يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله أدخله الله الجنة ومن استخف بحقه واستحل ما حرم الله عليه من العمل الذي نهاه الله عنه فيه أدخله الله عز وجل النار وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت غضب الله عليهم من غير أن يكونوا
______________________________________________________
وقوله عز وجل : « يَوْمَ سَبْتِهِمْ » (١) قيل : يوم قطعهم للعمل « وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ » قيل : معناه لا يقطعون العمل ، وقيل : يوم لا يكونون في السبت وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة وقوله : إنما جعل السبت أي ترك العمل فيه ، انتهى.
قوله عليهالسلام : ولم يستحل ، الظاهر أن المراد بالاستحلال هنا الجرأة على الله وانتهاك ما حرم الله فكأنه عده حلالا لقوله بعد ذلك ولا شكوا في شيء مما جاء به موسى.
وما قيل : دل على أن مخالفة الأحكام كفر يوجب دخول النار مع الاستحلال والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأمة ، وما ذلك إلا لأن الإقرار بها والعمل بها داخلان في الإيمان ، وإذا كان كذلك كان تاركها وإن لم يستحل كافرا يعذب بالنار أيضا. فلا يخفى وهنه « حيث استحلوا الحيتان » أي استحلوا صيدها أو أكلها أو حبسها أيضا ، وقوله : يوم السبت ظرف لكل من احتبسوها وأكلوها أو لاستحلوا أيضا أي استحلوا أو لأحبسها يوم السبت ثم استحلوا صيدها وأكلها فيه.
وقيل : يوم السبت ظرف لاحتبسوها لا لأكلوها أي احتبسوها يوم السبت في مضيق بسد الطريق عليها ثم اصطادوها يوم الأحد وأكلوها ، فعلوا ذلك حيلة ولم تنفعهم لأن احتباسها فيه هتك لحرمته ، فخرجوا بذلك من الإيمان إلى الكفر ، ولذلك غضب الله عليهم من غير أن يشركوا بالرحمن وأن يشكوا في رسالة موسى عليهالسلام وما جاء به ، ولذلك لم يصطادوا يوم السبت ، فعلم أن الإيمان ليس مجرد التصديق بل هو مع العمل لأن المؤمن لا يغضب ولا يدخل النار.
وفيه شيء لأن استحلالهم الحيتان ينافي ظاهرا عدم شكهم بما جاء به موسى.
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٦٣.