فأغضبني وقلت له : أجل أنت من طريطرة مستهزءا وهو لفظ بلا معنى ، فتبسم من قولي ذلك وقال : لا عليك من أينما كنت ما الذي جاء بك إلى هنا فقلت : وأنت ما عليك السؤال عن هذه الامور؟ فقال : ما ضرك لو أخبرتني فتعجبت من حسن أخلاقه وعذوبة منطقه ، فمال قلبي إليه ، وصار كلما تكلم ازداد حبي له ، فعملت له السبيل من التتن ، وأعطيته ، فقال : أنت أشرب فأنا ما اشرب ، وصببت له في الفنجان قهوة وأعطيته ، فأخذه وشرب شيئا قليلا منه ، ثم ناولني الباقي وقال : أنت اشربه فأخذته وشربته ، ولم ألتفت إلى عدم شربه تمام الفنجان ، ولكن يزداد حبي له آنا فآنا.
فقلت له : يا أخي أنت قد أرسلك الله إلي في هذه الليلة تأنسني أفلا تروح معي إلى أن نجلس في حضرة مسلم عليهالسلام ، ونتحدث؟ فقال : أروح معك فحدث حديثك.
فقلت له : أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر والحاجة ، مذ شعرت على نفسي ومع ذلك ، معي سعال أتنخع الدم ، وأقذفه من صدري منذ سنين ، ولا أعرف علاجه وما عندي زوجة ، وقد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الاشرف ، ومن جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها.
وقد غرني هؤلاء الملائية (١) وقالوا لي : اقصد في حوائجك صاحب الزمان وبت اربعين ليلة الاربعاء في مسجد الكوفة ، فانك تراه ، ويقضي لك حاجتك وهذه آخر ليلة من الاربعين ، وما رأيت فيها شيئا وقد تحملت هذه المشاق في هذه الليالي فهذا الذي جار بي هنا ، وهذه حوائجي.
فقال لي وأنا غافل غير ملتفت : أما صدرك فقد برأ ، وأما الامرءة فتأخذها عن قريب ، وأما فقرك فيبقى على حاله حتى تموت ، وأنا غير ملتفت إلى هذا البيان أبدا.
فقلت : ألا تروح إلى حضرة مسلم؟ قال : قم ، فقمت وتوجه أمامي ، فلما
____________________
(١) من اصطلاحات أهل العراق.