تهذيب الأحكام - ج ١

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

تهذيب الأحكام - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧١

(٥٨٢) ٥٦ ـ محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن أبي همام عن محمد ابن سعيد بن غزوان عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : لا بأس بأن يصلي صلاة الليل والنهار بتيمم واحد ما لم يحدث أو بصب الماء.

(٥٨٣) ٥٧ ـ فاما الخبر الذي رواه محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن أبي همام عن الرضا عليه‌السلام قال : يتيمم لكل صلاة حتى يوجد الماء.

(٥٨٤) ٥٨ ـ وهذا الحديث رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن العباس عن أبى همام عن محمد بن سعيد بن غزوان عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : لا يتمتع بالتيمم إلا صلاة واحدة ونافلتها.

فهذان الحديثان مختلفا اللفظ والراوي واحد لان أبا همام روى عن الرضا عليه‌السلام في رواية محمد بن علي بن محبوب ، وفي رواية محمد بن أحمد بن يحيى رواه عن محمد بن سعيد ابن غزوان والحكم واحد ، وهذا مما يضعف الاحتجاج بالخبر ، ثم لو صح الخبر لكان محمولا على الاستحباب كما يحمل تجديد الوضوء على الاستحباب وإن كان لا خلاف في إستباحة صلوات كثيرة به ، ويحتمل أيضا أن يكون أراد يتيمم لكل صلاة إذا كان قدر على الماء فيما بين الصلاتين لانه إذا إحتمل أن يكون المراد به ما ذكرنا بطل الاحتجاج به ، وقد روى هذا الراوي ما يضاد هذا الخبر ، ويدل على ما ذهبت إليه.

(٥٨٥) ٥٩ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن يحيى والحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه محمد ابن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن أبي همام عن محمد بن سعيد عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم‌السلام قال : لا بأس بأن يصلي صلاة الليل

__________________

٥٨٢ ـ ٥٨٣ الاستبصار ج ١ ص ١٦٣.

٥٨٤ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٤.

٥٨٥ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٣ بسند آخر.

٢٠١

والنهار بتيمم واحد ما لم يحدث أو يصب الماء.

ثم قال أيده الله تعالى (ومن فقد الماء فلا يتيمم حتى يدخل وقت الصلاة ثم يطلبه أمامه وعن يمينه وعن شماله مقدار رمية سهمين من كل جهة ان كانت الارض سهلة ، وإن كانت حزنة طلبه في كل جهة مقدار رمية سهم فان لم يجد فليتيمم في آخر أوقات الصلاة عند الاياس منه ثم صلى بتيممه الذي شرحناه).

قد مضى فيما تقدم ما يدل على وجوب الطلب للماء على ما قدره رمية سهمين مع زوال الخوف وإن مع حصول الخوف لا يجب الطلب ، ويؤكد ذلك.

(٥٨٦) ٦٠ ـ ما رواه محمد بن الحسن الصفار عن ابراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم‌السلام انه قال : يطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة سهم وإن كانت سهولة فغلوتين لا يطلب اكثر من ذلك.

ولا ينافي هذا ما رواه.

(٥٨٧) ٦١ ـ سعد عن الحسن بن موسى الخشاب عن علي بن إسباط عن علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له أتيمم وأصلي ثم أجد الماء وقد بقي علي وقت؟ فقال : لا تعد الصلاة فان رب الماء هو رب الصعيد ، فقال له داود بن كثير الرقى أفاطلب الماء يمينا وشمالا؟ فقال : لا تطلب الماء يمينا ولا شمالا ولا في بئر ، إن وجدته على الطريق فتوضأ وإن لم تجده فامض.

لان الوجه في هذا الخبر حال الخوف والضرورة ، والذي يدل على ان التيمم إنما يجب في آخر الوقت.

__________________

٥٨٦ ـ ٥٨٧ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٥.

٢٠٢

(٥٨٨) ٦٢ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر ابن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن العلا عن محمد بن مسلم قال سمعته يقول : إذا لم تجد ماء وأردت التيمم فأخر التيمم إلى آخر الوقت ، فان فاتك الماء لا تفتك الارض.

(٥٨٩) ٦٣ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل.

ثم قال أيده الله تعالى (ومن قام إلى صلاة بتيمم لفقد الماء ثم وجده بعد قيامه فيها فانه إن كان كبر تكبيرة الاحرام فليس عليه الانصراف من الصلاة ، وإن لم يكن كبرها فلينصرف وليتطهر ثم ليستأنف الصلاة إن شاء الله تعالى).

أقوى ما يدل عليه ان المتيمم مسوغ له الدخول بتيممه في الصلاة فإذا دخل في الصلاة لا نوجب عليه الانصراف إلا بدليل يقطع العذر وليس هاهنا ما يقطع العذر وإن من دخل في الصلاة بتيمم ثم وجد الماء يجب عليه الانصراف عنها.

(٥٩٠) ٦٤ ـ روى أحمد بن محمد بن ابى نصر البزنطي قال حدثني محمد ابن سماعة عن محمد بن حمران عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال قلت له رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة قال : يمضي في الصلاة ، واعلم انه ليس ينبغي لاحد أن يتيمم إلا في آخر الوقت.

وما روي من الاخبار بأنه ينصرف عنه ما لم يركع فمعناها انه إذا كان الوقت

__________________

٥٨٨ ـ ٥٨٩ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٥ الكافي ج ١ ص ١٩ وسبق الاخير برقم ٢٩ ورقم ٣٤ من الباب.

٥٩٠ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٦.

٢٠٣

ممتدا لانصرافه والتوضؤ بالماء ، ومتى كان الامر على هذا فانما يوجب عليه الانصراف لانه قد دخل في الصلاة في غير وقتها لان وقتها آخر الوقت وعند تضيق الزمان وانه متى لم يصلها فاتته ومتى كان الوقت ممتدا يجب عليه الانصراف والتوضؤ حسب ما وردت به الاخبار ، وقد دل على ذلك رواية البزنطي وقوله انه لا ينبغى التيمم إلا في آخر الوقت وبيناه أيضا فيما تقدم فيما رواه محمد بن مسلم وزرارة وانه لا يجوز التيمم إلا في آخر الوقت ، ومما ورد في ذلك.

(٥٩١) ٦٥ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن ابي القاسم جعفر ابن محمد عن محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلي بن محمد عن الوشا عن أبان ابن عثمان عن عبد الله بن عاصم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل لا يجد الماء فيتيمم ويقوم في الصلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال : إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضأ وإن كان ركع فليمض في صلاته.

(٥٩٢) ٦٦ ـ وروى هذا الحديث الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن عاصم مثله.

(٥٩٣) ٦٧ ـ ورواه محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن جعفر بن بشير عن عبد الله بن عاصم مثله.

ثم قال أيده الله تعالى (ولو أن متيمما دخل في الصلاة فاحدث ما ينقض الوضوء من غير تعمد ووجد الماء لكان عليه أن يتطهر ويبني على ما مضى من صلاته ما لم ينحرف عن الصلاة إلى استدبارها أو يتكلم عامدا بما ليس من الصلاة).

(٥٩٤) ٦٨ ـ يدل على ذلك ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد ابن محمد عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب ، وأخبرني الحسين

__________________

٥٩١ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٦.

٥٩٢ ـ ٥٩٣ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٧.

٢٠٤

ابن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه محمد بن يحيى عن محمد بن علي ابن محبوب عن العباس عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال قلت له رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فاصاب الماء قال : يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم.

(٥٩٥) ٦٩ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة ومحمد بن مسلم قال قلت في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي؟ قال : لا ولكنه يمضي في صلاته ولا ينقضها لمكان انه دخلها وهو على طهور بتيمم. قال زرارة فقلت له دخلها وهو متيمم فصلى ركعة وأحدث فأصاب ماءا قال : يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم.

ولا يلزم مثل ذلك في المتوضي إذا صلى ثم أحدث أن يبني على ما مضى من صلاته لان الشريعة منعت من ذلك وهو انه لا خلاف بين أصحابنا ان من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته يجب عليه استينافها ، ويدل عليه أيضا

(٥٩٦) ٧٠ ـ ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن عباد بن سلمان عن سعد بن سعد عن محمد بن القاسم بن فضيل بن يسار عن الحسن بن الجهم قال سألته يعني أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل صلى الظهر أو العصر فاحدث حين جلس في الرابعة فقال : إن كان قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فلا يعيد وإن كان لم يشهد قبل أن يحدث فليعد.

__________________

٥٩٥ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٦٧.

٥٩٦ ـ الاستبصار ج ١ ص ٤٠١.

٢٠٥

(٥٩٧) ٧١ ـ محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى عن ابى عبد الله عليه‌السلام في الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع فليس عيله شئ ولم ينقض وضوءه ، وإن خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة.

ثم قال أيده الله تعالى (فان أحدث ذلك متعمدا كان عليه أن يتطهر ويستأنف الصلاة من أولها).

إذا ثبت بما يدل عليه في المستقبل ان هذه الاشياء التي هي الكلام على سبيل العمد أو الانحراف إلى استدبار القبلة عامدا أو احداث حدث مما يقطع الصلاة ثبت انه يجب استينافها ونحن نذكر فيما بعد إن شاء الله تعالى ما يدل على ذلك ما فيه مقنع إن شاء الله تعالى.

٩ ـ باب صفة التيمم وأحكام المحدثين منه وما ينبغي لهم ان يعملوا عليه من الاستبراء والاستظهار

قال الشيخ أيده الله تعالى : (وإذا بال الانسان وهو غير واجد للماء فليستبرئ من البول كما وصفناه في باب الطهارة ليخرج ما بقي منه في مجاريه ثم ليتنشف بالخرق إن وجدها أو بالاحجار أو التراب).

وهذا قد مضى شرحه في باب الطهارة.

ثم قال (ثم يضرب بباطن كفيه على ظاهر الارض وهما مبسوطتان قد فرق بين أصابعهما ويرفعهما وينفضهما ، ثم يرفعهما فيمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه إلى

__________________

٥٩٧ ـ الاستبصار ج ١ ص ٨٢ وقد مضى في ص ١١.

٢٠٦

طرف أنفه ، ثم يرفع كفه اليسرى ويضعها على ظاهر كفه اليمنى ويمسحها بها من الزند إلى أطراف الاصابع ويرفع كفه اليمنى فيضعها على ظاهر كفه اليسرى فيمسحها بها من الزند إلى أطراف الاصابع وقد حل له بذلك الدخول في الصلاة).

(٥٩٨) ١ ـ يدل على ذلك ما أخبرني ببه الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد ابن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن داود بن النعمان قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التيمم قال إن عمارا أصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يهزء به يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة؟ فقلنا له فكيف التيمم؟ فوضع يديه على الارض ثم رفعهما فمسح وجهه ويدبه فوق الكف قليلا.

(٥٩٩) ٢ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن ابي عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وقال : (اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) ، وقال : وامسح على كفيك من حيث موضع القطع ، وقال : (وما كان ربك نسيا).

(٦٠٠) ٣ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن الحسين عن صفوان عن الكاهلي قال سألته عن التيمم قال : فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثم مسح كفيه احداهما على ظهر الاخرى.

(٦٠١) ٤ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن أحمد بن محمد

__________________

٥٩٨ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٧ الكافي ج ١ ص ١٩ بتفاوت يسير.

٥٩٩ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٧ الكافي ج ١ ص ١٩.

٦٠٠ ـ ٦٠١ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٧٠ الكافي ج ١ ص ١٩.

٢٠٧

عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التيمم فضرب بيديه الارض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة.

(٦٠٢) ٥ ـ وأما الخبر الذي رواه الحسين بن سعيد عن عثمان عن سماعة قال : سألته كيف التيمم؟ فوضع يده على الارض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين.

فانما أراد به الحكم لا الفعل لانه إذا مسح ظاهر الكف فكأنه غسل ذراعيه في الوضوء فيحصل له بمسح الكفين في التيمم حكم غسل الذراعين في الوضوء ، والذي يدل على انه لم يرد مسح الذراعين في الفعل.

(٦٠٣) ٦ ـ ما أخبرنا به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن ايوب عن حماد بن عثمان عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : وذكر التيمم وما صنع عمار فوضع أبو جعفر عليه‌السلام كفيه على الارض ثم مسح وجهه وكفيه ولم يمسح الذراعين بشئ.

ثم قال أيده الله تعالى (فإذا كان حدثه من الغائط استبرأ بثلاثة أحجار طاهرة لم تستعمل في ازالة النجاسة قبل ذلك يأخذ منها حجرا فيمسح به الموضع ويلقيه ، ثم يأخذ الحجر الثاني فيمسح به الموضع ويلقيه ، ثم يمسح الثالث ويتبع مواضع النجاسة الظاهرة فيزيلها بالاحجار ولا يجوز أن يتطهر بحجر واحد ثم يصنع في التيمم كما وصفناه من ضرب التراب بباطن كفيه ومسح وجهه وظاهر كفيه وقد زال عنه بذلك حكم النجاسة كما قدمناه).

فهذا كله قد مضى شرحه فيما تقدم ، ويؤكده أيضا.

__________________

٦٠٢ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٧٠.

٢٠٨

(٦٠٤) ٧ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان ابن يحيى وفضالة بن أيوب والحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال سألته عن التمسح بالاحجار فقال : كان الحسين بن علي عليهما‌السلام يمسح بثلاثة أحجار.

(٦٠٥) ٨ ـ وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا صلاة إلا بطهور ، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأما البول فانه لا بد من غسله.

(٦٠٦) ٩ ـ وبهذا الاسناد عن حماد عن حريز عن زرارة قال : كان يستنجي من البول ثلاث مرات ومن الغائط بالمدر والخرق.

(٦٠٧) ١٠ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن ابى القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفعه إلى ابى عبد الله عليه‌السلام قال : جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء.

ثم قال أيده الله تعالى : (وإن كان المحدث جنبا يريد الطهارة استبرأ قبل التيمم بما بيناه فيما سلف ثم ضرب الارض بباطن كفيه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه من قصاص شعره إلى طرف أنفه ثم ضرب الارض بهما ضربة اخرى ويمسح باليسرى منهما ظهر كفه اليمنى وباليمنى ظهر كفه اليسرى وقد زال عنه حكم الجنابة وحلت له الصلاة).

(٦٠٨) ١١ ـ يدل عليه ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد

__________________

* ـ ٦٠٨ الاستبصار ج ١ ص ١٧١.

(٢٧ التهذيب ج ١)

٢٠٩

ابن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن ليث المرادي عن ابي عبد الله عليه‌السلام في التيمم قال : تضرب بكفيك على الارض مرتين ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك.

(٦٠٩) ١٢ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن اسماعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه‌السلام قال : التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين.

(٦١٠) ١٣ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال سألته عن التيمم فقال : مرتين مرتين للوجه واليدين.

(٦١١) ١٤ ـ وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال قلت له كيف التيمم؟ قال : هو ضرب واحد للوضوء ، والغسل من الجنابة تضرب بيدك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين ، ومتى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنبا والوضوء إن لم تكن جنبا.

(٦١٢) ١٥ ـ وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن ابن ابي عمير عن ابن اذينة عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الارض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الاصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الارض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل ، وفي الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين والقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا يؤمم بالصعيد.

__________________

* ـ ٦٠٩ الاستبصار ج ١ ص ١٧١.

٦١٠ ـ ٦١١ ـ ٦١٢ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٧٢.

٢١٠

فما تضمن هذا الحديث من أنه مسح من المرفق إلى أطراف الاصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها معناه ما تقدم في تأويل خبر سماعة الذي رواه عنه عثمان ابن عيسى وان المراد به الحكم دون الفعل ، فكأنه قال مسح على ظهر كفه فحصل له حكم من غسل يده من المرفق ظاهرها وباطنها ، وهذا لا ينقض ما ذهبنا إليه ، ان قال قائل إن الخبرين الاولين اللذين أحدهما عن ابى بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه‌السلام والثاني عن اسماعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه‌السلام مع الخبر الذي رواه صفوان بن يحيى عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه‌السلام ليس في ظاهرها أن الضربتن أو المرتين إنما هي لغسل الجنابة دون الوضوء فمن أين لكم انه مقصور على حكم الجنابة؟ وهلا قلتم بما ذهب إليه غيركم من أن الفرض في الوضوء أيضا مرتان؟ قيل : له إذا ثبت أخبار كثيرة تتضمن ان الفرض في التيمم مرة مرة ثم جاءت هذه الاخبار متضمنة للدفعتين حملنا ما يتضمن الحكم مرة على الوضوء وما يتضمن الحكم مرتين على غسل الجنابة لئلا يتناقض الاخبار ، مع انا قد أوردنا خبرين مفسرين لهذه الاخبار أحدهما عن حريز عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام ، والآخر عن ابن ابى عمير عن ابن اذينة عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام ، وأن التيمم من الوضوء مرة واحدة ومن الجنابة مرتان ومما ورد من الاخبار التي تتضمن الفرض مرة على جهة الاطلاق خبر ابن بكير عن زرارة المتقدم ، وأيضا.

(٦١٣) ١٦ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن ابي القاسم جعفر ابن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن أبيه وعلي بن محمد عن سهل بن زياد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن التيمم فضرب بيده اليمنى الارض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة واحدة.

__________________

* ـ ٦١٣ الاستبصار ج ١ ص ١٧١ الكافي ج ١ ص ١٩.

٢١١

(٦١٤) ١٧ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن ابي القاسم جعفر بن محمد عن ابيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن عمرو بن ابي المقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه وصف التيمم فضرب بيديه على الارض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح على جبينه وكفيه مرة واحدة.

(٦١٥) ١٨ ـ وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة عن ابي جعفر عليه‌السلام في التيمم قال : تضرب بكفيك الارض ثم تنفضهما وتمسح وجهك ويديك.

ثم قال الشيخ أيده الله تعالى (وكذلك تصنع الحائض والنفساء والمستحاضة بدلا من الغسل إذا فقدن الماء أو كان يضر بهن استعماله).

(٦١٦) ١٩ ـ فاخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن ابي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن ابى بصير قال سألته عن رجل كان في سفر وكان معه ماء فنسيه فتيمم وصلى ثم ذكر أن معه ماءا قبل أن يخرج الوقت قال : عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة ، قال وسألته عن تيمم الحائض والجنب سواء إذا لم يجدا ماءا؟ قال : نعم.

(٦١٧) ٢٠ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى عن ابى القاسم جعفر بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو ابن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن التيمم من الوضوء والجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال : نعم.

__________________

* ـ ١١٤ الاستبصار ج ١ ص ١٧١.

٦١٥ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٧١.

٦١٦ ـ الكافي ج ١ ص ٢٠.

٦١٧ ـ الفقيه ج ١ ص ٥٨.

٢١٢

ثم قال أيده الله تعالى (والمحدث بالنوم والاغماء والمرة (١) يتيمم كما ذكرناه في باب المحدث بالبول والغائط ويدخل بذلك في الصلاة).

إذا كانت هذه الاشياء مما تنقض الطهارة وكان منتقض الطهارة يلزمه التيمم حسب ما ذكرناه فلا فرق بين أن ينتقض طهارته باحد هذه الاشياء أو بالبول والغائط حسب ما ذكرناه في أن التيمم يلزمه.

ثم قال أيده الله تعالى (ومتى وجد واحد ممن سميناه الماء بعد فقده أو تمكن من استعماله تطهر به حسب ما فاته إن كان وضوءا فوضوءا وإن كان غسلا فغسلا ، والفرق بين التيمم بدلا من الغسل والتيمم بدلا من الوضوء ما بيناه من أن المحدث لما يوجب طهارته بالغسل إذا لم يقدر عليه يتيمم بضربتين احداهما لوجهه والثانية لظاهر كفيه ، والمحدث لما يوجب طهارته بالوضوء يتيمم بضربة واحدة لوجهه ويديه).

فقد مضى شرحه مستوفى وفيه كفاية إن شاء الله تعالى.

ثم قال أيده الله تعالى (والميت إذا لم يوجد الماء لغسله ، يممه المسلم كما يؤمم الحي العاجز بالزمانة عند حاجته إلى التيمم من جنابته يضرب بيديه على الارض ويمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه ثم يضرب بهما ضربة اخرى فيمسح بهما ظاهر كفيه ثم تيمم هو لمسه بمثل ذلك سواء).

يدل على ذلك ما ثبت من وجوب غسل الميت وإن من فقد الماء انتقل فرضه إلى التيمم حسب ما قدمناه.

__________________

(١) المرة : بالكسر خلط من اخلاط البدن وهو الصفراء أو السوداء.

٢١٣

١٠ ـ باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز.

قال الله تعالى (وأنزلنا من السماء ماءا طهورا) (١) فكل ماء نزل من السماء أو نبع من الارض عذبا كان أو ملحا فانه طاهر مطهر إلا أن ينجسه شئ يتغير به حكمه.

وجه الدلالة من الآية ان الله تعالى قال : (وأنزلنا من السماء ماءا طهورا) فاطلق على ما وقع اسم الماء عليه بانه طهور ، والطهور هو المطهر في لغة العرب فيجب أن يعتبر كما يقع عليه اسم الماء بانه طاهر مطهر الا ما قام الدليل على تغيير حكمه ، وليس لاحد أن يقول إن الطهور لا يفيد في لغة العرب كونه مطهرا لان هذا خلاف على أهل اللغة لانهم لا يفرقون بين قول القائل هذا ماء طهور وهذا ماء مطهر.

فان قال قائل : كيف يكون الطهور هو المطهر واسم الفاعل منه غير متعد وكل فعول ورد في كلام العرب متعديا لم يكن متعديا إلا وفاعله متعد فإذا كان فاعله غير متعد ينبغي أن يحكم بان فعوله غير متعد أيضا ، لا ترى ان قولهم ضروب انما كان متعديا لان الضارب منه متعد وإذا كان اسم الطاهر غير متعد يجب أن يكون الطهور أيضا غير متعد.

قيل له هذا كلام من لم يفهم معاني الالفاظ العربية وذلك انه لا خلاف بين أهل النحو ان اسم الفعول موضوع للمبالغة وتكرر الصفة ألا ترى انهم يقولون فلان ضارب ثم يقولون ضروب إذا تكرر منه ذلك وكثر ، وإذا كان كون الماء طاهرا ليس مما يتكرر ويتزايد فينبغي أن يعتبر في اطلاق الطهور عليه غير ذلك ، وليس بعد

__________________

(١) الفرقان ٤٨.

٢١٤

ذلك إلا انه مطهر ، ولو حملناه على ما حملنا عليه لفظة الفاعل لم يكن فيه زيادة فائدة وهذا فاسد ، وأما ما قاله السائل ان كل اسم للفاعل إذا لم يكن متعديا فالفعول منه غير متعد فغلط أيضا لانا وجدنا كثيرا ما يعتبرون في أسماء المبالغة التعدية وإن كان اسم الفاعل منه غير متعد ، ألا ترى إلى قول الشاعر : حتى شئآها كليل موهنا عمل * باتت طرابا وبات الليل لم ينم فعدى كليل إلى موهنا لما كان موضوعا للمبالغة وإن كان اسم الفاعل منه غير متعد وهذا كثير في كلام العرب ، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى (وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به) (١) فكل ما وقع عليه اطلاق اسم الماء يجب أن يكون مطهرا بظاهر اللفظ إلا ما خرج بالدليل ، ويدل عليه أيضا من جهة السنة.

(٦١٨) ١ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن ابي القاسم جعفر ابن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الماء يطهر ولا بطهر.

(٦١٩) ٢ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى وغيره عن محمد بن أحمد عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي باسناده قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام الماء كله طاهر حتى يعلم انه قذر.

(٦٢٠) ٣ ـ وروى هذا الحديث محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن ابن الحسين اللؤلؤي عن أبي داود المنشد عن جعفر بن محمد عن يونس عن حماد ابن عيسى مثله.

__________________

(١) الانفال ١١.

* ـ ٦١٨ الكافي ج ١ ص ٢ الفقيه ج ١ ص ٦ مرسلا.

٦١٩ ـ الكافي ج ١ ص ٢ الفقيه ج ١ ص ٦ بتفاوت.

٢١٥

(٦٢١) ٤ ـ وروى هذا الخبر سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن ابي داود المنشد عن جعفر بن محمد عن يونس عن حماد بن عثمان عن ابي عبد الله عليه‌السلام مثله.

(٦٢٢) ٥ ـ وبهذا الاسناد عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن ماء البحر أطهور هو؟ قال : نعم.

(٦٢٣) ٦ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن ابى بكر الحضرمي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ماء البحر أطهور؟ قال : نعم.

قال الشيخ ايده الله تعالى (والجاري من الماء لا ينجسه شئ مما يقع فيه من ذوات الانفس السائلة فيموت فيه ولا شئ من النجاسات إلا أن يغلب عليه فيغير لونه أو طعمه أو رائحته وذلك لا يكون إلا مع قلة الماء وضعف جريه وكثرة النجاسة).

يدل على ذلك جميع ما تقدم من الآية والاخبار وإن اسم الماء متناول له وأما الذي يدل على انه إذا تغير لا يجوز استعماله.

(٦٢٤) ٧ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن ابان عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن الرجل يمر بالماء وفيه دابة ميتة قد انتنت قال : إن كان النتن الغالب على الماء فلا يتوضأ ولا يشرب.

(٦٢٥) ٨ ـ وأخبرني الشيخ أيده الله تعالى قال اخبرني أبو القاسم جعفر

__________________

* ـ ٦٢٢ ـ ٦٢٣ ـ الكافي ج ١ ص ٢.

٦٢٤ ـ ٦٢٥ ـ الاستبصار ج ١ ص ١٢ واخرج الاخير الكليني في الكافي ج ١ ص ٣ بتفاوت يسير.

٢١٦

ابن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد وعبد الرحمن ابن أبي نجران عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب فإذا تغير الماء أو تغير الطعم فلا توضأ منه ولا تشرب.

وهذا الخبران يدلان على ان الماء إذا تغير لونه أو طعمه فانه لا يجوز شربه والتطهر به سواء كان راكدا أو جاريا لانه مطلق غير مقيد ، وقد مضى مما تقدم ما يكون أيضا دلالة على ما ذكرناه وفي ذكره هناك كفاية وغنى عن اعادته إن شاء الله تعالى. وأما الخبر الذي رواه

(٦٢٦) ٩ ـ محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن ابي عمير عن حماد عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : في الماء الآجن (١) يتوضأ منه الا أن يجد ماءا غيره.

هذا إذا كان الماء آجنا من قبل نفسه فانه لا بأس باستعماله ، وإذا حله من النجاسة ما غيره فلا يجوز إستعماله على وجه البتة حسب ما قدمناه.

قال الشيخ أيده الله تعالى (وإذا وقع في الماء الراكد شئ من النجاسات وكان كرا وقدره الف ومائتا رطل بالبغدادي وما زاد على ذلك لم ينجسه شئ الا أن يتغير به كما ذكرناه في المياه الجارية هذا إذا كان الماء في غدير أو قليب ، فاما إذا كان في بئر أو حوض أو إناء فانه يفسد بسائر ما يموت فيه من ذوات الانفس السائلة وبجميع ما يلاقيه من النجاسات ولا يجوز التطهر به حتى يطهر ، وإن كان الماء في الغدران والقلبان دون الف رطل ومائتي رطل جرى مجرى مياه الآبار والحياض التي يفسدها ما وقع فيها من النجاسات ولم يجز الطهارة به).

__________________

(١) الآجن أجن الماء أجنا وأجونا من بابي ضرب وقعد تغير الا انه يشرب.

* ـ ٦٢٦ الاستبصار ج ١ ص ١٢ الكافي ج ١ ص ٣ بزيادة فيه.

(٢٨ التهذيب ج ١)

٢١٧

قد بينا فيما مضى ما يدل على حد الكر وانه متى بلغ الكر أو زاد عليه فانه لا يحمل خبثا إلا ما غير لونه أو طعمه ، وبينا أن ما نقص عن الكر فانه ينجسه ما يحمله من النجاسة وإن لم يغير لونه أو طعمه ، وأما حكم الآبار فسنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.

قال الشيخ أيده الله تعالى (ولا يجوز الطهارة بالمياه المضافة كماء الباقلا وماء الزعفران وماء الورد وماء الآس وماء الاشنان وأشباه ذلك حتى يكون الماء خالصا مما يغلب عليه وإن كان طاهرا في نفسه وغير منجس لما لاقاه).

الدليل على ذلك ما قدمناه من الآية ، وأن الله تعالى سوغ لنا الطهارة بما يقع عليه اطلاق اسم الماء فإذا كانت هذه المياه لا يطلق عليها اسم الماء إلا بالتقييد يجب أن لا يجوز التوضؤ بها ، ويدل على ذلك أيضا ان الوضوء حكم شرعي وما يتوضأ به أيضا حكم شرعي والذي قطع الشرع التوضؤ به ما يقع عليه اطلاق اسم الماء فيجب أن يكون ما عداه غير مجز في التوضؤ به لانه لا دليل عليه ، ويدل أيضا على ذلك الخبر الذي قدمنا ذكره من قول ابى عبد الله عليه‌السلام وانه قيل له الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ به للصلاة؟ قال : لا ، إنما هو الماء والصعيد. وقد بينا فيما تقدم انه لا فرق بين قول القائل إنما لك عندي كدا وبين قوله ليس لك عندي إلا كذا في انه في كلا الحالين يفيد أن ما عدا المذكور بعد إنما منفي فكأنه قال ليس يجوز التوضؤ إلا بالماء والصعيد ، وهذه المياه المضافة ليست مما يقع عليه اسم الماء على الاطلاق فيجب أن تكون منفية الحكم.

(٦٢٧) ١٠ ـ فاما الخبر الذي رواه محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن عليه‌السلام قال قلت له الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة؟ قال : لا بأس بذلك.

__________________

* ـ ٦٢٧ الاستبصار ج ١ ص ١٤ الكافي ج ١ ص ٢٢.

٢١٨

فهذا الخبر شاذ شديد الشذوذ وإن تكرر في الكتب والاصول فانما أصله يونس عن ابى الحسن عليه‌السلام ولم يروه غيره وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره وما يكون هذا حكمه لا يعمل به ، ولو سلم لاحتمل أن يكون أراد به الوضوء الذي هو التحسين وقد بينا فيما تقدم ان ذلك يسمى وضوءا وليس لاحد أن يقول إن في الخبر انه سأله عن ماء الورد يتوضأ به للصلاة لان ذلك لا ينافي ما قلناه ، لانه يجوز أن يستعمل للتحسين ومع هذا يقصد الدخول به في الصلاة من حيث انه متى استعمل الرائحة الطيبة لدخوله في الصلاة ولمناجاة ربه كان أفضل من أن يقصد التلذذ به حسب ، دون وجه الله تعالى وفي هذا اسقاط ما ظنه السائل ، ويحتمل أيضا أن يكون أراد عليه‌السلام بقوله ماء الورد الماء الذي وقع فيه الورد لان ذلك قد يسمى ماء ورد وإن لم يكن معتصرا منه لان كل شئ جاور غيره فانه يكسبه اسم الاضافة إليه وإن كان المراد به المجاورة ، ألا ترى انهم يقولون ماء الحب وماء المصنع وماء القرب وإن كانت هذه الاضافات إنما هي اضافات المجاورة دون غيرها وفي هذا اسقاط ما ظنوه.

(٦٢٨) ١١ ـ فاما الخبر الذي رواه محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين قال : إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللبن فلا يتوضأ باللبن إنما هو الماء أو التيمم ، فان لم يقدر على الماء وكان نبيذا فاني سمعت حريزا يذكر في حديث ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد توضأ بنبيذ ولم يقدر على الماء.

فاول ما في هذا الخبر ان عبد الله بن المغيرة قال عن بعض الصادقين ويجوز أن يكون من أسنده إليه غير امام وإن كان اعتقد فيه انه صادق على الظاهر فلا يجب العمل به ، والثاني انه أجمعت العصابة على انه لا يجوز الوضوء بالنبيذ فسقط أيضا الاحتجاج به من هذا الوجه ، ولو سلم من هذا كله كان محمولا على الماء الذي طيب بتميرات

__________________

* ـ ٦٢٨ الاستبصار ج ١ ص ١٥.

٢١٩

طرحن فيه إذا كان الماء مرا وإن لم يبلغ حدا يسلبه اطلاق اسم الماء لان النبيذ في اللغة هو ما ينبذ فيه الشئ ، والماء المر إذا طرح فيه تميرات جاز أن يسمى نبيذا ، ويدل على هذا التأويل.

(٦٢٩) ١٢ ـ ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى عن ابي القاسم جعفر ابن محمد عن محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلي بن محمد وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن محمد بن علي الهمداني عن علي بن عبد الله الحناط عن سماعة بن مهران عن الكلبي النسابة انه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن النبيذ فقال : حلال ، فقال إنا ننبذه فنطرح فيه العكر (١) وما سوى ذلك فقال شه شه (٢) تلك الخمرة المنتنة قال قلت جعلت فداك فأي نبيذ تعني؟ فقال : إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تغير الماء وفساد طبائعم فامرهم أن ينبذوا فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له فيعمد إلى كف من تمر فيقذف به في الشن فمنه شربه ومنه طهوره ، فقلت وكم كان عدد التمر الذي في الكف؟ فقال : ما حمل الكف ، قلت واحدة أو ثنتين؟ فقال : ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين ، فقلت وكم كان يسع الشن؟ فقال : ما بين الاربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك ، فقلت باي الارطال؟ فقال : ارطال مكيل العراق.

قال الشيخ أيده الله تعالى : (ولا يجوز الطهارة أيضا بالمياه المستعملة في الغسل من النجاسات كالحيض والاستحاضة والنفاس والجنابة وتغسيل الاموات ، ولا بأس بالطهور بماء قد استعمل في غسل الوجه واليدين لوضوء الصلاة وبماء استعمل أيضا في غسل الاجساد الطاهرة للسنة كغسل الجمعة والاعياد والافضل تحري المياه الطاهرة التي

__________________

(١) العكر : بفتحتين ماخثر ورسب من الزيت ونحوه.

(٢) شه شه : كلمة زجر ونفر مثل صه الا انها بالضم.

* ـ ٦٢٩ الاستبصار ج ١ ص ١٦ الكافي ج ٢ ص ١٩٥.

٢٢٠