.................................................................................................
______________________________________________________
لا يخفى ، وبذلك يسهل الخطب في الحكم بإيمان أكثر العوالم الذين لا يتيسر لأنفسهم الاتصاف بالعلم الذي لا يقبل تشكيك المشكك ، فإن علم الطمأنينة متيسر لكل واحد ، وعلى هذا فيكون ما تشعر النفس به من الازدياد في التصديق والاطمئنان عند ما تشاهده من برهان أو عيان ، إنما هو انتقال في أفراد تلك الحقيقة وتبدل واحد بآخر ، والحقيقة واحدة.
لا يقال : أفراد الحقيقة الواحدة لا تنافي الاجتماع في القوة العاقلة فإن أفراد الحيوان والإنسان يصلح اجتماعها في القوة العاقلة وما نحن فيه ليس كذلك ، إذ لا يمكن اتصاف الحصول بنفس علم الطمأنينة وعلم اليقين في حالة واحدة لتضادهما وبهذا يزول الأول بحصول الثاني فلا يكون ما ذكرت أفراد حقيقة واحدة بل حقائق.
قلت : لا نسلم أن أفراد كل حقيقة يصح اجتماعها في الحصول عند القوة العاقلة ، بل قد لا يصح ذلك لما بينها من التضاد كما في البياض والسواد فإنها فردان لحقيقة واحدة هي اللون مع عدم صحة اجتماعهما في محل واحد لا خارجا ولا ذهنا.
بقي هيهنا شيء وهو أنه لا ريب في تحقق الإيمان الشرعي بالتصديق الجازم الثابت وإن أخل المتصف به ببعض الطاعات ، وقارف بعض المنهيات عند من يكتفي في حصول الإيمان بإذعان الجنان ، وإذا كان الأمر كذلك فلا معنى للنزاع عند هؤلاء في أن حقيقة الإيمان هل تقبل الزيادة والنقصان ، إذ لو قبلت شيئا منهما لم تكن واحدة بل متعددة ، لأن القابل غير المقبول ، والعارض غير المعروض فإن دخل الزائد في مفهوم الحقيقة بحيث صار ذاتيا لها تعددت وتبدلت ، وكذا الناقص إذا خرج عنها فلا تكون واحدة ، وقد فرضناها كذلك ، هذا خلف ، وإن لم يدخل ولم يخرج شيء منهما كانت واحدة من غير نقصان وزيادة فيها بل هما راجعان إلى الكمال وعدمه