فلما اشتد به الفقر والمرض ، وايس من تزويج البنت ، عزم على ماهو معروف عند أهل النجف من أنه من اصابه أمر فواظب الرواح إلى المسجد الكوفة أربعين ليلة الاربعاء ، فلا بد أن يرى صاحب الامر عجل الله فرجه من حيث لا يعلم ويقضي له مراده.
قال الشيخ باقر قدسسره : قال الشيخ محمد : فواظبت على ذلك أربعين ليلة بالاربعاء فلما كانت الليلة الاخيرة وكانت ليلة شتاء مظلمة ، وقد هبت ريح عاصفة ، فيها قليل من المطر ، وأنا جالس في الدكة التي هي داخل في باب المسجد وكانت الدكة الشرقية المقابلة للباب الاول تكون على الطرف الايسر ، عند دخول المسجد ، ولا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم ، ولا يمكن قذفه في المسجد وليس معي شئ أتقي فيه عن البرد ، وقد ضاق صدري ، واشتد علي همي وغمي ، وضاقت الدنيا في عيني ، وأفكر أن الليالي قد انقضت ، وهذه آخرها ، وما رأيت أحدا ولا ظهر لي شئ ، وقد تعبت هذا التعب العظيم ، وتحملت المشاق والخوف في أربعين ليلة ، أجبئ فيها من النجف إلى مسجد الكوفة ، ويكون لي الاياس من ذلك.
فبينما أنا أفكر في ذلك ، وليس في المسجد أحد أبدا وقد أوقدت نارا لاسخن عليها قهوة جئت بها من النجف ، لا أتمكن من تركها لتعودي بها ، وكانت قليلة جدا إذا بشخص من جهة الباب الاول متوجها إلي فلما نظرته من بعيد تكدرت وقلت في نفسي : هذا أعرابي من أطراف المسجد ، قد جاء إلي ليشرب من القهوة و؟ بلا قهوة في هذا الليل المظلم ، ويزيد علي همي وغمي.
فبينما أنا؟ إذا به قد وصل إلي وسلم علي باسمي وجلس في مقابلي فتعجبت من معرفته اسمي ، وظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الاوقات من أطراف النجف الاشرف فصرت أسأله من اي العرب يكون؟ قال : من بعض العرب فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف ، فيقول : لا لا ، وكلما ذكرت له طائفة قال : لا لست منها.