ابتعثه رحمة للعباد وربيعا للبلاد وأنزل الله إليه الكتاب فيه البيان والتبيان « قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ » قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله ودين قد
______________________________________________________
خزائن العلم وسلم إليه مفاتيحه أو أنه أعطاه الأمور التي يستنبط منها العلوم ككتب الأنبياء والوحي والإلهام ، وعلم النجوم والقرآن المجيد والقواعد الكلية التي يستخرج منها الأحكام كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : علمني ألف باب ، وكذا الاحتمالان جاريان في الفقرة الثانية ، وفي القاموس بعثه كمنعه أرسله كانبعثه فانبعث.
« وربيعا للبلاد » أي جعله سببا لطراوة البلاد وحسنها وعمارتها ونموها في الخيرات كما أن الربيع سبب لظهور الأزهار والأنوار ونمو الأعشاب والأشجار ، وقال في النهاية : في حديث الدعاء : اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي ، جعله ربيعا له ، لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه ، انتهى.
وقال الطيبي كما أن الربيع زمان إظهار آثار الله وإحياء الأرض كذا القرآن يظهر منه بتأثير لطف الله من الإيمان والمعارف ويزول به ظلمات الكفر والجهل والهموم « فيه البيان والتبيان » حال عن الكتاب والتبيان أخص وأبلغ من البيان ، لأنه بيان للشيء مع دليل وبرهان وقيل : المراد بالتبيان تبيان المعارف الإلهية والأسرار اللاهوتية ، وبالبيان بيان الأحكام الشرعية والقوانين العلمية ، وتقديم الظرف إما للحصر أو لقرب المرجع ، أو للاهتمام لاشتماله على ضمير الكتاب ، أو لربط الحال على ذي الحال ابتداء.
« قُرْآناً » حالا بعد حال عن الكتاب لتأكيد اشتماله على كل شيء و « عَرَبِيًّا » صفة مخصصة أو مادحة ، واشتماله على غير العربي نادرا لا يضر في عربيته « وغَيْرَ ذِي عِوَجٍ » أي لا اختلاف فيه أو لا شك صفة بعد صفة للمدح و « لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ » علة غائية للإنزال ، ولم يذكر متعلق « يتقون » لقصد التعميم أو الاختصار والتحرز عن توهم التخصيص.
« قد بينه للناس » إما حال ثالثة للكتاب أو استيناف ، كأنه قيل : ما فعل به