.................................................................................................
______________________________________________________
أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً » قراطيس تنشر وتقرأ ، وذلك أنهم قالوا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لن نتبعك حتى تأتي كلا منا بكتاب من السماء فيها من الله إلى فلان : اتبع محمدا.
« كَلاَّ » ردع عن اقتراحهم الآيات « بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ » فلذلك أعرضوا عن التذكرة لامتناع إيتاء الصحف « كَلاَّ » ردع عن أعراضهم « إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ » وأي تذكرة؟! « فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ » أي فمن شاء أن يذكره ذكره « وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ » ذكرهم أو مشيتهم « هُوَ أَهْلُ التَّقْوى » حقيق بأن تقي عقابه « وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ » حقيق بأن يغفر عباده سيما المتقين.
أقول : إذا عرفت تفسير الآيات وما يرتبط بها فلنرجع إلى التأويل الوارد في الرواية فإنه من أغرب التأويلات وأصعبها ، فأقول : قبل تلك الآيات : « ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ، وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً ، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ، كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً ، سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ، ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ، فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ ، إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ ، سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ، وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ، لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ، لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ، عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ، وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ » إلخ.
وقد ذكر المفسرون أنها نزلت في الوليد بن المغيرة وقيل : إنه كان ملقبا بالوليد فسماه الله به تهكما أو أراد أنه وحيد في الشرارة أو عن أبيه لأنه كان زنيما (١) ورووا أنه مر بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقرأ حم السجدة فأتى قومه وقال : لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس والجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق (٢) وأنه ليعلو ولا يعلى ، فقال قريش : صبا الوليد (٣) فقال ابن أخيه أبو جهل : أنا أكفيكموه فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه فقام فناداهم فقال : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يتجنن؟ وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا؟ فقالوا : لا ، فقال : ما هو إلا
__________________
(١) الزنيم : الدعيّ.
(٢) المغدق : الكثير الماء.
(٣) أي خرج من دين آبائه.