.................................................................................................
______________________________________________________
ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » (١) فأثبت كونه عالما بأن الله تعالى هو الذي أنزل الآيات التي جاء بها موسى عليهالسلام ، فلو كان مجرد العلم هو الإيمان لكان فرعون مؤمنا وهو باطل بنص القرآن العزيز وإجماع الأنبياء عليهمالسلام من لدن موسى إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأيضا قوله تعالى : « فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ » (٢) ومعنى ذلك والله أعلم : أنهم يجحدون ذلك بألسنتهم ولا يكذبونك بقلوبهم أي يعلمون نبوتك ، ولا يستقيم أن يكون المعنى لا يكذبونك بألسنتهم لمنافاة يجحدون بألسنتهم له ، فيلزم أن يكونوا كذبوا بألسنتهم ولم يكذبوا بها وبطلانه ظاهر فيجب تنزيه القرآن العزيز عنه.
ولك أن تقول : لم لا يجوز أن يكون المعنى لا يكذبونك بألسنتهم ولكن يجحدون نبوتك بقلوبهم كما أخبر الله تعالى عن المنافقين في سورتهم حيث قالوا « نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ » ، وكذبهم الله تعالى حيث شهد سبحانه وتعالى بكذبهم فقال : « وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ » والمراد في شهادتهم أي فيما تضمنته من أنها عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد كما ذكره جماعة من المفسرين حيث لم توافق عقيدتهم فقد علم من ذلك أنهم لم يكذبوه بألسنتهم بل شهدوا له بها ، ولكنهم جحدوا ذلك بقلوبهم حيث كذبهم الله تعالى في شهادتهم.
والجواب التكذيب لهم ورد على نفس شهادتهم التي هي باللسان لا على نفس عقيدتهم ، وبالجملة فهذا لا يصلح نظيرا لما نحن فيه ، على أن معنى الجحد كما قرروه هو الإنكار باللسان مع تصديق القلب ، وما ذكر من الاحتمال عكس هذا المعنى.
ثم قال : والثاني باطل أما أولا فبالاتفاق من الإمامية ، وأما ثانيا فلقوله تعالى : « قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا » (٣) ولا شك أنهم كانوا
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٠٢.
(٢) سورة الأنعام : ٣٣.
(٣) سورة الحجرات : ١٤.