برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وصغر الفاسقين.
فقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا
______________________________________________________
على العدو ، وأضرع فلانا أذله.
وأقول : المعنى أنه متى قدرت على نهي المنكر وإعلاء الدين لم تذلل لأحد ولم تخضع لمنافق ، بل بذلت جهدك في إقامة الحق ما قدرت عليه ، أو المعنى ـ لا سيما على الوجه الأول في الفقرة السابقة ـ لم يكن تركك للخلافة والجهاد في إقامتها ضراعة وتذللا ، بل كان لا طاعة أمر الله ورسوله ، والأول أظهر.
« برغم المنافقين » يقال : أرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب ، هذا هو الأصل ثم شاع استعماله في الذل والعجز ، والظرف في موضع النصب على أنه حال من فاعل تضرع أو كنت ، وقيل : لعل المراد بالمنافقين من وافقه من أصحابه ظاهرا لا باطنا ، فإن كثيرا من أصحابه كانوا على صفة النفاق ، وبالكافرين من خالفه وقاتله كمعاوية وأضرابه ، والحاسدين الخلفاء الماضين وبالفاسقين أتباعهم ، مع احتمال أن يراد بالجميع من خالفه ظاهرا أو باطنا أو فيهما قاتله أم لا ، والتكرار باعتبار تعدد صفاتهم أعني النفاق والكفر والحسد والفسق ، فإن كل من خالفه بنحو من الأنحاء فهو متصف بهذه الصفات ، وفي القاموس : الصغر كعنب خلاف العظم ، والصاغر الراضي بالذل وقد صغر ككرم صغرا كعنب وصغارا وصغارة بفتحها ، وأصغره : جعله صاغرا ، وفي إكمال الدين : وضغن الفاسقين.
« فقمت بالأمر » أي بأمر الخلافة بعد قتل عثمان أو بالنهي عن المنكر في أيامه أو بأمور الدين في جميع الأزمان ، وفي القاموس فشل كفرح فهو فشل : كسل وضعف وتراخى وجبن ، انتهى.
« ونطقت » أي في حل المشكلات وجواب السؤالات « حين تتعتعوا » من باب التفعلل أي عجزوا عن الكلام ، وفي نهج البلاغة : تعتعوا بتاء واحدة في الأول ، وفي القاموس التعتعة في الكلام : التردد فيه من حصر أو عي.