الأمور فإنها إلى الله تصير قد قبلكم الله من نبيه وديعة واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض فمن أدى أمانته آتاه الله صدقه فأنتم الأمانة المستودعة ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة وقد قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد أكمل لكم الدين وبين لكم سبيل المخرج فلم يترك لجاهل حجة فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو
______________________________________________________
ما وعد الله الصابرين في الآخرة أو في الدنيا في الرجعة وظهور القائم عليهالسلام أو الأعم منهما ومن الوعيد للمخالفين.
« فإنها » أي الأمور « إلى الله تصير » إشارة إلى قوله تعالى : « أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ » (١) قال الطبرسي (ره) : أي إليه ترجع الأمور والتدبير يوم القيامة فلا يملك ذلك غيره ، انتهى.
والتعميم هنا أظهر أي الأمور كلها في الدنيا والآخرة بتدبير الله وقضائه « قد قبلكم الله » أي لما قرب وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « استودعكم الله » أي طلب منه سبحانه حفظكم وقبل الله ذلك « واستودعكم أولياءه » أي طلب من الأولياء حفظكم ورعايتكم وقبول ولايتكم ومنكم رعاية الأولياء وحفظهم وهدايتهم ، والأول أظهر لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فمن أدى أمانته ، والضمير راجع إلى الموصول أو إلى الله أو إلى الرسول وأداء الأمانة هو أن لا يقصر في حفظ الوديعة ورعاية حقه « أتاه الله صدقة » أي جزاء صدقه ، إيماء إلى قوله تعالى : « يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ » (٢) وعلى الثاني نحتاج إلى تكلف بأن يراد بالأمانة الوديعة التي قبلها الله تعالى من نبيه ، وبأدائها الاعتراف بأنها وديعة النبي من عند الله والإقرار بحقوقها.
« فأنتم الأمانة المستودعة » تفريع على الفقرتين المتقدمتين « وقد أكمل لكم الدين » إشارة إلى قوله : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » (٣) وأن المراد به إكمال الدين بنصب الوصي وإيداعه جميع العلوم التي تحتاج إليه الأمة « وبين لكم سبيل المخرج »
__________________
(١) سورة الشورى : ٥٣.
(٢) سورة المائدة : ١١٩.
(٣) سورة المائدة : ٣.