منها عيناه اللتان يبصر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي الباه من قبله ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تبارك اسمه ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها.
ففرض على القلب غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه فأما ما فرض
______________________________________________________
وقوله : « وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ » (١) أي تثبت به شجاعتكم ويزول خوفكم ، وعلى عكسه « وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ » (٢) وقوله : « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ » (٣) وقوله : « وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى » (٤) أي متفرقة وقوله : « وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ » (٥).
وقيل : العقل ، وقيل : الروح ، فأما العقل فلا يصح عليه ذلك ومجازه مجاز قولهم : تجري من تحتها الأنهار ، والأنهار لا تجري وإنما يجري الماء الذي فيه ، انتهى.
والورود حضور الماء للشرب ، والصدر والصدور الانصراف عنه ، وهذا مثل في أنها لا تفعل شيئا إلا بأمره كما يقال في الفارسية : لا يشرب الماء إلا بأمره وإذنه.
والبطش تناول الشيء بصولة وقوة ، والباه في بعض النسخ بدون الهمزة وفي بعضها بها ، قال الجوهري : الباه مثل الجاه لغة في الباءة وهو الجماع « ينطق به » الجملة نعت للفرض وضمير به في الموضعين للفرض ، وضمير لها وعليها للجارحة ، واللام للانتفاع ، وعلى للإضرار وإرجاع ضمير « به » إلى الإيمان كما قيل يقتضي خلو الجملة عن العائد وإرجاع ضمير « لها » هنا إلى الجارحة يؤيد إرجاع ضمير « له » سابقا إلى العامل.
__________________
(١) سورة الأنفال : ١٠.
(٢) سورة الحشر : ٢.
(٣) سورة الفتح : ٤.
(٤) سورة الحشر : ١٤.
(٥) سورة الحجّ : ٤٦.