في سبيله ونصح لأمته ودعاهم إلى النجاة وحثهم على الذكر ودلهم على سبيل الهدى بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها ومنار رفع لهم أعلامها كيلا يضلوا من بعده وكان بهم رءوفا رحيما.
______________________________________________________
ثقل بالكسر ضد الخفة أو جمع ثقل بالتحريك وهو متاع البيت ، وأراد به هنا ما أتى به الوحي على سبيل الاستعارة ، وقد أدى كله إلى وصيه أمير المؤمنين عليهالسلام.
« وصبر لربه » أي صبر على تحمل ما حمل وتبليغه وما لحقه من أذى المعاندين وطعن الطاعنين لرضا ربه وامتثال أمره « وجاهد في سبيله » أي في سبيل الله الذي هو دين الحق « ونصح لأمته » النصح : الخلوص وأراد به إرشادهم إلى ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم وعونهم عليه والذب عنهم وعن أعراضهم « ودعاؤهم إلى النجاة » أي إلى ما فيه نجاتهم من شدائد الدنيا وعقوبات الآخرة « وحثهم على الذكر » أي على ذكره سبحانه في جميع الأحوال بالقلب واللسان وكل ما يوجب قربه تعالى فهو ذكره ، ويحتمل أن يراد بالذكر القرآن « ودلهم على سبيل الهدى » لعل المراد بسبيل الهدى الدين الحق وبالمناهج وهي الطرق الواضحة الأوصياء ، وبالدواعي المنافع التي تدعو إلى سبيل الهدى ، وبتأسيس أساس هذه المناهج والدواعي وضعها وتعيينها وأحكامها ، ويحتمل أن يراد بالداعي الأدلة الدالة على خلافة الأوصياء ، أو يراد بسبيل الهدى الأوصياء وبالمناهج والدواعي الدلالة على خلافتهم.
والمنائر (١) جمع المنارة على خلاف القياس ، وهي موضع النور ، أستعير هنا للأوصياء عليهمالسلام ، ورفع أعلامها كناية عن نصب أدلة واضحة على خلافتهم وإمامتهم « كيلا يضلوا » علة غائية لما ذكر « وكان بهم رؤوف رحيما » الواو للعطف ويحتمل الحالية واقتبس من قوله تعالى : « حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ » (٢) وقيل : قدم الأبلغ منهما وهو الرؤوف لأن الرأفة شدة الرحمة ومحافظة على الفواصل.
__________________
(١) وفي المتن « ومنار ».
(٢) سورة التوبة : ١٢٨.