.................................................................................................
______________________________________________________
لمن لا أمانة له ، وبقوله تعالى : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » (١) وقد لا يحكم بما أنزل الله أو يحكم بما لم ينزل الله مصدقا فلو تحقق الإيمان بالتصديق لزم اجتماع الكفر والإيمان في محل واحد وهو محال لتقابلهما بالعدم والملكة.
والجواب عن الأول أنه يجوز أن يكون المراد والله أعلم الأعمال الندبية ، على أنا نقول أن ظاهر الآية الكريمة متروك فإنها تدل ظاهرا على أن من أخلص في جميع أفعاله وكان قد سبق منه معصية واحدة لم يثبت عليها ويكون جميع الطاعات اللاحقة غير مقبولة ، والقول بذلك مع بعده عن حكمة الله تعالى من أفظع الفظائع فلا يكون مرادا ، بل المراد والله أعلم أن من عمل عملا إنما يكون مقبولا إذا كان متقيا فيه بأن يكون مخلصا فيه لله تعالى وحينئذ فلا دلالة لهم في الآية الكريمة.
مع أنا لو تنزلنا عن ذلك وقلنا بدلالتها على عدم قبول التصديق من دون التقوى فلا يحصل بذلك مدعاهم الذي هو كون الإيمان عبارة عن جميع الواجبات « إلخ » ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يكون الإيمان عبارة عما ذكرتهم مع التصديق بالمعارف الأصولية وعدم قبول الجزء إنما هو لعدم قبول الكل ، وأما الحديث الأول على تقدير تسليمه فيمكن حمله على المبالغة في الزجر أو تخصيصه بمن استحل ودليل التخصيص في أحاديث أخر ، أو على نفي الكمال في الإيمان ، وكذا الحديث الثاني.
وأما الاستدلال بالآية فقد تعارض بقوله تعالى : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » (٢) والفاسق مؤمن على المذهب الحق أو بين المنزلتين على غيره ويمكن أن يقال : الفسق لا ينافي الكفر إذ الكافر فاسق لغة وإن كان في العرف يباينه لكنه لم يتحقق كونه عرف الشارع ، بل المعلوم كونه لأهل الشرع والأصول فلا تعارض حينئذ.
__________________
(١) سورة المائدة : ٤٤.
(٢) سورة المائدة : ٤٧.