من قدم الله قلت أخبرني عما ندب الله عز وجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان فقال قول الله عز وجل : « سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ » (١) وقال « السَّابِقُونَ
______________________________________________________
كان زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبالأواخر من كان بعد ذلك ، ويكون سبب فضل الأوائل صعوبة قبول الإسلام وترك ما نشأوا عليه في تلك الزمن ، وسهولته فيما بعد استقرار الأمر وظهور الإسلام وانتشاره في البلاد ، مع أن الأوائل سبب لاهتداء الأواخر إذ بهم وبنصرتهم استقر ما استقر وقوي ما قوي وبأن ما استبان والله المستعان ، انتهى.
قوله : أخبرني عما ندب الله ، لما دل كلامه عليهالسلام سابقا على أنه تعالى طلب منهم الاستباق إلى الإيمان سأله الراوي عن الآيات الدالة عليه. « سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ » كذا في سورة الحديد ، وفي سورة آل عمران : « وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) وكان مقتضى الجمع بين الآيتين أن المراد بالمسارعة المسابقة ، أي سارعوا مسابقين إلى سبب مغفرة من ربكم من الإيمان والأعمال الصالحة « وَجَنَّةٍ » أي إلى جنة « عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ » وفي آل عمران « عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ».
قال المحقق الأردبيلي قدسسره : كنى بالعرض عن مطلق المقدار وهو متعارف ، ونقل على ذلك الإشعار في مجمع البيان ، أو لأنه لما علم أن عرضه الذي هو أقل من الطول عرفا في غير المساوي علم أن طوله أيضا يكون إما أكثر أو مثله.
وقال القاضي : ذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريق التمثيل لأنه دون الطول ، وعن ابن عباس كسبع سماوات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض ، وظاهر الآية وجوب المسارعة أو رجحانها إلى الطاعة الموجبة للدخول في الجنة وأعظمها الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والترقي إلى مقاماتها العالية.
« أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ » ظاهر هذه الآية وغيرها من الآيات
__________________
(١) سورة الحديد : ٢١.
(٢) الآية : ١٣٣.