ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٢

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-104-4
الصفحات: ٤٥٣

حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة ، وان خاف فوت الوقت فليبدأ بالفريضة » (١).

وعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت : أصلي في وقت فريضة نافلة ، قال : « نعم في أول الوقت إذا كنت مع إمام يقتدى به ، فإذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة » (٢).

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس ، فقال : « يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة » (٣).

وعن عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام : « انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى آذاه حرّ الشمس ، فركع ركعتين ثم صلّى الصبح » (٤).

قال في التهذيب : انما يجوز التطوع بركعتين ليجتمع الناس ليصلوا جماعة كما فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فامّا إذا كان الإنسان وحده فلا يجوز ان يبدأ بشي‌ء من التطوع (٥).

وعن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لكل صلاة مكتوبة ركعتان نافلة ، إلا العصر فإنه يقدّم نافلتها ، وهي الركعتان التي تمت بهما الثماني بعد الظهر. فإذا أردت أن تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا ، حتى تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ، ثم اقض ما شئت » (٦).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٨٨ ح ٣ ، الفقيه ١ : ٢٥٧ ح ١١٦٥ ، التهذيب ٢ : ٢٦٤ ح ١٠٥١.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨٩ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٦٤ ح ١٠٥٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٦٥ ح ١٠٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ ح ١٠٤٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٦٥ ح ١٠٥٨ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ ح ١٠٤٩.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٦٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٧٣ ح ١٠٨٦.

٣٠١

وهذه الاخبار يستفاد منها جواز النافلة في وقت الفريضة ، وخصوصا إذا كانت الجماعة منتظرة. نعم ، قد قال ابن أبي عقيل انّه قد تواترت الأخبار عنهم عليهم‌السلام انّهم قالوا : « ثلاث صلوات إذا دخل وقتهن لا يصلى بين أيديهن نافلة : الصبح ، والمغرب ، والجمعة إذا زالت الشمس » (١) فان صحّ هذا صلح للحجّة ، ومثله أورده الجعفي.

وقد اشتملت تلك الأحاديث على جواز التطوع أداء وقضاء لمن عليه فريضة ، وقد عارضها نحو رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال : « لا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة » (٢) مع إمكان حمله على الكراهية. فعلى هذا تجوز نافلة الطواف والزيارة وشبهها لمن عليه فريضة إذا كان لا يضرّ بها.

الثامن : قال ابن الجنيد : يستحب الإتيان بصلاة الليل في ثلاثة أوقات ، لقوله تعالى ( وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ ) ، وقد رواه أهل البيت عليهم‌السلام (٣).

قلت : أشار الى ما رواه معاوية بن وهب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وذكر صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « كان يأتي بطهور فيخمر عند رأسه ، ويوضع سواكه تحت فراشه ، ثم ينام ما شاء الله. فإذا استيقظ جلس ، ثم قلّب بصره في السماء ، ثم تلا الآيات من آل عمران ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ثم يستنّ ويتطهّر ، ثم يقوم الى المسجد فيركع أربع ركعات ، على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه ، يركع حتى يقال متى يرفع رأسه ، ويسجد حتى يقال متى يرفع رأسه ، ثم يعود الى فراشه فينام ما شاء الله.

__________________

(١) الحديث في أمالي الطوسي ٢ : ٣٠٦.

(٢) الكافي ٣ : ٢٩٢ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٦٦ ح ١٠٥٩ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ ح ١٠٤٦.

(٣) مختلف الشيعة : ١٢٤.

والآية في سورة طه : ١٣٠.

٣٠٢

ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلّب بصره في السماء ، ثم يستن ويتطهر ويقوم الى المسجد ، فيصلي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك ، ثم يعود الى فراشه فينام ما شاء الله. ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلّب بصره في السماء ، ثم يستن ويتطهر ويقوم الى المسجد ، فيوتر ويصلي الركعتين ثم يخرج إلى الصلاة » (١). ومعنى يستن : يستاك.

ودلّت رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام على جواز الجمع ، قال : « انما على أحدكم إذا انتصف الليل أن يقوم فيصلّي صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة ركعة » (٢).

وروايات على فعلها آخر الليل :

كرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « ومن السحر ثماني ركعات » (٣).

ورواية زرارة : « وثلاث عشرة ركعة من آخر الليل » (٤).

ورواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام : « بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة » (٥).

ورواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل » (٦).

ورواية سليمان بن حفص عن العسكري عليه‌السلام ، قال : « إذا بقي‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٣٤ ح ١٣٧٧.

والآية في سورة آل عمران : ١٦٤.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٧ ح ٥٣٣ ، الاستبصار ١ : ٣٤٩ ح ١٣٢٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٦ ح ١١ ، الاستبصار ١ : ٢١٩ ح ٧٧٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٧ ح ١٢.

(٥) التهذيب ٢ : ٧ ح ١٣.

(٦) التهذيب ٢ : ١١٨ ح ٤٤٣.

٣٠٣

ثلث الليل الأخير ، ظهر بياض من قبل المشرق فأضاءت له الدنيا ، فيكون ساعة ثم يذهب وهو وقت صلاة الليل ، ثم يظلم قبل الفجر ، ثم يطلع الفجر الصادق من قبل المشرق » (١).

وكل هذه الروايات ليس بينها تناف ، لإمكان كون التفريق بعد الانتصاف ، وكون التفريق من خصوصياته عليه‌السلام.

التاسع : الشفع مفصول عن الوتر بالتسليم‌ في أشهر الروايات ، كما رواه سعد بن سعد عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن الوتر أفصل أم وصل؟ قال : « فصل » (٢) ، وغيرها من الروايات.

وقد روى يعقوب بن شعيب ومعاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : التخيير بين التسليم وتركه (٣). وروى كردويه الهمداني ، قال : سألت العبد الصالح عن الوتر ، فقال : « صله » (٤).

وأشار في المعتبر الى ترك هذه الروايات عندنا (٥).

والشيخ أجاب عنها تارة بالحمل على التقية. وتارة بأن التسليم المخيّر فيه هو ( السلام عليكم ) الأخيرة ، ولا ينفي ( السلام علينا ) الى آخره. واخرى ان المراد بالتسليم ما يستباح به من الكلام وغيره ، تسمية للمسبب باسم السبب ، مثلما روى منصور عن مولى لأبي جعفر عليه‌السلام قال : « ركعتا الفجر (٦) ان شاء تكلم بينهما وبين الثالثة ، وان شاء لم يفعل » (٧) وكل هذا محافظة على‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٨٣ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ١١٨ ح ٤٤٥.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٨ ح ٤٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣٤٨ ح ١٣١٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٢٩ ح ٤٩٤ ، ٤٩٥ ، الاستبصار ١ : ٣٤٨ ح ١٣١٥ ، ١٣١٦.

(٤) التهذيب ٢ : ١٢٩ ح ٤٩٦ ، الاستبصار ١ : ٣٤٩ ح ١٣١٧.

(٥) المعتبر ٢ : ١٥.

(٦) كذا ، وفي المصدر : « الوتر ».

(٧) التهذيب ٢ : ١٢٩ والحديث فيه برقم ٤٩٧ ، وفي الاستبصار ١ : ٣٤٩ ح ١٣١٨.

٣٠٤

المشهور من الفصل.

العاشر : يستحب الاستغفار في قنوت الوتر سبعين مرة ، رواه معاوية بن عمار عن الصادق عليه‌السلام (١).

وعن أبي بصير ، قلت له ( الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) ، فقال : « استغفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وتره سبعين مرة » (٢).

وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « القنوت في الوتر الاستغفار ، وفي الفريضة الدعاء » (٣).

ويجوز الدعاء فيه على العدو ، رواه عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام ، قال : « وان شئت سميتهم وتستغفر » (٤) ورواه العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥).

ويجوز في القنوت ما شاء. روى حماد ، عن الحلبي ، عنه عليه‌السلام في قنوت الوتر شي‌ء مؤقت يتبع؟ فقال : « لا ، أثن على الله عز وجل ، وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واستغفر لذنبك العظيم » ، ثم قال : « كل ذنب عظيم » (٦).

قلت : فيه إشارة إلى تقوية من قال : كل الذنوب كبائر (٧). وانما كان كل ذنب عظيما ، لاشتراك الذنوب في الاقدام على مخالفة أمر الله ونهيه ، فهي بالنسبة إليه واحدة ، وبالنسبة إلى جلاله عظيمة.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٣٠ ح ٤٩٨.

(٢) التهذيب ١ : ١٣٠ ح ٥٠١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٠ ح ٩ ، الفقيه ١ : ٣١١ ح ١٤١٤ ، التهذيب ٢ : ١٣١ ح ٥٠٣.

(٤) الفقيه ١ : ٣٠٩ ح ١٤١٠ ، التهذيب ٢ : ١٣١ ح ٥٠٤.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٤٦٦ ح ٦٧٥ ، شرح معاني الآثار ١ : ٢٤١ ، السنن الكبرى ٢ : ١٩٧.

(٦) الكافي ٣ : ٤٥٠ ح ٣١ ، التهذيب ٢ : ١٣٠ ح ٥٠٢.

(٧) راجع : التبيان ٣ : ١٨٢ ، مجمع البيان ٢ : ٣٨ ، التفسير الكبير ١٠ : ٧٣ ، تفسير القرطبي ٥ : ١٥٩ في تفسير آية ( إِنْ تَجْتَذنِبُوا كَبائِرَ ) .. النساء : ٣١.

٣٠٥

واستحب العامة أن يقال فيه ما رواه الحسن بن علي عليه‌السلام ، قال : « علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وانه لا يذلّ من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت » (١). واستحبه فيه الصدوق (٢) وذكره المفيد ـ رحمه‌الله ـ أيضا في قنوت الوتر (٣).

ويستحب الدعاء فيه بما ذكره في المقنعة (٤) وبما ذكره الشيخ في المصباح (٥). والدعاء فيه لإخوانه بأسمائهم وأقلّهم أربعون ، ليستجاب دعاؤه ، وذكر ابن حمزة وبعض المصريين من الشيعة أنه يذكرهم من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، ويزيد عليهم ما شاء (٦).

الحادي عشر : يجوز الجلوس في النافلة مع الاختيار ، قال في المعتبر : وهو أطباق العلماء (٧). وينبّه عليه جواز الاحتياط المعرّض للنافلة من جلوس فالنافلة المحقّقة أولى ، ولما رواه مسلم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة » (٨).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من صلّى قائما فهو أفضل ، ومن صلّى قاعدا‌

__________________

(١) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ١١٧ ح ٤٩٨٤ ، سنن الدارمي ١ : ٣٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧٢ ح ١١٧٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٦٣ ح ١٤٢٠ ، الجامع الصحيح ٢ : ٣٢٨ ح ٤٦٤.

(٢) الفقيه ١ : ٣٠٨ ح ١٤٠٥.

(٣) المقنعة : ١٢٨.

(٤) المقنعة : ١٢٨.

(٥) مصباح المتهجد : ١٣٣.

(٦) الوسيلة : ١١٦.

(٧) المعتبر ٢ : ٢٣.

(٨) المصنف لعبد الرزاق ٢ : ٤٧٢ ح ٤١٢٣ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠٧ ح ٧٣٥ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥٠ ح ٩٥٠.

٣٠٦

فله نصف أجر القائم » (١).

وعن عائشة : لم يمت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى كان كثيرا من صلاته وهو جالس (٢).

وروى الأصحاب عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يكسل أو يضعف فيصلي التطوع جالسا ، قال : « يضعّف ركعتين بركعة » (٣).

وروى سدير عن أبي جعفر عليه‌السلام : « ما أصلّي النوافل الا قاعدا منذ حملت هذا اللحم » (٤).

وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وسأله عمن صلّى جالسا من غير عذر ، أتكون صلاته ركعتين بركعة؟ فقال : « هي تامة لكم » (٥). وقد تضمّنت الأخبار الأول احتساب ركعتين بركعة ، فيحمل على الاستحباب وهذا على الجواز.

ويستحب القيام بعد القراءة ، ليركع قائما وتحسب له بصلاة القائم ، رواه حماد بن عثمان عن أبي الحسن عليه‌السلام (٦) وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام (٧).

وابن إدريس منع من جواز النافلة جالسا مع الاختيار إلا الوتيرة ، ونسب الجواز الى الشيخ في النهاية ، والى رواية شاذة. واعترض على نفسه بجواز‌

__________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٤٤٢ ، صحيح البخاري ٢ : ٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٨ ح ١٢٣١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥٠ ح ٩٥١ ، الجامع الصحيح ١ : ٢٣١ ح ٣٦٩ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢٤.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٥٠٦ ح ٧٣٢ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٩٠.

(٣) التهذيب ٢ : ١٦٦ ح ٦٥٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩٣ ح ١٠٨٠.

(٤) الكافي ٣ : ٤١٠ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٦٩ ح ٦٧٤ ، باختلاف يسير.

(٥) الكافي ٣ : ٤١٠ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٣٨ ح ١٠٤٨ ، التهذيب ٢ : ١٧٠ ح ٦٧٧.

(٦) التهذيب ٢ : ١٧٠ ح ٦٧٦.

(٧) الكافي ٣ : ٤١١ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ١٧٠ ح ٦٧٥.

٣٠٧

النافلة على الراحلة مختارا سفرا وحضرا ، وأجاب : بأنّ ذلك خرج بالإجماع (١).

قلت : دعوى الشذوذ هنا مع الاشتهار عجيبة. والمجوّزون للنافلة على الراحلة هم المجوّزون لفعلها جالسا. وذكر النهاية هنا والشيخ يشعر بالخصوصية ، مع انّه قال في المبسوط : يجوز أن يصلّي النوافل جالسا مع القدرة على القيام ، وقد روي انه يصلّي بدل كل ركعة ركعتين ، وروي انه ركعة بركعة ، وهما جميعا جائزان (٢).

وقد ذكره أيضا المفيد ـ رحمه‌الله ـ فإنّه قال : وكذلك من أتعبه القيام في النوافل كلها ، وأحبّ أن يصليها جالسا للترفّه ، فليفعل ذلك وليجعل كل ركعتين بركعة (٣).

الثاني عشر : روى في التهذيب عن الحجال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : انه كان يصلي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية ولا يحتسب بهما ، وركعتين وهو جالس يقرأ فيهما بالتوحيد والجحد. فان استيقظ في الليل صلّى وأوتر ، وان لم يستيقظ حتى يطلع الفجر صلّى ركعة (٤) واحتسب بالركعتين اللتين صلاهما بعد العشاء وترا (٥).

وفيه إيماء إلى جواز تقديم الشفع في أول الليل ، وهو خلاف المشهور. نعم ، في خبر زرارة عنه عليه‌السلام : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يبيتن حتى يوتر » (٦) وهذا يمكن حمله على الضرورة.

__________________

(١) السرائر : ٦٨ ، ولاحظ : النهاية : ١٢١.

(٢) المبسوط ١ : ١٣٢.

(٣) المقنعة : ٢٣.

(٤) في المصدر : « ركعتين فصارت شفعا ».

وأورد الحديث الفيض الكاشاني في الوافي ٢ : ٥٧ ، والبحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٣٣ ، وفيهما « ركعة » وقالا : وفي بعض نسخ الحديث « ركعتين ».

(٥) التهذيب ٢ : ٣٤١ ح ١٤١٠.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٤١ ح ١٤١٢.

٣٠٨

وفي المصباح استحب أن يصلّي بعد ركعتي الوتيرة ركعتين من قيام (١). وأنكرهما ابن إدريس استسلافا لأنّ الوتيرة خاتمة النوافل (٢) كما صرح به الشيخان ـ في المقنعة والنهاية ـ حتى في نافلة شهر رمضان (٣) وهو مشهور بين الأصحاب.

والذي في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « وليكن آخر صلاتك وتر ليلتك » (٤) ولكنه في سياق الوتر لا الوتيرة.

ونسب ابن إدريس الرواية بالركعتين الى الشذوذ (٥).

وفي المختلف : لا مشاحة في التقديم والتأخير ، لصلاحية الوقت للنافلة (٦).

الثالث عشر : قد مرّ قراءة مائة آية في الوتيرة. وروى ابن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام : انّه كان يقرأ فيهما الواقعة والتوحيد (٧).

وتظاهرت الرواية بقراءة التوحيد ثلاثا في الشفع والوتر ، كرواية الحارث : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفعله (٨) ورواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام : « انّ أباه كان يفعله » (٩).

وروى أبو الجارود عن الصادق عليه‌السلام : « ان عليا عليه‌السلام كان‌

__________________

(١) مصباح المتهجد : ١٠٥.

(٢) السرائر : ٦٧.

(٣) المقنعة : ١٣ ، النهاية : ١١٩.

(٤) الكافي ٣ : ٤٥٣ ح ١٢ ، التهذيب ٢ : ٢٧٤ ح ١٠٨٧.

(٥) السرائر : ٦٧.

(٦) مختلف الشيعة : ١٢٤.

(٧) التهذيب ٢ : ١١٦ ح ٤٣٣.

(٨) التهذيب ٢ : ١٢٤ ح ٤٦٩.

(٩) التهذيب ٢ : ١٢٦ ح ٤٨١.

٣٠٩

يوتر بتسع سور » (١). وروى يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح ، انه سأله عن القراءة في الوتر ، وانّ بعضا يروي التوحيد في الثلاث ، وبعضا يروي المعوذتين وفي الثالثة التوحيد ، فقال : « اعمل بالمعوذتين وقل هو الله أحد » (٢). والبحث هنا في الأفضلية فالمشهور أولى.

واما القراءة في الثماني فبطوال السور ـ قاله الأصحاب ـ مع سعة الوقت. وفي رواية محمد بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، انه قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ في كل ركعة خمس عشرة آية ، ويكون ركوعه مثل قيامه ، وسجوده مثل ركوعه ، ورفع رأسه من الركوع والسجود سواء » (٣).

وعن أبي مسعود الطائي عنه عليه‌السلام : « انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ في أخيرة صلاة الليل هل أتى » (٤).

قال في التهذيب : وروي : « انّ من قرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الليل في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاثين مرة ، انفتل وليس بينه وبين الله ذنب الا غفر له » (٥) ، وكذا ذكر ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه بصيغة : ( وروي ) (٦).

واختلف كلام الأصحاب هنا :

ففي الرسالة والنهاية : يقرأ في أوليي صلاة الليل في الأولى التوحيد وفي الثانية الجحد (٧) وفي موضع آخر منها قدّم الجحد ، وروى العكس (٨). وكذا في‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٣٧ ح ١٣٩٠.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٧ ح ٤٨٣.

(٣) التهذيب ٢ : ١٢٣ ح ٤٦٨.

(٤) التهذيب ٢ : ١٢٤ ح ٤٦٩.

(٥) التهذيب ١ : ١٢٤ ح ٤٧٠.

(٦) الفقيه ١ : ٣٠٧ ح ١٤٠٣.

(٧) النهاية : ١٢٠.

(٨) النهاية : ٧٩.

٣١٠

المبسوط (١).

وقال المفيد وابن البراج : في أولاهما ثلاثون مرة التوحيد ، وفي الثانية ثلاثون مرة الجحد (٢).

وابن إدريس : في كل ركعة منهما بعد الحمد ثلاثون مرة التوحيد ، قال : وقد روي انّ في الثانية الجحد ، والأول أظهر (٣).

قلت : الكل حسن ، والبحث في الأفضلية ، وينبغي للمتهجد ان يعمل بجميع الأقوال في مختلف الأحوال.

ويستحب الجهر. روى يعقوب بن سالم ، انّه سأل الصادق عليه‌السلام في الرجل يقوم آخر الليل ويرفع صوته بالقرآن ، فقال : « ينبغي للرجل إذا صلّى في الليل ان يسمع أهله ، لكي يقوم القائم ويتحرك المتحرك » (٤).

ومع ضيق الوقت يخفّف ويقتصر على الحمد ، لقول الصادق عليه‌السلام لخائف الصبح : « اقرأ الحمد واعجل » (٥).

وروى محسن الميثمي عنه عليه‌السلام : « يقرأ في صلاة الزوال في الأولى الحمد والتوحيد ، وفي الثانية الحمد والجحد ، وفي الثالثة الحمد والتوحيد وآية الكرسي ، وفي الرابعة الحمد والتوحيد و ( آمَنَ الرَّسُولُ ) .. إلى آخر البقرة ، وفي الخامسة الحمد والتوحيد و ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ ) إلى ( الْمِيعادَ ) ، ، وفي السادسة الحمد والتوحيد و ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ ) الى ( الْمُحْسِنِينَ ) ، وفي السابعة الحمد والتوحيد ( وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ ) الى ( الْخَبِيرُ ) ، وفي الثامنة الحمد والتوحيد و ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ ) الى آخر‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٠٨ ، ١٣١.

(٢) المقنعة : ١٩ ، المهذب ١ : ١٣٥.

(٣) السرائر : ٦٧.

(٤) علل الشرائع : ٣٦٤ ، التهذيب ٢ : ١٢٤ ح ٤٧٢.

(٥) الكافي ٣ : ٤٤٩ ح ٢٧ ، التهذيب ٢ : ١٢٤ ح ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٠ ح ١٠١٩.

٣١١

الحشر (١).

وروى معاذ بن مسلم عنه عليه‌السلام : « لا تدع أن تقرأ بقل هو الله أحد وقل يا ايها الكافرون في سبع : في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين في أول صلاة الليل ، وركعتي الإحرام ، والفجر إذا أصبحت بهما ، وركعتي الطواف (٢).

قال في التهذيب : وفي رواية اخرى : « انه يقرأ في هذا كله بقل هو الله أحد ، وفي الثانية بقل يا أيّها الكافرون ، إلا في الركعتين قبل الفجر فإنّه يبدأ بقل يا أيّها الكافرون ، ثم يقرأ في الركعة الثانية قل هو الله أحد » (٣).

الرابع عشر : ذكر ابن بابويه ـ ونقله عنه في التهذيب ـ : انّ الصادق عليه‌السلام قال : « انّ الله تعالى انزل على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل صلاة ركعتين ، فأضاف إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة ركعتين في الحضر ، وقصر فيها في السفر الا المغرب والغداة. فلما صلّى المغرب بلغه مولد فاطمة عليها‌السلام فأضاف إليها ركعة شكرا لله عز وجل ، فلما ولد الحسن عليه‌السلام أضاف إليها ركعتين شكرا ، فلما ولد الحسين عليه‌السلام أضاف ركعتين إليها ، فقال ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) ، فتركها على حالها في الحضر والسفر » (٤).

الخامس عشر : روى الفضيل : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قوله عز وجل ( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ )؟ قال : « هي الفريضة ». قلت :

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٣ ح ٢٧٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٦ ح ٢٢ ، الخصال : ٣٤٧ ، التهذيب ٢ : ٧٤ ح ٢٧٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٤ ح ٢٧٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٨٩ ح ١٣١٩ ، علل الشرائع : ٣٢٤ ، التهذيب ٢ : ١١٣ ح ٤٢٤.

والآية في سورة النساء : ١١.

٣١٢

( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ )؟ قال : « هي النافلة » (١).

السادس عشر : يستحب ركعتان ساعة الغفلة ، وقد رواها الشيخ بسنده عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تنفّلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين ، فإنهما يورثان دار الكرامة. قيل : يا رسول الله وما ساعة الغفلة؟ قال : ما بين المغرب والعشاء » (٢).

ويستحب أيضا بين المغرب والعشاء : ركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد ( وَذَا النُّونِ ) .. إلى ( الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) وفي الثانية بعدها ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ) الآية (٤) ، ويدعو ويسأل الله حاجته ، فعن الصادق عليه‌السلام : « انّ الله يعطيه ما يشاء » (٥).

السابع عشر : من فاتته صلاة الليل ، فقام قبل الفجر فصلّى الشفع والوتر وسنة الفجر ، كتبت له صلاة الليل ، رواه معاوية بن وهب عن الصادق عليه‌السلام (٦).

ويستحب الدعاء بالمأثور في هذه السنن وبعدها.

الثامن عشر : قد تترك النافلة لعذر ، ومنه : الهم والغم ، لرواية علي بن أسباط عن عدة منا : ان الكاظم عليه‌السلام كان إذا اهتمّ ترك النافلة (٧) وعن‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٦٩ ح ١٢ ، التهذيب ٢ : ٢٤٠ ح ٩٥١.

والآيتان في سورة المؤمنين : ٩ ، وسورة المعارج : ٢٣.

(٢) الفقيه ١ : ٣٥٧ ح ١٥٦٤ ، ثواب الأعمال : ٦٨ ، معاني الأخبار : ٢٦٥ ، علل الشرائع : ٣٤٣ ، التهذيب ٢ : ٢٤٣ ح ٩٦٣.

(٣) سورة الأنبياء : ٨٧ ، ٨٨.

(٤) سورة الانعام : ٥٩.

(٥) مصباح المتهجد : ٩٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٣٧ ح ١٣٩١ ، ٣٤١ ح ١٤١١.

(٧) الكافي ٣ : ٤٥٤ ح ١٥ ، التهذيب ٢ : ١١ ح ٢٤.

٣١٣

معمر بن خلاد عن الرضا عليه‌السلام ، مثله إذا اغتم (١) والفرق بينهما ان الغم لما مضى ، والهم لما يأتي. وفي الصحاح : الاهتمام الاغتمام (٢).

التاسع عشر : ذكر ابن بابويه انّ نافلة الظهر تسمى : صلاة الأوّابين (٣) وهو في خبر محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « وربما أخرت الظهر ذراعا من أجل صلاة الأوابين » (٤).

فائدة :

يشترط في وجوب الصلاة البلوغ والعقل إجماعا ، ولحديث : « رفع القلم » (٥). والخلو في النساء من الحيض والنفاس ، لما مرّ. واما الإسلام فشرط الصحة لا الوجوب ، وتسقط بإسلامه لما سلف.

ويستحب تمرين الصبي لست ، رواه إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام (٦) ومحمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (٧) بلفظ ( الوجوب ) في الخبرين تأكيدا للاستحباب.

وعن الباقر عليه‌السلام : في صبيانهم خمس ، وغيرهم سبع (٨).

ويضرب عليها لعشر ، لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، انّه قال :

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١١ ح ٢٣.

(٢) الصحاح ٥ : ٢٠٦١ مادة ـ همم.

(٣) الفقيه ١ : ١٤٦.

(٤) الكافي ٣ : ٢٨٩ ح ٥.

(٥) مسند أحمد ٦ : ١٠٠ ، صحيح البخاري ٧ : ٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٥٨ ح ٢٠٤١ ، سنن أبي داود ٤ : ١٣٩ ح ٤٣٩٨ ، الجامع الصحيح ٤ : ٣٢ ح ١٤٢٣.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٨١ ح ١٥٨٩ ، ١٥٩١ ، الاستبصار ١ : ٤٠٨ ح ١٥٦١ ، ١٥٦٢.

(٧) التهذيب ٢ : ٣٨١ ح ١٥٨٩ ، ١٥٩١ ، الاستبصار ١ : ٤٠٨ ح ١٥٦١ ، ١٥٦٢.

(٨) الكافي ٣ : ٤٠٩ ح ١ ، الفقيه ١ : ١٨٢ ح ٨٦١ ، التهذيب ٢ : ٣٨٠ ح ١٥٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٠٩ ح ١٥٦٤.

٣١٤

« مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر » (١).

قال بعض الأصحاب : إنما يضرب لإمكان الاحتلام (٢) ، ويضعف : بأصالة العدم وندوره ، بل استصلاحا ، ليتمرن على فعلها فيسهل عليه إذا بلغ ، كما يضرب للتأديب.

وقال ابن الجنيد : يستحب ان يعلم السجود لخمس ، ويوجّه وجهه إلى القبلة. وإذا تمّ له ست علّم الركوع والسجود وأخذ بالصلاة ، فإذا تمت له سبع علّم غسل وجهه وان يصلي ، فإذا تم له تسع علّم الوضوء وضرب عليه ، وأمر بالصلاة وضرب عليها.

قال : وكذلك روي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام. ثم روى الضرب عند العشر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وروى الصدوق عن عبد الله بن فضال عن الباقرين عليهما‌السلام : « إذا بلغ الغلام ثلاث سنين ، قيل له : لا إله إلا الله ، سبع مرات. ثم يترك حتى يتم له أربع (٣) سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما ، فيقال له : قل : محمد رسول الله ، سبعا. فإذا أتمّ أربع سنين قيل له : قل (٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فإذا أتمّ خمسا وعرف يمينه من شماله أمر بالسجود إلى القبلة. فإذا أتم سبعا أمر بغسل الوجه والكفين والصلاة. فإذا أتم تسعا علم الوضوء والصلاة وضرب عليهما. فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله تعالى لوالديه » (٥).

ولو صلّى ثم بلغ في الوقت أعاد ، لأنّه تعلق به الخطاب حينئذ ، وما فعله‌

__________________

(١) مسند أحمد ٢ : ١٨٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٣ ح ٤٩٤ ، سنن الدار قطني ١ : ١٢٣ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٩٧.

(٢) قاله العلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ٧٩.

(٣) كذا ، وفي المصدر : « ثلاث ».

(٤) في المصدر زيادة : « سبع مرات ».

(٥) الفقيه ١ : ١٨٢ ح ٨٦٣.

٣١٥

لم يكن واجبا فلا يؤدّى به الواجب.

فروع :

لو صلى الظهر يوم الجمعة ثم بلغ وجبت الجمعة ، لعين ما ذكرناه.

ولو بلغ في أثناء الصلاة بغير المبطل ، فالأصح الاستئناف إن بقي قدر الطهارة وركعة ، والا استحب البناء ، ويتخير بين نية الوجوب أو الندب كما مر في الوضوء. وقطع الشيخ ـ في الخلاف ـ بان صلاته شرعية ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مروهم بالصلاة لسبع » ، وبنى عليه جواز إمامته في الفريضة (١).

ورخص لهم في الجمع بين العشاءين ، عن زين العابدين عليه‌السلام (٢).

ويستحب تفريقهم في صلاة الجماعة عن الباقر عليه‌السلام (٣) وروى عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : بلوغ الغلام والجارية بثلاث عشرة (٤) والسند ضعيف.

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٢٣ المسألة ١٧.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في : مسند أحمد ٢ : ١٨٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٣ ح ٤٩٤ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٩٧.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٩ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٣٨٠ ح ١٥٨٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٠٩ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٨٠ ح ١٥٨٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٨٠ ح ١٥٨٨.

٣١٦

مواقيت الصلاة‌

٣١٧
٣١٨

الباب الثالث :

في المواقيت‌

وفصوله أربعة :

الأول :

في مواقيت الفرائض الخمس.

يجب معرفة الوقت لئلا يصلّي في غيره ، ولا يجوز تقديم الصلاة على وقتها إجماعا.

وما روي عن ابن عباس والشعبي من جواز استفتاح المسافر الظهر قبل الزوال بقليل (١) متروك ، لسبق الإجماع ولحاقه. وقد روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إذا صلّيت شيئا من الصلوات في السفر في غير وقتها لا يضر » (٢) وحمله الشيخ على خروج الوقت لعذر (٣) ، مع معارضتها بخبر أبي بصير عنه عليه‌السلام : « من صلّى في غير وقت فلا صلاة له » (٤).

والصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا عند الأكثر. وقد يظهر من كلام المفيد التضيّق ، حيث حكم بأنه لو مات قبل أدائها في الوقت كان مضيّعا ، وإن بقي حتى يؤديها عفي عن ذنبه (٥).

لنا : ما روى زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « أحب الوقت الى الله حين يدخل وقت الصلاة ، فإن لم تفعل فإنك في وقت منها حتى تغيب‌

__________________

(١) انظر : المغني لابن قدامة ١ : ٤٤١ ، بداية المجتهد ١ : ٩٢.

(٢) الفقيه ١ : ٣٥٨ ح ١٥٧٤ ، التهذيب ٢ : ١٤١ ح ٥٥١ ، الاستبصار ١ : ٢٤٤ ح ٨٦٩.

(٣) التهذيب ٢ : ١٤١.

(٤) الكافي ٣ : ٢٨٥ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ ح ٥٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٤٤ ح ٨٦٨.

(٥) المقنعة : ١٤.

٣١٩

الشمس » (١).

وروى محمد بن مسلم : ربما دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وقد صلّيت الظهرين ، فيقول : « أصليت الظهر؟ » فأقول : نعم ، والعصر. فيقول : « ما صليت العصر » (٢) ، فيقوم مسترسلا غير مستعجل فيتوضأ أو يغتسل ، ثم يصلّي الظهر ، ثم يصلّي العصر (٣).

ويقرب منه رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في قوم بعضهم يصلّي الظهر وبعضهم يصلي العصر ، فقال : « كل واسع » (٤). في أخبار كثيرة.

واحتج في التهذيب للمفيد برواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، إنه قال : « لكل صلاة وقتان ، فأول الوقت أفضله. وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا ، إلاّ في عذر من غير علة » ، وعن ربعي عنه عليه‌السلام : « إنّا لنقدّم ونؤخّر وليس كما يقال : من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك ، وإنما الرخصة للناسي والمريض والمدنف والمسافر والنائم في تأخيرها » ، ولأن الأمر على الفور. ثم قال : ولم نرد بالوجوب هنا ما يستحق به العقاب ، بل ما يستحق به اللوم والعتب والأولى فعله (٥).

قلت : ظاهر انتفاء دلالة هذه على العصيان ، وقد اعترف به الشيخ.

ويمكن أن يحتج بما رواه الصدوق عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أول‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٤ ح ٦٩ ، الاستبصار ٣ : ٨٧ ح ٥.

(٢) كذا ، وفي المصدرين : « الظهر ».

(٣) التهذيب ٢ : ٢٥٢ ح ٩٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٥٦ ح ٩٢٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٥١ ح ٩٩٧ ، الاستبصار ١ : ٢٥٦ ح ٩١٨ ، وفيهما : « كل ذلك واسع ».

(٥) التهذيب ٢ : ٤١.

ورواية ابن سنان فيه برقم ١٢٤ ، وفي الكافي ٣ : ٢٧٤ ح ٣ ، والاستبصار ١ : ٢٤٤ ح ٨٧٠.

ورواية ربعي فيه برقم ١٣٢ ، وفي : الاستبصار ١ : ٢٦٢ ح ٩٣٩.

٣٢٠