في حومة العز مولده وفي دومة الكرم محتده غير مشوب حسبه ولا ممزوج نسبه ولا مجهول عند أهل العلم صفته ـ بشرت به الأنبياء في كتبها ونطقت به العلماء بنعتها وتأملته الحكماء بوصفها مهذب لا يدانى هاشمي لا يوازى أبطحي لا
______________________________________________________
الجندل بالضم والمحدثون على الفتح وهو خطأ ، وكان المراد بالحومة مكة أو ذرية إبراهيم عليهالسلام وبالدومة بنو هاشم أو المدينة ، أو هو على الاستعارة كأنه شبه الكرم بشجرة عظيمة وهو في ظلها ، وفي الأول أيضا يحتمل ذلك ، والمحتد الإقامة أو موضعها ، قال الجوهري : حتد بالمكان يحتد أقام به وثبت ، والمحتد الأصل يقال : فلان من محتد صدق ، أو محتد صدق غير مشوب أي مخلوط حسبه ، حسب الرجل دينه وقدره وأفعاله الحسنة وصفاته الجميلة وأعماله المرضية ، وحسبه أيضا مآثر آبائه لأنه يحسب بها في الفضائل والمناقب.
وكأن المراد أن مآثره ومفاخر آبائه الكرام غير مشوبة بالأخلاق الذميمة والأفعال القبيحة ، ولا ممزوج نسبه بسفاح ولا شبهة ، ولا مجهول عند أهل العلم من الأوصياء وعلماء أهل الكتاب صفته ، بل كانوا عارفين بصفاته وعلاماته بما وجدوه في كتبهم « بشرت » استئناف كأنه قيل : كيف لم يكن مجهولا صفته؟ فقال : لأن الأنبياء بشروا ببعثته وصفته في كتبهم ، والتأنيث بتأويل الجماعة وكذا ضميري « نعتها » و « بوصفها » راجعان إلى العلماء والحكماء بالتأويل المذكور ، والإضافة فيهما إلى الفاعل ، وما قيل : من إرجاع الضميرين إلى الصفة في غاية البعد ، وضميرا « به » و « تأملته » راجعان إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم والتأمل التلبث في الأمر والنظر ، أي كان يتعرف وينظر إليه الحكماء بما علموا من صفاته في الكتب ، ويتفرسون أنه هو صلىاللهعليهوآلهوسلم.
« مهذب لا يدانى » أي مطهر الأخلاق ومهذب من النفاق لا يقاربه أحد « لا يوازي » أي لا يساويه أحد من الهاشميين وغيرهم « أبطحي » أي مكي فإن الأبطح في مكة وإنما عد من المناقب لأنها أشرف البلدان « لا يسامي » أي لا يغالب في السمو والرفعة ، قال في النهاية : فلان يسمو إلى المعالي إذا تطاول إليها ومنه حديث