عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه
______________________________________________________
بالضم الغصن المتفرع منها ، وقيل : الشعبة ما بين الغصنين والقرنين ، والطائفة من الشيء وطرف الغصن ، والمراد هنا فروع الصبر وأنواعه أو أسباب حصوله « على الشوق والإشفاق » وفي سائر الكتب والشفق والزهد ، وفي المجالس والزهادة والترقب ، الشوق إلى الشيء نزوع النفس إليه وحركة الهوى ، والشفق بالتحريك : الحذر والخوف كالأشفاق ، والزهد ضد الرغبة « والترقب » الانتظار أي انتظار الموت ومداومة ذكره وعدم الغفلة عنه ، ولما كان الصبر أنواع ثلاثة كما سيأتي في بابه الصبر عند البلية والصبر على مشقة الطاعة ، والصبر على ترك الشهوات المحرمة ، وكان ترك الشهوات قد يكون للشوق إلى اللذات الأخروية ، وقد يكون للخوف من عقوباتها جعل بناء الصبر على أربع ، على الشوق إلى الجنة ، ثم بين ذلك بقوله :
فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات أي نسيها وصبر على تركها ، يقال : سلا عن الشيء أي نسيه ، وسلوت عنه سلوا كقعدت قعودا أي صبرت ، وعلى الإشفاق عن النار ، وبينها بقوله : ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، وفي المجالس والتحف عن الحرمات ، وفي النهج اجتنب المحرمات ، ويمكن أن تكون الشهوات المذكورة سابقا شاملة للمكروهات أيضا.
وعلى الزهد وعدم الرغبة في الدنيا وما فيها من الأموال والأزواج والأولاد وغيرها من ملاذها ومألوفاتها ، وبينها بقوله : ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب ، وفي بعض النسخ والكتابين : المصيبات. وفي النهج : استهان بالمصيبات أي عدها سهلا هينا واستخف بها ، لأن المصيبة حينئذ بفقد شيء من الأمور التي زهد عنها ولم يستقر في قلبه حبها وعلى ارتقاب الموت وكثرة تذكره وبينها بقوله : ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات ، وفي الكتابين ومن ارتقب ، وفي النهج : في الخيرات.
ثم إن تخصيص الشوق إلى الجنة والإشفاق من النار بترك المشتهيات والمحرمات مع أنهما يصيران سببين لفعل الطاعات أيضا إما لشدة الاهتمام بترك المحرمات