أمكنة منه ، وهو مثقب ، ثقباً كثيرة في موضعين عند العظم الشبيه بالمصفّى والعظم الّذي في الحنك لاندفاع الفضول ، ويتشعّب منه شعب دقاق يصعد من دروز القحف إلى ظاهر يتشبّث أوّلاً الغشاء بالقحف بتلك الشعب فيتجافى بها عن الدماغ ويرتفع ثقله عنه ثمّ ينسج من تلك الشعب على ظاهر القحف غشاء يجلّله .
ويتوسّط أيضاً جزئي
الدماغ المقدّم والمؤخّر حجابٌ لطيف يحجب الجزء الألين عن مماسّة الأصلب . وتحت الدماغ بين الغشاء الغليظ والعظم نسجة شبيهة بالشباك الكثيرة الّتي اُلقيت بعضها على بعض حصلت من الشرايين الصاعدة إلى الرّأس من القلب والكبد ، ويخرج منها عرقان فيدخلان الغشاء الصلب ويتّصلان بالدماغ