حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ » (١) ثم استثنى الله عز وجل موضع النسيان فقال « وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ » (٢) وقال « فَبَشِّرْ عِبادِ
______________________________________________________
الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في أهله فقم من عنده ولا تقاعده ، قال الراغب : والخوض الشروع في الماء والمرور فيه ، يستعار في الأمور وأكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه ، وتتمة الآية « إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً » والاستثناء في سورة الأنعام حيث قال : « وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ » (٣) الآية ويحتمل أن يكون قوله تعالى : « وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ » إشارة إلى ما نزل في سورة الأنعام ، فهذه الآية كالتفسير لتلك الآية فذكره عليهالسلام آية النساء لبيان أن الخوض في الآيات المذكور في الأنعام هو الكفر والاستهزاء بها ، وإلا كان المناسب ذكر الآية المتصلة بالاستثناء فتفطن.
وروى العياشي عن الباقر عليهالسلام في هذه الآية قال : الكلام في الله والجدال في القرآن قال منه القصاص « وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ » أي النهي « فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى » أي بعد أن تذكره « مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ » أي معهم ، فوضع الظاهر موضعه تنبيها على أنهم ظلموا بوضع التكذيب والاستهزاء موضع التصديق والاستعظام ، وفي الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام ، أو يغتاب فيه مسلم إن الله تعالى يقول في كتابه : « وَإِذا رَأَيْتَ » الآية.
ثم إن الخطاب في الآية إما خطاب عام أو الخطاب ظاهرا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد به الأمة ، لأن النسيان لا يجوز عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا سيما إذا كان من الشيطان ، فإن من جوز السهو والنسيان عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم كالصدوق (ره) إنما جوز الإسهاء من
__________________
(١) سورة النساء : ١٣٩.
(٢ و ٣) سورة الأنعام : ٦٨.