.................................................................................................
______________________________________________________
وحينئذ فيبقى محل النزاع هل يقبل كما لها الزيادة والنقصان ، وأنت خبير بأن هذا مما لا يختلف في صحته اثنان ، وقد ذكر بعض العلماء أن هذا النزاع إنما يتمشى على قول من جعل الطاعات من الإيمان.
وأقول : الذي يقتضيه النظر أنه لا يتمشى على قولهم أيضا ، وذلك أن ما اعتبروه في الإيمان من الطاعات إما أن يريدوا به توقف حصول الإيمان على جميع ما اعتبروه أو عليه في الجملة ، وعلى الأول يلزم كون حقيقته واحدة ، فإذا ترك فرضا من تلك الطاعات يخرج من الإيمان وعلى الثاني يلزم كون ما يتحقق به الإيمان من تلك الطاعات داخلا في حقيقته وما زاد عليه خارجا فتكون واحدة على التقديرين ، فليس الزيادة والنقصان إلا في الكمال على جميع الأقوال ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وقال شارح المقاصد : ظاهر الكتاب والسنة وهو مذهب الأشاعرة والمعتزلة والمحكي عن الشافعي وكثير من العلماء أن الإيمان يزيد وينقص ، وعند أبي حنيفة وأصحابه وكثير من العلماء وهو اختيار إمام الحرمين أنه لا يزيد ولا ينقص لأنه اسم للتصديق البالغ حد الجزم والإذعان ولا يتصور فيه الزيادة والنقصان ، والمصدق إذا ضم الطاعات إليه أو ارتكب المعاصي فتصديقه بحاله لم يتغير أصلا وإنما يتفاوت إذا كان اسما للطاعات المتفاوتة قلة وكثرة ، ولهذا قال الإمام الرازي وغيره : إن هذا الخلاف فرع تفسير الأيمان ، فإن قلنا : هو التصديق فلا يتفاوت ، وإن قلنا هو الأعمال فمتفاوت.
وقال إمام الحرمين : إذا حملنا الإيمان على التصديق فلا يفضل تصديق تصديقا كما لا يفضل علم علما ومن حمله على الطاعة سرا وعلنا وقد مال إليه القلانسي فلا يبعد إطلاق القول بأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ونحن لا نؤثر هذا ، ثم قال : ولقائل أن يقول : لا نسلم أن التصديق لا يتفاوت بل يتفاوت قوة وضعفا كما في التصديق