كيف ذلك قال إن الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها وفرقه عليها فليس من جوارحهم جارحة إلا وهي موكلة من الإيمان بغير ما وكلت به أختها فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره ومنها يداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي الباه من قبله ولسانه الذي ينطق به الكتاب
______________________________________________________
بينه ، الأصح بين ، وقوله : المنتهى نقصانه ، كان البين نقصانه أصح ، وقوله : لا تورد على بناء المجهول والأصح لا ترد كما في بعض النسخ هنا أيضا.
قوله : ينطق به الكتاب يظهر مما مر أنه سقط هنا نحو من سطرين ، من ينطق به إلى ينطق به ، ويمكن أن يتكلف في تصحيح ما في النسخ بأن يقال من عمل اللسان أن ما يكتب في الكتب يصير متلفظا به ، فكان الكتاب ينطق بسبب اللسان كما قال تعالى : « هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ » (١) و « يشهد » على بناء المفعول « به » أي بالكتاب « عليها » أي على اللسان بتأويل الجارحة ، وفي المصباح قال الفراء : لم أسمع اللسان من العرب إلا مذكرا ، وقال أبو عمرو بن العلاء : اللسان يذكر ويؤنث ، انتهى.
وقد صرح في المغرب أيضا بأنه يذكر ويؤنث ، أو المراد باللسان عند إرجاع الضمير الكلمات الصادرة عنه ، فلذا أنت قال الجوهري : اللسان جارحة الكلام وقد يكنى بها عن الكلمة فيؤنث حينئذ ، انتهى.
ففيه استخدام ، ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب أولا كتاب الأعمال ، ويمكن إرجاع ضمير به إلى اللسان وضمير عليها إلى الجوارح ، أي تؤاخذ الجوارح بما يشهد اللسان عليها.
كل ذلك خطر بالبال وإن كان كل منها لا يخلو من بعد ، وقيل : الظاهر
__________________
(١) سورة الجاثية : ٢٩.