قال قلت ألا تخبرني عن الإيمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل فقال الإيمان
______________________________________________________
وكلام هذا القائل متردد يميل تارة إلى أن التصديق المعتبر في الإيمان نوع من التصديق المنطقي لكونه مقيدا بالاختيار وكون التصديق العلمي أعم لا فرق بينهما إلا بلزوم الاختيار وعدمه ، وتارة إلى أنه ليس من جنس العلم أصلا لكونه فعلا اختياريا ، وكون العلم كيفية أو انفعالا ، وعلى هذا الأخير أصر بعض المعتنين بتحقيق الإيمان ، وجزم بأن التسليم الذي فسر به الغزالي التصديق ليس من جنس العلم ، بل أمر وراءه معناه « گردن دادن وگرويدن وحق دانستن مر آن را كه حق دانسته باشى » ويؤيده ما ذكره إمام الحرمين أن التصديق على التحقيق كلام النفس لكن لا يثبت كلام النفس إلا مع العلم.
ونحن نقول : لا شك أن التصديق المعتبر في الإيمان هو ما يعبر فيه في الفارسية « بگرويدن وباور كردن وراستگوى داشتن » إذا أضيف إلى الحاكم « وراست داشتن وحق داشتن » إذا أضيف إلى الحكم ، ولا يكفي مجرد العلم والمعرفة الخالي عن هذا المعنى ، ثم أطال الكلام في ذلك وآل تحقيقه إلى أنه ليس شيء وراء العلم والمعرفة.
وقال المحقق الدواني في شرح العقائد : اعلم أنه لو فسر التصديق المعتبر في الإيمان بما هو أحد قسمي العلم فلا بد من اعتبار قيد آخر ليخرج الكفر العنادي ، وقد عبر عنه بعض المتأخرين بالتسليم والانقياد ، وجعله ركنا من الإيمان ، والأقرب أن يفسر التصديق بالتسليم الباطني والانقياد القلبي ويقرب منه ما قيل : إن التصديق أن تنسب باختيارك الصدق إلى أحد وهو يحوم حول ذلك وإن لم يصب المخبر ، انتهى.
والحق أن إثبات معنى آخر غير العلم والمعرفة مشكل ، وكون بعض أفراده حاصلا بغير اختيار لا ينافي التكليف به لمن لم يحصل له ذلك وترتب الثواب على ما حصل بغير الاختيار إما تفضل أو هو علي الثبات عليه وإظهاره والعمل بمقتضاه ،