.................................................................................................
______________________________________________________
ويعصوني ، فيخلطون أعمالهم السيئة بأعمال حسنة ، فهؤلاء أمرهم إلى إن شئت عذبتهم فبعدلي ، وإن شئت عفوت عنهم فبفضلي ، فأنبأه الله تعالى بما يكون من ولده وشبههم بالذر الذي أخرجهم من ظهره ، وجعله علامة على كثرة ولده ، ويحتمل أن يكون ما أخرجه من ظهره وجعل أجسام ذريته دون أرواحهم ، وإنما فعل الله تعالى ذلك ليدل آدم عليهالسلام على العاقبة منه ، ويظهر له من قدرته وسلطانه وعجائب صنعته ، وأعلمه بالكائن قبل كونه ، وليزداد آدم عليهالسلام به يقينا بربه ، ويدعوه ذلك إلى التوفر على طاعته ، والتمسك بأوامره ، والاجتناب لزواجره.
فأما الأخبار التي جاءت بأن ذرية آدم عليهالسلام استنطقوا في الذر فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي من أخبار التناسخية وقد خلطوا فيها ومزجوا الحق بالباطل والمعتمد من إخراج الذرية ما ذكرناه دون ما عداه مما استمر القول به على الأدلة العقلية والحجج السمعية ، وإنما هو تخليط لا يثبت به أثر على ما وصفناه.
« فصل » فإن تعلق بقوله تبارك اسمه : « وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ » فظن بظاهر هذا القول تحقق ما رواه أهل التناسخ والحشوية والعامة في إنطاق الذرية وخطابهم وأنهم كانوا أحياء ناطقين؟ فالجواب عنه : أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كنظائرها مما هو مجاز واستعارة ، والمعنى فيها أن الله تبارك وتعالى أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم وظهور ذريته العهد عليه بربوبيته من حيث أكمل عقله ودله بآثار الصنعة على حدثه ، وأن له محدثا أحدثه لا يشبهه ، يستحق العبادة منه بنعمة عليه ، فذلك هو أخذ العهد منهم وآثار الصنعة فيهم والإشهاد لهم على أنفسهم بأن الله تعالى ربهم