إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره و
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : به يعقل ويفقه ويفهم ، قيل : العقل العلم بالقضايا الضرورية ، والفقه ترتيبها لإنتاج القضايا النظرية ، والفهم العلم بالنتيجة.
أقول : ويحتمل أن يكون العقل معرفة الأصول العقلية ، والفقه العلم بالأحكام الشرعية ، والفهم معرفة سائر الأمور المتعلقة بالمعاش وغيره ، والمراد بالقلب النفس الناطقة سميت به لتعلقها أو لا بالروح الحيواني المنبعث منه أو القلب الصنوبري من حيث تعلق النفس به ، وقيل : محل الإدراك هذا الشكل الصنوبري ، عملا بظواهر الآيات والأخبار وسيأتي تحقيقه في محله إن شاء الله.
قال الراغب في المفردات : قال بعض الحكماء حيث ما ذكر الله القلب فإشارة إلى العقل والعلم ، نحو : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ » (١) وحيث ما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوي من الشهوة والهوى والغضب ونحوها ، وقوله : « رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي » (٢) فسؤال لإصلاح قواه ، وكذا قوله : « وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ » (٣) إشارة إلى اشتفائهم ، وقوله : « وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ » (٤) أي العقول التي هي مندرجة بين سائر القوي وليست بمهتدية والله أعلم بذلك.
وقال : قلب الإنسان قيل : سمي به لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وسائر ذلك ، فقوله : « وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ » (٥) أي الأرواح « إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ » (٦) أي علم وفهم ، وكذلك « وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ » (٧) وقوله : « وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ » (٨)
__________________
(١ و ٦) سورة ق : ٣٧.
(٢) سورة طه : ٢٥.
(٣) سورة التوبة : ١٤.
(٤) سورة الحجّ : ٤٦.
(٥) سورة الأحزاب : ١٠.
(٧) سورة الأنعام : ٢٥.
(٨) سورة التوبة : ٨٧.