في الكتاب المشار إليه خطبة لامير المؤمنين عليهالسلام تسمى المخزون وهي : الحمد لله الاحد المحمود الذي توحد بملكه ، وعلا بقدرته ، أحمده على ما عرف من سبيله ، وألهم من طاعته ، وعلم من مكنون حكمته ، فانه محمود بكل ما يولي مشكور بكل ما يبلي ، وأشهد أن قوله عدل ، وحكمه فصل ، ولم ينطق فيه ناطق بكان إلا كان قبل كان.
وأشهد أن محمدا عبدالله وسيد عباده ، خير من أهل أولا وخير من أهل آخرا فكلما نسج الله الخلق فريقين جعله في خير الفريقين ، لم يسهم فيه عائر ولا نكاح جاهلية.
ثم إن الله قد بعث إليكم رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم ، فاتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ، فان الله جعل الخير أهلا ، وللحق دعائم ، وللطاعة عصما يعصم بهم ، ويقيم من حقه فيهم ، على ارتضاء من ذلك ، وجعل لها رعاة وحفظة يحفظونها بقوة ويعينون عليها ، أولياء ذلك بما ولوا من حق الله فيها.
أما بعد ، فان روح البصر روح الحياة الذي لا ينفع إيمان إلا به ، مع كلمة الله والتصديق بها ، فالكلمة من الروح والروح من النور ، والنور نور السماوات فبأيديكم سبب وصل إليكم منه إياروا اختيار ، نعمة الله لا تبلغوا شكرها ، خصصكم بها ، واختصكم لها ، وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون.
فابشروا بنصر من الله عاجل ، وفتح يسير يقر الله به أعينكم ، ويذهب بحزنكم كفوا ما تناهى الناس عنكم ، فان ذلك لا يخفى عليكم ، إن لكم عند كل طاعة عونا من الله ، يقول على الالسن ، ويثبت على الافئدة ، وذلك عون الله لاوليائه يظهر في خفي نعمته لطيفا ، وقد أثمرت لاهل التقوى أغصالن شجرة الحياة ، وإن فرقانا من الله بين أوليائه وأعدائه ، فيه شفاء للصدور ، وظهور للنور ، يعز الله به أهل طاعته ، ويذل به أهل معصيته.
فليعد امرء لذلك عدته ، ولا عدة له إلا بسبب بصيرة ، وصدق نية