مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً » (١) وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة النساء « وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَ
______________________________________________________
وثانيها في إلحاقه « فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ » وثالثها في الانشقاق : « فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ».
وما في الحديث لا يوافق شيئا منها وإن كان بالأول أنسب ، فكأنه من تصحيف النساخ أو كان في قراءتهم عليهمالسلام هكذا ، أو نقل بالمعنى جمعا بين الآيات.
« وسورة النور أنزلت » كان هذا جواب عن اعتراض مقدر ، وهو أنه لما أنزل الله في سورة النساء مرتين « إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* » ، وهي تدل على عدم ترتب العذاب على غير الشرك ، فيمكن كونها ناسخة للآيات الدالة على عقوبات أصحاب الكبائر وعدم كونهم من المؤمنين ، فأجاب عليهالسلام بعد التنزل على عدم المخالفة بين هذه الآية وتلك الآيات لأن تجويز المغفرة لمن شاء الله لا ينافي استحقاقهم للعذاب والعقاب وخروجهم عن الإيمان بأحد معانيه بأن أكثر ما أوردنا من الآيات واستدللنا بها إنما هي في سورة النور وهي نزلت بعد سورة النساء فكيف تكون آية النساء ناسخة لها ، فلو احتاج التوفيق إلى القول بالنسخ لكان الأمر بعكس ما قلتم ، مع أنه لا قائل بالفصل.
ثم استدل عليهالسلام على ذلك بأن الله تعالى قال في سورة النساء : « أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً » والسبيل هو الذي ذكره من الحد في سورة النور ، ويحتمل أن يكون الغرض إفادة دليل آخر على ما سبق من نزول الأحكام مدرجا ونسخ الأشد للأضعف لكن الأول أظهر.
« وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ » ذهب الأكثر إلى أن المراد بالفاحشة الزنا ، وقيل : هي المساحقة « فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ » الخطاب للأئمة
__________________
(١) سورة الإسراء : ٧٤.