علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهل ترك عقيل لنا داراً ؟ إنّا أهل بيت لا نسترجع شيئاً يؤخذ منّا ظلماً ، فلذلك لم يسترجع فدك (١) لمّا ولي» (٢) .

[ ٢٨٥ / ٣ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أحمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لِمَ لم يسترجع فدكاً لمّا ولي الناس ؟

فقال : «لأنّا أهل بيت لايأخذ حقوقنا (٣) ممّن ظلمنا إلاّ هو (٤) ، ونحن أولياء المؤمنين ، إنّما نحكم لهم ونأخذ حقوقهم ممّن ظلمهم ولا نأخذ لأنفسنا» (٥) .

ـ ١٢٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها كنّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين

علي بن أبي طالب : أبا تراب

[ ٢٨٦ / ١ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أبو سعيد

__________________

(١) في «ج ، ل ، ش» : فدكاً ، وفي هامشهما عن نسخة : فدك.

(٢) أورده مرسلاً ، ابن طاووس في الطرائف ١ : ٣٦٣ / ذيل الحديث ٣٤٩ ، والإربلي في كشف الغمّة ٢ : ٢٤٢ ، وابن شهر آشوب في المناقب ١ : ٣٣٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٣٩٦ / ٢.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : لأنّا أهل بيت وليّنا الله عزّوجلّ ، لا يأخذ لنا حقوقنا.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون الضمير راجعاً إلى الله وإلى الظالم ، وعلى التقديرين يكون الاستثناء منفصلاً. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) ذكره المصنّف باختلاف في العيون ٢ : ٨٦ / ٣٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٢٩ : ٣٩٦ / ٣.

٣٠١

الحسن بن علي السكري ، قال : حدّثنا الحسين بن حسّان (١) العبدي ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن مسلم ، عن يحيى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الفجر ثمّ قام بوجه كئيب وقمنا معه حتّى صار إلى منزل فاطمة صلوات الله عليها فأبصر عليّاً نائماً بين يدي الباب على الدقعاء (٢) ، فجلس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول : «قم فداك أبي وأُمّي يا أبا تراب» ، ثمّ أخذ بيده ودخلا منزل فاطمة فمكثنا (٣) هنيّة (٤) ثمّ سمعنا ضحكاً عالياً ، ثمّ خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بوجه مشرق ، فقلنا : يا رسول الله ، دخلت بوجه كئيب وخرجت بخلافه؟

فقال : «كيف لاأفرح وقد أصلحت بين اثنين أحبّ أهل الأرض إليّ ، و (٥) إلى أهل السماء» (٦) .

[ ٢٨٧ / ٢ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا الحسن بن علي ابن الحسين السكري ، قال : حدّثنا عثمان بن عمران ، قال : حدّثنا عبيد (٧) الله ابن موسى ، عن عبدالعزيز ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : كان بين عليٍّ وفاطمة عليهما‌السلام كلام فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأُلقي له مثال (٨) فاضطجع عليه فجاءت فاطمة عليها‌السلام فاضطجعت من

__________________

(١) في «ح ، س» : الحسن بن خالد ، وفي «ج ، ل ، ع» : الحسين بن علي.

(٢) في «ن» : الرقعاء ، وفي هامشها كما في المتن ، وورد في حاشية «ج ، ل» : التراب. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ : ١٢٧.

(٣) في نسخة «ش ، ن» وحاشية «ج ، ل» عن نسخة : فمكثا.

(٤) في «ج ، ل ، ش ، ح» : هنيئة.

(٥) كلمة «إليّ و» لم ترد في «ج ، ل ، ش ، ح ، ن».

(٦) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٥٠ / ٣.

(٧) في «ح ، س» : عبد ، وفي حاشية «ح» عن نسخة : عبيد.

(٨) ورد في حاشية «ج ، ل» : المثال : الفراش. القاموس المحيط ٣ : ٦١٣.

٣٠٢

جانب وجاء عليٌّ عليه‌السلام فاضطجع من جانب ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يده فوضعها على سرّته ، وأخذ يد فاطمة فوضعهاعلى سرّته فلم يزل حتّى أصلح بينهما ، ثمّ خرج فقيل له : يارسول الله ، دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البشرى (١) في وجهك؟

قال : «ما يمنعني وقد أصلحت بين اثنين أحبّ مَنْ على وجه الأرض إليَّ» (٢) .

قال محمّد بن علي بن الحسين مصنّف هذا الكتاب ـ : ليس هذاالخبر عندي بمعتمد ولا هو لي بمعتقد في هذه العلّة؛ لأنّ عليّاً عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام ماكان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الإصلاح بينهما؛ لأنّه عليه‌السلام سيّد الوصيّين وهي سيّدة نساء العالمين مقتديان بنبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حسن الخلق ، لكنّي أعتمد في ذلك على ما حدّثني به.

[ ٢٨٨ / ٣ ] أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا أبوالعبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا ، قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب ، قال : حدّثنا تميم ابن بهلول ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبو الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن عباية بن ربعي ، قال : قلت لعبدالله بن عبّاس : لِمَ كنّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً عليه‌السلام أبا تراب؟

قال : لأنّه صاحب الأرض ، وحجّة الله على أهلها بعده ، وبه بقاؤها وإليه سكونها ، ولقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنّه إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ما أعدّ الله تبارك وتعالى لشيعة عليٍّ من الثواب والزلفى

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : البشر بالكسر : طلاقة الوجه. الصحاح ٢ : ٢٢٦ / بشر.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ١٤٦ / ٢.

٣٠٣

والكرامة ، قال : ياليتني (١) كنت تراباً يعني (٢) من شيعة عليٍّ وذلك قول الله عزوجل : ( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ) (٣) » (٤) .

[ ٢٨٩ / ٤ ] حدّثني (٥) الحسين بن يحيى بن ضريس ، عن معاوية بن صالح بن ضريس البجلي ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، قال : حدّثنا محمّد بن يزيد ، وهشام الزراعي (٦) ، قال : حدّثني عبدالله بن ميمون الطهوي ، قال : حدّثنا ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : بينا أنا مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في نخيل (٧) المدينة وهو يطلب عليّاً عليه‌السلام إذ انتهى إلى حائط فاطّلع فيه فنظر إلى عليٍّ عليه‌السلام وهو يعمل في الأرض وقد إغبار ، فقال : «ما ألوم الناس أن يكنّوك أباتراب» فلقد رأيت عليّاً تمعّر وجهه وتغيّر لونه ، واشتدّ ذلك عليه فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألا أرضيك يا علي؟

قال : نعم يا رسول الله» فأخذ بيده فقال : «أنت أخي ووزيري ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون هذا وجهاً آخر لتسميته عليه‌السلام بأبي تراب ؛ لأنّ شيعته لكثرة تذلّلهم له وانقيادهم لأوامره سمّوا تراباً كما في الآية ، ولكونه عليه‌السلام صاحبهم وقائدهم ومالك اُمورهم سُمّي أباتراب ، ويمكن أن يكون نقل ذلك استطراداً فيكون المراد ياليتني كنت أبا ترابيّاً ، والأب يسقط في النسبة مطّرداً ،

وقد يحذف الباء أيضاً ، كما يقال : تميم وقريش لبنيهما ، يمكن نزول الآية ترابيّاً فغيّرت. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في «ح ، س ، ع» زيادة : أي ، وفي «ج ، ل» زيادة : أي ياليتني كنت.

(٣) سورة النبأ ٧٨ : ٤.

(٤) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ١٢٠ / ١ ، وأورده الطبري في بشارة المصطفى : ٢٩ / ١٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٥١ / ٤.

(٥) في النسخ : حدّثنا.

(٦) في «ج ، ل ، ع ، ش ، ن» وحاشية «ح» عن نسخة : الزماعي ، وفي «س ، ح» وحاشية «ج ، ل»عن نسخة : الزباعي.

(٧) في «ج ، ل ، ح ، س» وحاشية «س» عن نسخة : نخل ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة كمافي المتن .

٣٠٤

وخليفتي (١) في أهلي ، تقضي ديني ، وتبرئ ذمّتي ، من أحبّك في حياة منّي فقد قضي له بالجنّة ، ومن أحبّك في حياة منك (٢) بعدي ختم الله له بالأمن والإيمان ، ومن أحبّك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر ، ومن مات وهو يبغضك ياعلي مات ميتة جاهليّة ، يحاسبه الله عزوجل بما عمل في الإسلام» (٣) .

ـ ١٢٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها كان أمير المؤمنين عليه‌السلام

يتختّم بأربعة خواتيم

[ ٢٩٠ / ١ ] حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق المذكّر المعروف بأبي سعيد المعلّم النيشابوري بنيشابور ، قال : أخبرنا أبوجعفر محمّد بن أحمد بن سعيد ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن مسلم بن زرارة (٤) الرازي (٥) ، قال : حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي ، قال : حدّثنا سفيان الثوري ، عن إسماعيل السندي ، عن عبد خير قال : كان لعليّ ابن أبي طالب عليه‌السلام أربعة خواتيم يتختّم بها : ياقوت لنبله (٦) ، وفيروزج

__________________

(١) في «ج ، ل» زيادة : بعدي.

(٢) في «ح ، س» زيادة : من.

(٣) أورده ابن سليمان الكوفي في مناقب الإمام أمير المؤمنين ١ : ٣٣٠ / ٣٢١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٤٩ / ٢.

(٤) في «ج ، ل ، ش ، ح ، ن» : أبو زرارة.

(٥) في النسخ : الرازني.

(٦) ورد في حاشية «ج ، ل» : النُبل بالضمّ الذكاء والنجابة. القاموس المحيط ٣ : ٦٢٠.

٣٠٥

لنصره (١) ، والحديد الصيني لقوّته ، وعقيق لحرزه.

وكان نقش الياقوت : لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين ، ونقش الفيروزج : الله الملك الحقّ المبين (٢) ، ونقش الحديد الصيني : العزّة لله جميعاً ، ونقش العقيق ثلاثة أسطر : ما شاء الله ، لا قوّة إلاّ بالله ، أستغفر الله (٣) .

ـ ١٢٧ ـ

علّة تختّم أمير المؤمنين صلوات الله عليه في يمينه

[ ٢٩١ / ١ ] حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار النيسابوري رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان ، عـن محمّد بـن أبي عمير ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه‌السلام : أخبرني عـن تختّم أمير المؤمنين عليه‌السلام بيمينه لأيّ شيء كان؟

فقال : «إنّما كان يتختّم بيمينه؛ لأنّه إمام أصحاب اليمين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد مدح الله تعالى أصحاب اليمين وذمّ أصحاب (٤) الشمال ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتختّم بيمينه وهو علامة لشيعتنا يُعرفون به (٥) ،

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : لبصره.

(٢) كلمة «المبين» لم ترد في «س ، ش ، ع ، ج ، ن».

(٣) ذكره المصنّف في الخصال : ١٩٩ / ٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٢ : ٦٨ / ١٧.

(٤) في «س» : أهل ، بدل : أصحاب ، وفي حاشيتها كما في المتن.

(٥) في «ش» : بها.

٣٠٦

وبالمحافظة على أوقات الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ومواساة الإخوان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر» (١) .

[ ٢٩٢ / ٢ ] حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب القرشي ، قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم القاييني ، قال : حدّثنا أبو قريش ، قال : حدّثنا عبدالجبّار ، ومحمّد بن منصور الخزّاز ، قالا : حدّثنا عبدالله بن ميمون القدّاح ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن جابر بن عبدالله : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتختّم بيمينه (٢) .

[ ٢٩٣ / ٣ ] حدّثنا عبدالله بن محمّد بن عبد الوهّاب القرشي ، قال : حدّثنا منصور بن عبدالله بن إبراهيم الأصفهاني ، قال : حدّثنا علي بن عبدالله الإسكندراني ، قال : حدّثنا عبّاس بن العبّاس القانعي ، قال : حدّثنا سعيد الكندي ، عن عبدالله بن حازم الخزاعي ، عن إبراهيم بن موسى الجهني ، عن سلمان الفارسي ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّ عليه‌السلام : «ياعلي ، تختّم باليمين تكن من المقرّبين».

قال : «يا رسول الله ، وما المقرّبون؟» قال : «جبرئيل وميكائيل».

قال : «بما أتختّم يا رسول الله؟» قال : «بالعقيق الأحمر ، فإنّه أقرّ لله عزوجل بالوحدانيّة ، ولي بالنبوّة ، ولك ياعلي بالوصيّة ، ولولدك بالإمامة ، ولمحبّيك بالجنّة ، ولشيعة ولدك بالفردوس» (٣) .

__________________

(١) أورده المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٢ : ٦٨ / ١٨.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٩٧ / ٣٥.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٢ : ٦٩ / ١٩.

٣٠٧

 ـ ١٢٨ ـ

باب علّة الصلع في رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام ،

والعلّة التي من أجلها سُمّي الأنزع البطين

[ ٢٩٤ / ١ ] حدّثنا أبي ، ومحمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ما قالا : حدّثنا أحمد بن إدريس ، ومحمّد بن يحيى العطّار ، جميعاً عن محمّد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري ، بإسناد متّصل لم أحفظه : أنّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : «إذا أرادالله بعبد خيراً رماه بالصلع (١) ، فتحاتّ (٢) الشعر عن رأسه وها أنا ذا» (٣) .

[ ٢٩٥ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا الحسن بن علي العدوي ، عن عبّاد بن صهيب (٤) ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : «سأل رجل أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أسألك عن ثلاث هنّ فيك : أسألك (٥) عن قصر خلقك ، وكبر بطنك ، وعن صلع رأسك؟

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الصلع ـ محرّكةً ـ : انحسار شعر مقدّم الرأس. القاموس المحيط٣ : ٦٦ / الصلع.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : تحاتّ الورق : سقطت ، كانحتت وتحاتت. القاموس المحيط ١ : ١٩٦ / تحت.

(٣) أورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٣ : ١٣٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٥٣ / ٨.

(٤) في «ح ، س» زيادة : ابن عبّاد.

(٥) لم ترد في «ح».

٣٠٨

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى لم يخلقني طويلاً ، ولم يخلقني قصيراً ولكن خلقني معتدلاً أضرب القصير فأقدّه (١) وأضرب الطويل فأقطّه (٢) ، وأمّا كبر بطني فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علّمني باباً من العلم ففتح ذلك الباب ألف باب (٣) فازدحم في بطني فنفخت عن ضلوعي» (٤) .

[ ٢٩٦ / ٣ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى ابن زكريّا القطّان ، قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن عباية (٥) بن ربعي ، قال : جاء رجل إلى ابن عبّاس فقال له : أخبرني عن الأنزع البطين علي بن أبي طالب فقد اختلف الناس فيه؟

فقال له ابن عباس : أيّها الرجل ، والله لقد سألت عن رجل ما وطئ الحصى بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل منه ، وأنّه لأخو رسول الله وابن عمّه ووصيّه وخليفته على أُمّته ، وأنّه الأنزع من الشرك ، بطين من العلم ، ولقد سمعتُ رسولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «مَنْ أراد النجاة غداً فليأخذ بحجزة (٦) هذا الأنزع»يعني عليّاً عليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : القدّ : الشقّ طولاً. القاموس المحيط ١ : ٤٥١.

(٢) في «ح ، س ، ش» : فاقطعه ، وفي حاشية «س» كما في المتن.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : لا أستعباد في أن يكون كثرة العلم سبباً لذلك خصوصاً العلوم التي لايمكن إظهارها ، ولعلّ التجربة أيضاً شاهدة بذلك. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) ذكره المصنّف في الخصال : ١٨٩ / ٢٦١ ، وأورده الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ١ : ٢٥٣ / ٢٥٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٥٣ / ٩.

(٥) في «ح» : عبّاد.

(٦) أصل الحجزة : موضع شدّ الإزار ، ثمّ قيل للإزار : حجزة ؛ للمجاورة ، واحتجز الرجل بالإزار إذا شدّه على وسطه ، فاستعير للاعتصام ، ومنه الحديث : النبيّ آخذ بحجزة الله ، أي بسبب منه. النهاية في غريب الحديث والأثر ١ : ٣٣٢.

(٧) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٦٣ / ١١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٣٥ : ٥٣ / ٧.

٣٠٩

ـ ١٢٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي علي بن أبي طالب عليه‌السلام

أميرالمؤمنين

والعلّة التي من أجلها سُمّي سيفه : ذا الفقار

والعلّة التي من أجلها سُمّي القائم قائماً ، والمهدي مهديّاً

[ ٢٩٧ / ١ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق ، ومحمّد بن محمّد ابن عصام رضي‌الله‌عنه ما قالا : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني ، قال : حدّثنا القاسم بن العلاء ، قال : حدّثنا إسماعيل الفزاري ، قال : حدّثنا محمّد ابن جمهور العمّي (١) ، عن ابن أبي نجران عمّن ذكره ، عن أبي (٢) حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، قال : سألت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما‌السلام : يابن رسول الله ، لِمَ سُمّي عليّ عليه‌السلام أمير المؤمنين ، وهو اسم ما سُمّي به أحد قبله ولا يحلّ لأحد بعده؟

قال : «لأنّه ميرة (٣) العلم ، يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره».

قال : فقلت : يابن رسول الله ، فلم سُمّي سيفه ذا الفقار؟

فقال عليه‌السلام : «لأنّه ما ضرب به أحد من خلق الله إلاّ أفقره من (٤) هذه

__________________

(١) في «ج ، ل ، ح ، ن ، ش» : القمّي ، وفي حاشيتها : العمّي.

(٢) في «ح ، ن ، ع» : ابن.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون المراد أنّ إمارته عليه‌السلام ليس حيث السلطنة الدنيويّة ، بل لأنّه عليه‌السلام مفيد للعلوم والمعارف الإلهيّة ، ويمكن [ أن يكون ] «أمير»فعلاً مضارعاً على صيغة المتكلّم ، ويكون عليه‌السلام قد قال ذلك ثمّ اشتهر به كما في«تأبّط شرّاً» أو يكون على سبيل القلب ، وهو بعيد كما لا يخفى ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : في.

٣١٠

الدنيا من أهله وولده ، وأفقره في الآخرة من الجنّة».

قال : فقلت : يابن رسول الله ، فلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال : «بلى».

قلت : فلِمَ سُمّي القائم قائماً؟ قال : «لمّا قُتل جدّي الحسين عليه‌السلام ضجّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب (١) وقالوا : إلهنا وسيّدنا ، أتغفل عمّن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك ، فأوحى الله عزوجل إليهم : قرّوا ملائكتي ، فوعزّتي وجلالي لأنتقمنّ منهم ولو بعد حين ، ثمّ كشف الله عزوجل عن الأئمّة من ولد الحسين عليه‌السلام للملائكة فسرّت الملائكة بذلك ، فإذا أحدهم قائم يصلّي ، فقال الله عزوجل : بذلك القائم أنتقم منهم» (٢) .

[ ٢٩٨ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني (٣) ، قال : حدّثنا محمّدبن يعقوب ، عن علاّن الكليني ، رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : «إنّماسُمّي سيف أمير المؤمنين عليه‌السلام ذا الفقار؛ لأنّه كان في وسطه خطّ في طوله ، فشبّه بفقار الظهر فسُمّي ذا الفقار بذلك ، وكان سيفاً نزل به جبرئيل عليه‌السلام من السماء ، وكانت حلقته فضّة ، وهو الذي نادى به مناد من السماء : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ» (٤) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : النحب : أشدّ البكاء ، كالنحيب. القاموس المحيط ١ : ١٧٤.

(٢) أورده الطبري في دلائل الإمامة : ٤٥١ / ٤٢٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٣٧ : ٢٩٤ / ٨.

(٣) في «ح ، ن ، ع ، س» زيادة : رحمه‌الله .

(٤) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٦٣ / ١٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٤٢ : ٦٥ / ٧.

٣١١

[ ٢٩٩ / ٣ ] حدّثنا (١) أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن الحسن ابن علي الكوفي ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن سفيان بن عبد المؤمن الأنصاري ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : أقبل رجل إلى أبي جعفر عليه‌السلام وأنا حاضر ، فقال : رحمك الله ، اقبض هذه الخمسمائة درهم فضَعْها في موضعها (٢) ؛ فإنّها زكاة مالي ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «بل خذها أنت فضَعْها في جيرانك والأيتام والمساكين ، وفي إخوانك من المسلمين ، إنّمايكون هذا إذا قام قائمنا (٣) فإنّه يقسّم بالسويّة ويعدل في خلق الرحمن ، البرّ منهم والفاجر ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، فإنّما سُمّي المهديّ ؛ لأنّه يهدي لأمر خفي ، يستخرج التوراة وسائر كتب الله من غاربأنطاكية فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة ، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل ، وبين أهل الزبور بالزبور ، وبين أهل الفرقان بالفرقان (٤) ، وتجمع إليه أموال الدنيا كلّها ما في بطن الأرض وظهرها ، فيقول للناس : تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام ، وسفكتم فيه الدماء ، وركبتم فيه محارم الله ، فيعطي شيئاً لم يعط أحداً كان قبله».

قال : «وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو رجل منّي اسمه كاسمي ، يحفظني (٥) الله فيه ، ويعمل بسُنّتي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً بعد ما تمتلئ ظلماً

__________________

(١) كلمة «حدّثنا» لم ترد في «ح ، ن ، ش ، س».

(٢) في «ن ، ج ، ل» : مواضعها.

(٣) في «س ، ح ، ع» زيادة : أهل البيت عليهم‌السلام .

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد أنّه يلزم عليهم الحجّة من كتبهم متى يسلّموا ، أوابتداءً قبل الاستيلاء عليهم وإسلام جميعهم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي يحفظ ديني واسمي وأمري بسببه عليه‌السلام. (م ق ر رحمه‌الله ).

٣١٢

وجوراً وسوءاً» (١) .

[ ٣٠٠ / ٤ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا جعفربن محمّد بن مسعود قال : حدّثنا (٢) جبرئيل بن أحمد قال : حدّثني الحسن بن خرّزاد ، عن محمّد بن موسى بن الفرات ، عن يعقوب بن سويد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : جُعلت فداك ، لِمَ سُمّي أميرالمؤمنين عليه‌السلام أميرالمؤمنين ؟

قال : «لأنّه يميرهم العلم ، أما سمعتَ كتاب الله عزوجل : ( وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ) (٣) » (٤) .

ـ ١٣٠ ـ

العلّة التي من أجلها صار علي بن أبي طالب عليه‌السلام

قسيم الله بين الجنّة والنار

[ ٣٠١ / ١ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى ابن زكريّا أبو العبّاس القطّان ، قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا عبدالله بن داهر ، قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام : لِمَ صار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قسيم الجنّة والنار؟

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥١ : ٢٩ / ٢.

(٢) في «ع» : حدّثني.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ٦٥.

(٤) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٦٣ / ١٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٣٧ : ٢٩٣ / ٧.

٣١٣

قال : «لأنّ حبّه إيمان وبغضه كفر ، وإنّما خُلقت الجنّة لأهل الإيمان ، وخُلقت النار لأهل الكفر ، فهو عليه‌السلام قسيم الجنّة والنار ، لهذه العلّة فالجنّة لا يدخلها إلاّ أهل محبّته ، والنار لا يدخلها إلاّ أهل بغضه».

قال المفضّل : فقلت : يابن رسول الله ، فالأنبياء والأوصياء عليه‌السلام كانوا يحبّونه وأعداؤهم كانوا يبغضونه؟ قال : «نعم».

قلت : فكيف ذلك؟ قال : «أما علمتَ أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، ما يرجع حتّى يفتح الله على يديه ، فدفع الراية إلى عليٍّ عليه‌السلام ففتح الله تعالى على يديه».

قلت : بلى ، قال : «أما علمتَ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اُتي بالطائر المشويّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطائر ، وعنى به عليّاً عليه‌السلام ».

قلت : بلى ، قال : «فهل يجوز أن لا يحبّ أنبياء الله ورسله وأوصياؤهم عليه‌السلام رجلاً يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله؟».

فقلت له : لا ، قال : «فهل يجوز أن يكون المؤمنون من اُممهم لايحبّون حبيب الله وحبيب رسوله وأنبيائه عليه‌السلام ؟».

قلت : لا ، قال : «فقد ثبت أنّ جميع أنبياء الله ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعليّ بن أبي طالب محبّين ، وثبت أنّ أعداءهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبّتهم مبغضين».

قلت : نعم ، قال : «فلا يدخل الجنّة إلاّ مَنْ أحبّه من الأوّلين والآخرين ، ولايدخل النّار إلاّ مَنْ أبغضه من الأوّلين والآخرين ، فهو إذَنْ قسيم الجنّة والنار».

٣١٤

قال المفضّل بن عمر : فقلت له : يابن رسول الله ، فرّجتَ عنّي فرّج الله عنك ، فزدني ممّا علّمك الله؟ قال : «سل يامفضل».

فقلت له : يابن رسول الله ، فعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يُدخل مُحبّه الجنّةومُبغضه النار؟ أو رضوان ومالك؟

فقال : «يا مفضّل ، أما علمتَ أنّ الله تبارك وتعالى بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو روح إلى الأنبياء عليه‌السلام ، وهُم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام؟» ، فقلت : بلى.

قال : «أما علمتَ أنّه دعاهم إلى توحيد الله وطاعته واتّباع أمره ، ووعدهم الجنّة على ذلك فأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار؟» قلت : بلى .

قال : «أفليس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ضامناً لما وعد وأوعد عن ربّه عزوجل ؟» قلت : بلى .

قال : «أوليس علي بن أبي طالب خليفته وإمام اُمّته؟» قلت : بلى.

قال : «أوليس رضوان ومالك من جملة الملائكة والمستغفرين لشيعته الناجين بمحبّته؟» قلت : بلى.

قال : «فعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إذَنْ قسيم الجنّة والنار عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر الله تبارك وتعالى.

يا مفضّل ، خذ هذا فإنّه من مخزون العلم ومكنونه لا تخرجه إلاّ إلى أهله» (١) .

[ ٣٠٢ / ٢ ] أبي (٢) رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا الحسن

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ١٩٤ / ٥.

(٢) في «ع» : حدّثنا أبي.

٣١٥

ابن عرفة بسرّ من رأى قال : حدّثنا وكيع ، قال : حدّثنا محمّد بن إسرائيل ، قال : حدّثنا أبو صالح ، عن أبي ذرّ رحمه‌الله ، قال : كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة فأُهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم ، فلمّا قدمنا المدينة أهداها لعليٍّ عليه‌السلام تخدمه ، فجعلها عليٌّ عليه‌السلام في منزل فاطمة ، فدخلت فاطمة عليها‌السلام يوماً فنظرت إلى رأس عليٍّ عليه‌السلام في حجر الجارية ، فقالت : «يا أبا الحسن ، فعلتها».

فقال : «لاوالله يا بنت محمّد ، ما فعلت شيئاً ، فما الذي تريدين؟» قالت : «تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

فقال لها : «قد أذنتُ لك» ، فتجلّلت بجلالها (١) وتبرقعت ببرقعها ، وأرادت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : «يا محمّد ، إنّ الله يقرؤك السلام ويقول لك : إنّ هذه فاطمة قد أقبلت إليك تشكو عليّاً فلا تقبل منها في عليٍّ شيئاً».

فدخلت فاطمة ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «جئت تشكين عليّاً؟» قالت : «إي وربّ الكعبة».

فقال لها : «ارجعي إليه فقولي له : رغم أنفي لرضاك». فرجعت إلى عليٍّ عليه‌السلام فقالت له : «يا أبا الحسن ، رغم أنفي لرضاك تقولها ثلاثاً فقال لهاعليٌّ عليه‌السلام : «شكوتيني إلى خليلي وحبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وا سوأتاه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اُشهد الله يافاطمة إنّ الجارية حُرّة لوجه الله ، وإنّ الأربعمائة درهم التي فضلت من عطائي صدقة على فقراء أهل المدينة» ، ثمّ تلبّس وانتعل وأراد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمّد ، إنّ الله

__________________

(١) في المطبوع : فجلببت بجلبابها. وما أثبتناه من النسخ.

٣١٦

يقرؤك السلام ويقول لك : قل لعليٍّ : قد أعطيتك الجنّة بعتقك الجارية في رضا فاطمة ، والنار بالأربعمائة درهم التي تصدّقتَ بها ، فأدخل الجنّة مَنْ شئت برحمتي ، وأخرج من النار مَنْ شئت بعفوي ، فعندها قال عليٌّ عليه‌السلام : «أناقسيم الله بين الجنّة والنار» (١) .

[ ٣٠٣ / ٣ ] أبي (٢) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، وعبدالله بن عامر بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل ابن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : «أنا قسيم الله بين الجنّة والنار ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا صاحب العصا والميسم (٣) » (٤) .

[ ٣٠٤ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم الحضرمي ، عن سماعة بن مهران قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه جميع الخلائق ، يقف عليه رجل يقوم ملك عن يمينه ، وملك عن يساره ، فينادي (٥) الذي عن يمينه (٦) : يا معشر الخلائق ، هذا علي بن أبي طالب ، صاحب الجنّة ، يُدخل

__________________

(١) أورده ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ١٤٧ / ٣.

(٢) في «ع» : حدّثنا أبي.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : الميسم : المكواة. القاموس المحيط ٤ : ١٦٣.

(٤) أورده الصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٣٩٧ / ٧٤٥ ، والكليني في الكافي ١ : ١٥٢ / ١ باختلاف في السند ، وكذلك في الأمالي للطوسي : ٢٠٦ / ٣٥٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ١٩٨ / ١١.

(٥) في النسخ إلاّ «ح ، ن» : ينادي.

(٦) في المطبوع زيادة : يقول.

٣١٧

الجنّة مَنْ شاء ، وينادي الذي عن يساره : يا معشر الخلائق ، هذا علي بن أبي طالب صاحب النار يُدخلها مَنْ شاء» (١) .

[ ٣٠٥ / ٥ ] أبي (٢) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : حدّثنا محمّد بن داوُد الدينوري ، قال : حدّثنا منـذر الشعراني ، قال : حدّثنا سعد بن زيد ، قال : حدّثنا أبو قبيل ، عـن أبي الجارود ، رفعه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ حلقة باب الجنّة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فإذا دقّت الحلقة على الصفيحة طنّت وقالت : ياعلي» (٣) .

[ ٣٠٦ / ٦ ] أبي (٤) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن المغيرة الخزّاز ، عن أبي حفص العبدي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إذا سألتم الله لي فاسألوه الوسيلة» ، فسألنا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الوسيلة؟

فقال : «هي درجتي في الجنّة ، وهي ألف مرقاة (٥) ما (٦) بين المرقاة إلى المرقاة حضر (٧) الفرس ، فرس الجواد شهراً ، وهي ما بين مرقاة جوهر

__________________

(١) أورده الصفّار في بصائر الدرجات ٢ : ٢٩٨ / ١٤٦٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ١٩٨ / ١٠.

(٢) في «ع» : حدّثنا أبي.

(٣) ذكره المصنّف في الأمالي : ٦٨٤ / ٦٨٥.

(٤) في «ع» : حدّثنا أبي.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : المرتقى : الرقي ، والمرقاة مثله ، ويجوز فيها الميم ، على أنّه موضع الارتقاء ، ويجوز الكسر تشبيهاً باسم الآلة كالمطهرة. المصباح المنير : ١٢٤ / رقي.

(٦) كلمة «ما» لم ترد في المطبوع.

(٧) ورد في حاشية «ج ، ل» : الحضر بالضمّ : العدو.

٣١٨

إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضّة فيؤتى بها (١) يوم القيامة حتّى تنصب مع درجة النبيّين فهي في درج النبيّين ، كالقمر بين الكواكب ، فلا يبقى يومئذ نبيّ ولا صدّيق ولا شهيد إلاّ قال : طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته ، فينادي مناد يسمع النداء جميع النبيّين والصدّيقين والشهداء والمؤمنين : هذه درجة محمّد».

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فأقبل أنا يومئذ متّزراً بريطة (٢) من نور (٣) عليَّ تاج الملك ، وأكليل الكرامة (٤) والملائكة الكرام وعلي بن أبي طالب أمامي ولوائي بيده ، وهو لواء الحمد ، مكتوب عليه : لا إله إلاّ الله ، المفلحون هم الفائزون بالله ، فإذا مررنا بالنبيّين قالوا : ملكين مقرّبيّن (٥) ، وإذا مررنا بالملائكة (٦) قالوا : هذان ملكان ، ولم نعرفهما ولم نرهما.

وإذا مررنا بالمؤمنين قالوا : هذان نبيّان مرسلان ، حتّى أعلو الدرجة وعليٌّ يتبعني حتّى إذا صرت في أعلا درجة منها وعليٌّ أسفل منّي بدرجة وبيده لوائي ، فلا يبقى يومئذ نبيّ ولا وصيّ (٧) ولا مؤمن إلاّ رفعوا رؤوسهم إليَّ يقولون : طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله تعالى ، فيأتي النداء من عند الله تعالى يسمع النبيّين وجميع الخلق : هذا حبيبي محمّد ، وهذا

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : لي.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الريطة : كلّ ثوب رقيق كالرائطة. القاموس المحيط ٢ : ٥٥١.

(٣) في «ج ، ل» عن نسخة زيادة : يتجلّى.

(٤) وردت : «وأكميل الكرامة» في حاشية «ج ، ل» عن نسخة ، ولم ترد في «ع ، س ، ح ، ن».

(٥) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : هذان ملكان مقربّان.

(٦) في «س ، ح» : بالملك ، وفي حاشيتهما عن نسخة كما في المتن.

(٧) في «ج ، ل» زيادة : ولا صدّيق.

٣١٩

وليّي عليٌّ ، طوبى لمن أحبّه ، وويل لمن أبغضه وكذّب عليه».

قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّ عليه‌السلام : «يا علي ، فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحديحبّك إلاّ استروح إلى هذا الكلام وابيضّ وجهه وفرح قلبه ، ولا يبقى أحد ممّن عاداك أو نصب لك حرباً أو جحد لك حقّاً إلاّ اسودّ وجهه واضطربت قدماه» .

ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فبينا أنا كذلك إذ ملكان قد أقبلا إليَّ ، أمّا أحدهما : فرضوان خازن الجنّة ، وأمّا الآخر : فمالك خازن النار ، فيدنو رضوان فيسلّم عليَّ فيقول : السلام عليك يا رسول الله ، فأردّ عليه السلامَ ، وأقول : أيّها الملك الطيّب الريح ، الحسن الوجه ، الكريم على ربّه من أنت؟

فيقول : أنا رضوان ، خازن الجنّة ، أمرني ربّي أن آتيك بمفاتيح الجنّة فأدفعها إليك فخذها يا أحمد ، فأقول : قد قبلت ذلك من ربّي ، فله الحمد على ماأنعم به عليَّ ، فأدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب فيدفعها إلى عليٍّ ، ويرجع رضوان ثمّ يدنو مالك فيقول : السلام عليك يا أحمد ، فأقول : السلام عليك أيّها الملك ، ما أنكر رؤيتك وأقبح وجهك من أنت؟

فيقول : أنا مالك خازن النار ، أمرني ربّي أن آتيك بمقاليد النار ، فأقول : قدقبلت ذلك من ربّي ، فله الحمد على ما فضّلني به ، أدفعها إلى أخي علي بن أبي طالب فيدفعها إليه ، ثمّ يرجع مالك فيُقبل عليٌّ ومعه مفاتيح الجنّة ومقاليد النار حتّى يقف على عجزة جهنّم ، فيأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها واشتدّ حرّها وتطاير شرَرها فتنادي جهنّم : جزني يا علي ، فقد أطفأ نورك لهبي ، فيقول لها عليٌّ : قرّي يا جهنّم ، خذي هذا واتركي هذا ، خذي هذا عدوّي واتركي هذا وليّي ، فلَجهنّم يومئذ أشدّ مطاوعة لعليٍّ من غلام أحدكم لصاحبه ، فإن شاء يذهبها يمنة ، وإن شاء يذهبها يسرة ،

٣٢٠