وأعلمه ما هم صانعون غدا قال فمضت إليه فقالت يا أبا الحارث فرفع رأسه ثم قالت : أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد الله عليهالسلام يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره قال فمشى حتى وضع يديه على جسد الحسين عليهالسلام فأقبلت
______________________________________________________
فركبت ظهره فخرج يخب بي (١) فما كان بأسرع من أن هبط جزيرة فإذا فيها من الشجرة والثمار وعين عذبة من ماء دهشت فوقف وأومأ إلى أن أنزل ، فنزلت وبقي واقفا حذائي ينظر ، فأخذت من تلك الثمار وأكلت وشربت من ذلك الماء فرويت وعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزرا واتزرت بها وتلحفت بأخرى ، وجعلت ورقة شبيها بالمزود فملأتها من تلك الثمار وبللت الخرقة التي كانت معي لأن أعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه.
فلما فرغت مما أردت أقبل إلى فطأطأ ظهره ثم أومأ إلى أن أركب ، فلما ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الذي أقبلت منه ، فلما صرت على البحر إذا مركب سائر في البحر فلوحت لهم فاجتمع أهل المركب يسبحون ويهللون ويرون رجلا راكبا أسدا فصاحوا : يا فتى من أنت؟ أجني أم إنسي قلت : أنا سفينة مولى رسول الله رعى الأسد بي حق رسول الله ففعل ما ترون ، فلما سمعوا ذكر رسول الله حطوا الشراع (٢) وحملوا رجلين في قارب صغير ودفعوا إليهما ثيابا فجاءاني ونزلت من الأسد ووقف ناحية ينظر فانتظر ما أصنع ، فرميا إلى بالثياب وقالا ألبسها فلبستها ، فقال أحدهما : اركب ظهري حتى أحملك إلى القارب أيكون السبع أرعى لحق رسول الله عن أمته ، فأقبلت على الأسد فقلت : جزاك الله خيرا عن رسول الله ، فنظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك حتى دخلت القارب وأقبل يلتفت إلى ساعة بعد ساعة حتى غبنا عنه.
وأبو الحارث من كنى الأسد ، والربوض للأسد والشاة كالبروك للإبل.
__________________
(١) الجنب : ضرب من العدو.
(٢) الشراع. مثل الملاءة الواسعة يشرع وينصب على السفينة فتهب فيه الرياح فتمى بالسفينة.