.................................................................................................
______________________________________________________
بها ، بخلاف الاعتقاديات فإن الطريق إليها بالنظر ميسر.
ثم قال رحمهالله بعد إطالة الكلام في الجواب عن حجة الخصام : وأما المقام الثاني وهو أن الأعمال ليست جزءا من الإيمان ولا نفسه ، فالدليل عليه من الكتاب العزيز والسنة المطهرة والإجماع ، أما الكتاب فمنه قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ* » فإن العطف يقتضي المغايرة وعدم دخول المعطوف في المعطوف عليه ، فلو كان عمل الصالحات جزءا من الإيمان أو نفسه لزم خلو العطف عن الفائدة لكونه تكرارا ، ورد بأن الصالحات جمع معرف يشمل الفرض والنفل ، والقائل بكون الطاعات جزءا من الإيمان يريد بها فعل الواجبات واجتناب المحرمات وحينئذ فيصح العطف لحصول المغايرة المفيدة لعموم المعطوف ، فلم يدخل كله في المعطوف عليه ، نعم يصلح دليلا على إبطال مذهب القائلين بكون المندوب داخلا في حقيقة الإيمان كالخوارج.
ومنه قوله تعالى : « وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ » (١) أي حالة إيمانه وهذا يقتضي المغايرة.
ومنه قوله تعالى : « وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا » (٢) فإنه أثبت الإيمان لمن ارتكب بعض المعاصي فلا يكون ترك المنهيات جزءا من الإيمان.
ومنه قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » (٣) فإن أمرهم بالتقوى التي لا تحصل إلا بفعل الطاعات والانزجار عن المنهيات مع وصفهم بالإيمان يدل على عدم حصول التقوى لهم ، وإلا لكان أمرا بتحصيل الحاصل.
ومنه الآيات الدالة على كون القلب محلا للإيمان من دون ضميمة شيء
__________________
(١) سورة طه : ١١٢.
(٢) سورة الحجرات : ٩.
(٣) سورة التوبة : ١١٩.