علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمّد بن خالد البرقي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) يقرأ الكتاب ولا يكتب» (٢) .

[ ٢١٩ / ٧ ] أبي (٣) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «كان ممّا مَنّ الله عزوجل به على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان اُمّيّاً لا يكتب ويقرأ الكتاب» (٤) .

[ ٢٢٠ / ٨ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن إسحاق الماذراني بالبصرة ، قال : حدّثنا أبو قلاّبة عبد الملك بن محمّد ، قال : حدّثنا غانم بن الحسن السعدي قال : حدّثنا مسلم بن خالد المكّي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : «ما أنزل الله تبارك وتعالى كتاباً ولا وحياً إلاّ بالعربيّة ، فكان يقع في مسامع الأنبياء عليه‌السلام بألسنة قومهم ، وكان يقع في مسامع نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعربيّة فإذا كلّم به قومه (٥) كلّمهم بالعربيّة فيقع في مسامعهم بلسانهم ، وكان أحدنا لايخاطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأيّ لسان خاطبه إلاّ وقع في مسامعه بالعربيّة

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» : يمكن الجمع بين هذه الأخبار ، والأخبار الأوّلة بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقدر على الكتابة ، ولكن كان عليه‌السلام لا يكتب لضرب من المصلحة ، أو المراد بهذه الأخبار أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يتعلّم الكتابة والقراءة من أحد ، لكن كان يقدر عليهما بالإعجاز ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٣١ / ٦٦.

(٣) في «س» : حدّثنا أبي.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٣٢ / ٦٧.

(٥) في «ج ، ش ، ل ، ح ، ن» : قومهم.

٢٤١

كلّ ذلك يترجم جبرئيل عليه‌السلام له (١) ، وعنه تشريفاً من اللهعزوجلله» (٢) .

باب العلّة التي من أجلها سُمّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله محمّداً ،

وأحمد ، وأبا القاسم ، وبشيراً ، ونذيراً ، وداعياً ،

وماحياً ، وعاقباً ، وحاشراً ، وأُحيداً ، وموقفاً ، ومعقباً

[ ٢٢١ / ١ ] حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي ، عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن عمّار ، عن الحسن ابن عبدالله ، عن آبائه ، عن جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «جاءنفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم فيما سأله ، فقال : لأيّ شيء سُمّيت محمّداً ، وأحمد ، وأبا القاسم ، وبشيراً ، ونذيراً ، وداعياً؟

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمّا محمّد : فإنّي محمود في الأرض.

وأمّا أحمد : فإنّي محمود في السماء.

وأمّا أبو القاسم : فإنّ الله عزوجل يقسّم يوم القيامة قسمة النّار ، فمن كفربي من الأوّلين والآخرين ففي النار ، ويقسّم (٣) قسمة الجنّة ، فمن آمن بيوأقرّ بنبوّتي ففي الجنّة.

وأمّا الداعي : فإنّي أدعو الناس إلى دين ربّي عزوجل .

وأمّا النذير : فإنّي أنذر بالنار من عصاني.

__________________

(١) كلمة «له» لم ترد في المطبوع ، وأثبتناها من النسخ.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٣٤ / ٧٣.

(٣) في «ش ، ج ، ل ، س ، ع» : وقسّم. وفي «ح» : وقسيم.

٢٤٢

وأمّا البشير : فإنّي أُبشّر بالجنّة من أطاعني» (١) .

[ ٢٢٢ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أحمد (٢) بن محمّد بن سعيد الكوفي ، قال : حدّثنا علي بن الحسن (٣) ابن فضّال ، عن أبيه ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام فقلت له : لِمَ كُنّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأبي القاسم ؟

فقال : «لأنّه كان له ابن يقال له : قاسم ، فكُنّي به».

قال فقلت (٤) : يابن رسول الله ، فهل تراني أهلاً للزيادة؟

فقال : «نعم ، أما علمت أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا وعليٌّ أبوا هذه الاُمّة»؟

قلت : بلى.

( قال : «أما علمت أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أب لجميع اُمّته وعليٌّ عليه‌السلام فيهم بمنزلته؟».

فقلت : بلى ) (٥) .

قال : «أما علمت أنّ عليّاً قاسم الجنّة والنار؟» قلت : بلى.

قال : «فقيل له : أبو القاسم؛ لأنّه أبو قسيم الجنّة والنار».

فقلت له : وما معنى ذلك؟

__________________

(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ٢٥٦ ضمن الحديث ٢٧٩ ، ومعاني الأخبار : ٥٢ / ٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٩٤ / ٢٨.

(٢) في النسخ : محمّد ، وما في المتن هو الصحيح ، وهو الموافق لما ذكر في الحديث عن نسخة من لا يحضره الفقيه ٤ : ١٣٥.

(٣) في «ش ، ن» : الحسين.

(٤) في المطبوع زيادة : له ، ولم ترد في النسخ.

(٥) ما بين القوسين لم يرد في «س ، ع ، ن ، ح ، ج ، ل».

٢٤٣

فقال : «إنّ شفقة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على اُمّته شفقة الآباء على الأولاد ، وأفضل اُمّته عليٌّ عليه‌السلام ومن بعده شفقة عليّ عليه‌السلام عليهم كشفقته صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّه وصيّه وخليفته والإمام بعده ، فلذلك قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا وعليٌّ أبوا هذه الاُمَّة. وصعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال : من ترك دَيْناً أو ضياعاً (١) فعليَّ وإليَّ ، ومن ترك مالاً فلورثته ، فصار بذلك أولى بهم من آبائهم واُمّهاتهم ، وصار أولى بهم منهم بأنفسهم ، وكذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٢) .

[ ٢٢٣ / ٣ ] حدّثنا أبو الحسين محمّد بن علي بن الشاه ، قال : حدّثنا أبوبكر محمّد بن جعفر بن أحمد البغدادي بآمد ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا أحمد بن السخت (٣) ، قال : حدّثنا محمّد بن الأسود الورّاق ، عن أيّوب بن سليمان ، عن حفص بن البختري ، عن محمّد بن حميد ، عن محمّد بن المنكدر (٤) ، عن جابر بن عبدالله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أشبه الناس بآدم ، وإبراهيم أشبه الناس بي خَلقه وخُلقه ، وسمّاني الله من فوق عرشه عشرة أسماء ، وبيّن الله وصفي وبشّر بي على لسان كلّ رسول بعثه الله إلى قومه ، وسمّاني ونشر في التوراة اسمي وبثّ ذكري في أهل التوراة والإنجيل ، وعلّمني كتابه ، و رفعني في سمائه ، وشقّ لي أسماء من

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» : فيه من ترك ضياعاً فإليَّ ، الضياع : العيال ، وإن كسرت الضاد كان جمع ضائع ، كجائع وجِياع. النهاية في غريب الحديث ٣ : ٩٨.

(٢) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ٢ : ٨٥ / ٢٩ ، ومعاني الأخبار : ٥٢ / ٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٩٥ / ٢٩.

(٣) في «س ، ح» : النجت ، وفي حاشيتهما عن نسخة : السخت.

(٤) في النسخ : الكندي ، والصحيح ما في المتن ، انظر خلاصة الأقوال : ٤٠٠ / ٣٨ ، ورجال ابن داوُد : ٢٧٦ / ٤٨٥.

٢٤٤

أسمائه فسمّاني محمّداً وهو محمود ، وأخرجني في خير قرن من اُمّتي.

وجعل اسمي في التوراة : اُحيد (١) ، فبالتوحيد حرّم أجساد اُمّتي على النار.

وسمّاني في الإنجيل : أحمد ، فأنا (٢) محمود في أهل السماء ، وجعل اُمّتي الحامدين .

وجعل اسمي في الزبور : ماحي ، محى الله عزوجل بي من الأرض عبادة الأوثان .

وجعل اسمي في القرآن : محمّداً ، فأنا محمود في جميع القيامة في فصل القضاء لا يشفع أحد غيري.

وسمّاني في القيامة : حاشراً ، يحشر الناس على قدمي.

وسمّاني : الموقف ، أوقف الناس بين يدي الله عزوجل .

وسمّاني : العاقب ، أنا عقب النبيّين ليس بعدي رسول ، وجعلني رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم (٣) والمقتفي ، قفيت النبيّين جماعة.

وأنا المقيم الكامل الجامع ومنّ عليَّ ربّي وقال لي : يا محمّد ، صلّى

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : اسمه في التوراة : اُحيد بضمّ همزة وفتح مهملة وسكون التحتيّة فدال مهملة وقيل بفتح الهمزة فسكون مهملة وفتح تحتية. قال : سُميّت أُحيدلأنّي أحيد عن نار جهنّم. شرح الشفاء.

(٢) في «س ، ش» وحاشية «ن» عن نسخة : فإنّي.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : فيه اليوم يوم الملحمة هي الحرب وموضع القتال ، وجمعه الملاحم ، أخذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها ، كاشتباك لُحمة الثوب بسداه ، وقيل : هو من اللّحم ، بكثرة لحوم القتلى فيها ، ونبي الملحمة أي نبي القتال ؛ لقوله عليه‌السلام : «بعثت بالسيف». النهاية في غريب الحديث ٤ : ٢٠٦٧.

٢٤٥

الله عليك فقد أرسلت كلّ رسول إلى اُمّته بلسانها ، و أرسلتك إلى كلّ أحمر وأسود من خلقي ، ونصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحداً ، وأحللت لك الغنيمة ولم تحلّ لأحد قبلك ، وأعطيتك لك ولاُمّتك كنزاً من كنوز عرشي فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة ، وجعلت لك ولاُمّتك الأرض كلّها مسجداً وترابها (١) طهوراً (٢) ، وأعطيت لك ولاُمّتك التكبير ، وقرنت ذكرك بذكري حتّى لا يذكرني أحد من اُمّتك إلاّ ذكرك مع ذكري ، فطوبى لك يامحمّدولاُمّتك» (٣) .

ـ ١٠٧ ـ

باب العلّة التي من أجلها قال الله عزوجل

لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا

أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ

يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) (٤)

[ ٢٢٤ / ١ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا علي بن عبدالله ، عن بكر بن صالح ، عن أبي الخير ، عن محمّد بن حسّان ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل الدارمي ، عن محمّد بن سعيد الأذخري ، وكان ممّن يصحب موسى بن محمّد بن علي الرضا أنّ موسى أخبره أنّ

__________________

(١) لم ترد في «ج ، ش ، ح ، ن ، ل».

(٢) ورد في حاشية «ح ، ل» : في التيمّم وتطهير النعل والقدم والتعفّر.

(٣) ذكره المصنّف في الخصال : ٤٢٥ / ١ ، ومعاني الأخبار : ٥٠ / ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٩٢ / ٢٧.

(٤) سورة يونس ١٠ : ٩٤.

٢٤٦

يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل ، فيها : وأخبرني عن قول الله عزوجل : ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) مَن المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب به (١) النبيّ أليس قد شكّ فيما (٢) أنزل الله عزوجل إليه ، فإن كان المخاطب به غيره فعلى غيره إذن أنزل الكتاب؟

قال موسى : فسألت أخي علي بن محمّد عليه‌السلام عن ذلك ، قال : «أمّا قوله : ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) ، فإنّ المخاطب بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يكن في شكّ ممّا أنزل الله عزوجل ، ولكن قالت الجهلة : كيف لا يبعث إلينا نبيّاً من الملائكة أنّه لم يفرّق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب ، والمشي في الأسواق ، فأوحى الله عزوجل إلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) بمحضر من الجهلة : هل يبعث الله رسولاً قبلك إلاّ وهو يأكل الطعام ، ويمشي في الأسواق ، ولك بهم اُسوة ، وإنّما قال : ( فَإِن (٣) كُنتَ فِى شَكّ ) ولم يكن ، ولكن ليتفهّم (٤) كما قال له صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة بدل به : هو.

(٢) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة زيادة : به.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد أنّ هذه الشرطيّة لا تستلزم صدق المقدّم ، فإنّه عليه‌السلام لم يكن في شكّ ولم يسأل كما سيجيء في تالي هذا الخبر ، وإنّما قال تعالى ذلك مع علمه بأنّه عليه‌السلام لم يكن في شكّ ممّا شاء لخصوصه عليه‌السلام وتقديراً عليهم ، المراد أنّ غرضه تعالى السؤال يرفع شكّهم لا لرفع شكّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّه لم يكن في شكّ ، وإنّما قال : فإن كنت في شكّ ممّا شاء مع الخصوم وتعريضاً عليهم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) في المطبوع : ليتبعهم ، وما أثبتناه من النسخ.

٢٤٧

ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١) .

ولو قال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة ، وقد عرف أنّ نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤدّي عنه رسالته وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه صادق فيما يقول ، ولكن أحبّ أن ينصف من نفسه» (٢) .

[ ٢٢٥ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد (٣) ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمير رفعه إلى أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزوجل لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ) (٤) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا أشكّ ولا أُشكّ» (٥) (٦) .

ـ ١٠٨ ـ

باب علّة تسليم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على الصبيان

[ ٢٢٦ / ١ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ( أبي النضر ) (٧) محمّد بن

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

(٢) أورده المفيد في الاختصاص : ٩١ مرسلاً ، وكذلك الحرّاني في تحف العقول : ٤٧٦ ، والعيّاشي في تفسيره ٢ : ٢٨٤ / ١٩٧٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١٧ : ٨٨ / ١٧.

(٣) في النسخ : الحسين بن عبيد.

(٤) سورة يونس ١٠ : ٩٤.

(٥) في المطبوع : ولا أسأل ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.

(٦) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٧ : ٨٧ / ١٦.

(٧) بدل ما بين القوسين في «ع» : عن أبي النصر ، وفي «ج» ابن أبي النصر.

٢٤٨

مسعود العيّاشي ، قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال ، قال : حدّثنا محمّد بن الوليد ، عن العبّاس بن هلال ، عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «خمس لا أدعهنّ حتّى الممات : الأكل على الحضيض (١) مع العبيد ، وركوبي الحمار مؤكفاً (٢) ، وحلبي العنز بيدي ، ولبس الصوف ، والتسليم على الصبيان؛ ليكون ذلك (٣) سنّة من بعدي» (٤) .

ـ ١٠٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يتيماً

[ ٢٢٧ / ١ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى ابن زكريّا القطّان ، قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب ، قال : حدّثنا تميم ابن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن عبابة (٥) بن ربعي ، عن ابن عبّاس قال : سئل عن قول الله عزوجل : ( أَلَمْ

__________________

(١) في «ن» : المضيض ، وورد في حاشية «ج ، ل» : أي على الأرض بغير ضرورة ، الحضيض : هو قرار الأرض وأسفل الجبل من النهاية ١ : ٣٨٥ ، حضض.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : وكاف الحمار : برذعته. القاموس المحيط ٣ : ١٥٨.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي التسليم ، أو كلّ واحد ممّا تقدّم ، ولعلّ الأوّل أظهر كما فهمه المصنّف رحمه‌الله . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) ذكره المصنّف في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٧٥ / ١٤ ، الباب ٣٢ ، والأمالي : ١٣٠ / ١١٦ ، وأورده الطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ٢٥١ / ٧٤٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٢١٥ / ٣.

(٥) في «ع ، ن ، ج» : عناية.

٢٤٩

يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ ) (١) ، قال : إنّما سُمّي يتيماً؛ لأنّه لم يكن له نظير على وجه الأرض من الأوّلين والآخرين ، فقال الله عزوجل ممتنّاً عليه نعمه : ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا ) ، أي وحيداً لا نظير لك ( فَآوَىٰ ) إليك الناس وعرّفهم فضلك حتّى عرفوك ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) (٢) ، يقول : منسوباً عند قومك إلى الضلالة فهداهم بمعرفتك ( وَوَجَدَكَ عَائِلًا )(٣) ، يقول : فقيراً عند قومك يقولون : لا مال لك فأغناك الله بمال خديجة ، ثمّ زادك من فضله فجعل دعاءك مستجاباً حتّى لو دعوت على حجر أن يجعله الله لك ذهباً لنقل عينه إلى مرادك ، وأتاك بالطعام حيث لا طعام ، وأتاك بالماء حيث لاماء ، وأعانك (٤) بالملائكة حيث لا مغيث فأظفرك بهم على أعدائك (٥) .

ـ ١١٠ ـ

باب العلّة التي من أجلها أيتم الله عزوجل نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله

[ ٢٢٨ / ١ ] حدّثنا حمزة بن محمّد العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أبوالعبّاس (٦) أحمد بن محمّد الكوفي ، عن علي بن الحسن (٧) بن علي بن فضّال ، عن أخيه ، عن أحمد بن محمّد بن عبدالله بن مروان ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ الله عزوجل أيتم

__________________

(١) سورة الضحى ٩٣ : ٦.

(٢) سورة الضحى ٩٣ : ٧.

(٣) سورة الضحى ٩٣ : ٨.

(٤) في المطبوع : وأغاثك ، وما أثبتناه من النسخ.

(٥) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٢ / ٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١٦ : ١٤١ / ٤ .

(٦) في «ع» زيادة : بن.

(٧) في «ع ، ن ، ح ، ش» : الحسين.

٢٥٠

نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لئلاّ يكون لأحد عليه طاعة» (١) .

ـ ١١١ ـ

باب العلّة التي من أجلها لم يبق لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد

[ ٢٢٩ / ١ ] أخبرنا (٢) علي بن حاتم القزويني فيما كتب إليَّ قال : أخبرنا القاسم بن محمّد ، قال : حدّثنا حمدان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : قلت له : لأيّ علّة لم يبق لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد؟

قال : «لأنّ الله عزوجل خلق محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله نبيّاً وعليّاً عليه‌السلام وصيّاً ، فلو كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد من بعده لكان أولى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أمير المؤمنين ، فكانت لا تثبت وصيّة أمير المؤمنين عليه‌السلام » (٣) .

ـ ١١٢ ـ

باب علّة المعراج

[ ٢٣٠ / ١ ] حدّثنا محمّد بن أحمد (٤) السناني ، وعلي بن أحمد بن محمّد الدقّاق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب ، وعلي بن

__________________

(١) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٣ / ٥ ، ومن لا يحضره الفقيه ٣ : ٤٩٤ / ٤٧٥٠ مرسلاً ، وأورده الكراجكي في كنز الفوائد ١ : ١٦٧ ، والطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ٤٧٦ / ١٦٣٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٤١ / ٢.

(٢) في «ج ، ل» : حدّثنا ، وفي «ش ، ح ، ن ، س» : أخبرني ، وفي «ع» وحاشية «س» كما في المتن .

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٤١ / ٣ ، و٢٢ : ١٥٢ / ٦.

(٤) في المطبوع زيادة : بن ، ولم ترد في النسخ ، والصحيح ما في المتن ؛ لأنّه يُعدّ من مشايخ الشيخ الصدوق.

٢٥١

عبدالله الورّاق رضي‌الله‌عنه م ، قالوا : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي الأسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن ثابت بن دينار ، قال : سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن الله جلّ جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال : «تعالى الله عن ذلك».

قلت : فَلِمَ (١) أسرى بنبيّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء؟ قال : «ليريه ملكوت السماء وما فيها من عجائب صنعه ، وبدائع خلقه».

قلت : فقول الله عزوجل : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ) (٢) (٣) قال : «ذاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دنا من حجب النور فرأى ملكوت السموات ثمّ تدلّى صلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتّى ظنّ أنّه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى» (٤) .

[ ٢٣١ / ٢ ] حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب ، وعلي بن عبدالله الورّاق ، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌

__________________

(١) في المطبوع : فلما ، وما أثبتناه من النسخ.

(٢) سورة النجم ٥٣ : ٨ و٩.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : فيه : (دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ) التدلّي : النزول من العلوّ ، وقاب القوسين قدره ، أي : تدلّى جبرئيل ، قال النووي : الأكثر أنّ الدنوّ والتدلّي مقسّم بين جبرئيل والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو مختصّ بأحدهما من الآخر ، أو سدرة المنتهى ، وعن ابن عبّاس وآخرين : أنّه دنوّ من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ربّه فيأوَّل بالدنوّ المعنوي والتقرّب والمعرفة واللطف على ما يأوّل به حديث : «من تقرّب منّي شبراً» ، وقيل : الدنوّ منه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو كناية عن عظم قدره حيث انتهى إلى حيث لم ينته أحد ، والتدلّي منه تعالى هو كناية عن إظهار تلك المنزلة ، وهو الامتداد إلى جهة السفلى ، ويستعمل في القرب من الشيء. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) ذكره المصنّف في الأمالي : ٢١٣ / ٢٣٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٨ : ٣٤٧ / ٥٧ .

٢٥٢

عنهم، قالوا : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران ، وصالح بن السندي ، عن يونس بن عبدالرحمن ، قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : لأيّ علّة عرج الله بنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟

فقال عليه‌السلام : «إنّ الله لا يوصف بمكان ولايجري عليه زمان ، ولكنّه عزوجل أراد أن يشرّف به ملائكته وسُكّان سماواته ويُكرمهم بمشاهدته ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقوله المشبّهون سبحان الله وتعالى عمّا يصفون» (١) .

ـ ١١٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها لم يسأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ربّه عزوجل

التخفيف عن اُمّته من خمسين صلاة حتّى سأله موسى ،

والعلّة التي من أجلها لم يسأل التخفيف

عنهم من خمس صلوات

[ ٢٣٢ / ١ ] حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد ابن يعقوب قال : حدّثنا علي بن محمّد بن سليمان ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد التميمي ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو ابن خالد ، عن زيد بن عليّ عليه‌السلام قال : سألت أبي سيّد العابدين عليه‌السلام فقلت له : يا أبة ، أخبرني عن جدّنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا عرج به إلى السماء وأمره

__________________

(١) ذكره المصنّف في التوحيد : ١٧٥ / ٥ بسند آخر ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٣ : ٣١٥ / ١٠.

٢٥٣

ربّه عزوجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن اُمّته حتّى قال له موسى بن عمران عليه‌السلام : «ارجع إلى ربّك فاسأل (١) التخفيف فإنّ اُمّتك لاتطيق ذلك».

فقال : «يا بُنيّ ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يقترح على ربّه عزوجل ولا يراجعه في شيء يأمره به ، فلمّا سأله موسى عليه‌السلام ذلك فكان شفيعاً لاُمّته إليه لم يجز له ردّ شفاعة أخيه موسى ، فرجع إلى ربّه فسأله التخفيف إلى أن ردّها إلى خمس صلوات».

قال : قلت له : يا أبة ، فلِمَ لا يرجع إلى ربّه عزوجل ويسأله التخفيف عن خمس صلوات وقد سأله موسى عليه‌السلام أن يرجع إلى ربّه ويسأله التخفيف؟

فقال له : «يا بُنيّ ، أراد صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحصل لاُمّته التخفيف مع أجر خمسين صلاة يقول الله عزوجل : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (٢) ، ألا ترى أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمّد ، إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول : إنّها خمس بخمسين ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) (٣) » (٤) .

قال : فقلت له : يا أبة ، أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان؟ قال :

__________________

(١) في «ج ، ل ، ح ، ن» : فاسأله.

(٢) سورة الأنعام ٦ : ١٦٠.

(٣) سورة ق ٥٠ : ٢٩.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون المراد أنّه كان مرادي من الخمسين أن أُعطيهم ثواب الخمسين أو أنّه تعالى لمّا قرّر لهم خمسين صلاة فلو بدّله ولم يُعطهم هذا الثواب لكان ظلماً في جنب عظمته وقدرته وكرمه نظراً إلى عجز خلقه وافتقارهم إليه ، بل ظلماً عظيماً ، فلذا نفى كونه ظلاّماً بصيغة المبالغة كما أفاد الوالد العلاّمة . (م ق ر رحمه‌الله ).

٢٥٤

«تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً».

قلت : فما معنى قول موسى عليه‌السلام لرسول الله : «ارجع إلى ربّك»؟

فقال : «معناه (١) : معنى قول إبراهيم عليه‌السلام : ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٢) ، ومعنى قول موسى : ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) (٣) ، ومعنى قوله عزوجل : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ) (٤) ، يعني حجّوا إلى بيت الله.

يا بُنيّ ، إنّ الكعبة بيت الله فمن حجّ بيت الله فقد قصد إلى الله ، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه ، والمصلّي مادام في صلاته فهو واقف (٥) بين يدي الله جلّ جلاله ، وأهل موقف عرفات هُم وقوف بين يدي الله عزوجل ، وإنّ لله تعالى بقاعاً في سماواته ، فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) (٦) ، ويقول في قصّة عيسى عليه‌السلام : ( بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) (٧) ، ويقول عزوجل ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٨) » (٩) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الغرض من هذه الاستشهادات أنّ هذا المعنى شائع في الاستعمالات . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) سورة الصافّات ٣٧ : ٩٩.

(٣) سورة طه ٢٠ : ٨٤.

(٤) سورة الذاريات ٥١ : ٥٠.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : الظاهر أنّه استشهاد بقول الرسول هذا الكلام ، أو بالمعارف بين الخواص والعوام. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٦) سورة المعارج ٧٠ : ٤.

(٧) سورة النساء ٤ : ١٥٨.

(٨) سورة فاطر ٣٥ : ١٠.

(٩) ذكره المصنّف في الأمالي : ٥٤٣ / ٧٢٧ ، والتوحيد : ١٧٦ / ٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٨ : ٣٤٨ / ٦٠.

٢٥٥

ـ ١١٤ ـ

باب علّة محبّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعقيل بن أبي طالب حبّين

[ ٢٣٣ / ١ ] حدّثنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : حدّثني جدّي يحيى بن الحسن ، قال : حدّثني إبراهيم ابن محمّد بن يوسف الفريابي (١) المقدّسي ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ، عن إبراهيم بن رستم ، عن أبي حمزة السكري (٢) ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن عبدالرحمن بن ساباط (٣) ، قال : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعقيل : «إنّي لأُحبّك يا عقيل حُبّين : حُبّاً لك ، وحُبّاً لحُبّ أبي طالب لك» (٤) .

ـ ١١٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبّ

الذراع أكثر من حُبّه لسائر أعضاء الشاة

[ ٢٣٤ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن علي بن الريّان ، عن عبيدالله بن عبدالله الواسطي ، عن واصل بن سليمان ، أو عن درست يرفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : لِمَ كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبّ الذراع أكثر من حُبّه لسائر

__________________

(١) في «ع ، ج ، ل ، ش ، ن» : القرباني.

(٢) في «ع ، ج ، ل ، ش ، ن» : السكركي.

(٣) في «ج ، ل ، ش ، ح» : سابط ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة : سابور ، وفي حاشية «ش ، ح»عن نسخة : ساباط.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٧٤ / ٩.

٢٥٦

أعضاء الشاة؟

قال : فقال : «لأنّ آدم قرّب قرباناً عن الأنبياء من ذرّيته فسمّى لكلّ نبي عضواً ، وسمّى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذراع ، فمن ثَمّ كان يحبّ الذراع ويشتهيها ويحبّها ويفضّلها» (١) .

[ ٢٣٥ / ٢ ] وفي حديث آخر : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ الذراع (٢) لقربهامن المرعى ، وبعدها من المبال» (٣) .

ـ ١١٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي الأكرمون

على الله تعالى : محمّداً ، وعليّاً ، وفاطمة ،

والحسـن ، والحسيـن صلـوات الله عليهـم

[ ٢٣٦ / ١ ] حدّثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني بنيسابور وما لقيت أنصب منه قال : حدّثنا محمّد ابن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السرّاج ، قال : حدّثنا الحسن بن عرفة العبدي ، قال : حدّثنا وكيع بن الجرّاح ، عن محمّد بن إسرائيل ، عن أبي صالح ، عن أبي ذرّ رحمه‌الله ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول : «خُلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد ، نسبّح الله يمنة العرش قبل أن يُخلق آدم بألفي عام ، فلمّا أن خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه ، ولقد سكن الجنّة ونحن في صلبه ، ولقد همّ بالخطيئة ونحن في صلبه ، ولقد

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٢٨٦ / ١٣٧ ، و٦٦ : ٣٨ / ١٤.

(٢) ورد في حاشية «ج» : الظاهر أنّ سبب تسمية آدم عليه‌السلام الذراع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فضلها على سائر الأعضاء ، وبهذه العلّة يجمع بين العلّتين. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ٢٨٦ / ١٣٨ ، و٦٦ : ٣٨ / ذيل ح١٤.

٢٥٧

ركب نوح في السفينة ونحن في صلبه ، ولقد قُذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه فلم يزل ينقلنا الله عزوجل من أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة حتّى انتهى بنا إلى عبد المطّلب فقسّمنا بنصفين فجعلني في صلب عبدالله ، وجعل عليّاً في صلب أبي طالب ، وجعل فيَّ النبوّة والبركة ، وجعل في عليٍّ الفصاحة والفروسيّة (١) (٢) ، وشقّ لنا اسمين من أسمائه ، فذو العرش محمود وأنا محمّد ، والله الأعلى وهذا عليٌّ» (٣) .

[ ٢٣٧ / ٢ ] حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي ، قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي ، قال : حدّثنا الحسن ( بن علي ) (٤) بن الحسين بن محمّد ، قال : حدّثنا إبراهيم بن الفضل بن جعفر ( بن علي ) (٥) ابن إبراهيم بن سليمان بن عبدالله بن العبّاس ، قال : حدّثنا الحسن بن علي الزعفراني البصري ، قال : حدّثنا سهل بن بشّار (٦) قال : حدّثنا أبو جعفر محمّدبن علي الطائفي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله مولى بني هاشم ، عن محمّد بن إسحاق ، عن الواقدي ، عن الهذيل ، عن مكحول ، عن طاووس ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : «لمّا خلق الله عزّ (٧) ذكره آدم ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ح ، ل» : أي الشجاعة ، وقيل : من الفروسة وهي سرعة الدرك والعلم حول الناس . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) ورد في حاشية «ح ، ل» الفراسة بالفتح مصدر قولك رجل فارس على الخيل بيّن الفراسة والفروسة والفروسية. الصحاح ٣ : ١٣٢ / فرس.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٣٤ / ٣١.

(٤) ما بين القوسين أثبتناه من «ع».

(٥) ما بين القوسين لم يرد في «ج ، ل ، ن ، س».

(٦) في المطبوع : يسار.

(٧) في المطبوع : تعالى ، بدل : عزّ. وما أثبتناه من النسخ.

٢٥٨

وأسكنه جنّته ، وزوّجه حوّاء أمته ، فوقع طرفه نحو العرش فإذا هو بخمس سطور مكتوبات.قال آدم : يا ربّ ما هؤلاء؟

قال تعالى : هؤلاء الذين إذا تشفّعوا (١) بهم إليَّ خلقي شفّعتهم.

فقال آدم : يا ربِّ ، بقدرهم عندك ما اسمهم؟

فقال : أمّا الأوّل : فأنا المحمود وهو محمّد.

والثاني : فأنا العالي وهذا علي.

والثالث : فأنا الفاطر (٢) وهذه فاطمة.

والرابع : فأنا المحسن وهذا الحسن.

والخامس : فأنا ذو الإحسان وهذا الحسين ، كلٌّ يحمد الله عزوجل » (٣) .

[ ٢٣٨ / ٣ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد الدقّاق رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي ، قال : حدّثني موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل (٤) بن عمر ، عن ثابت ابن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال يزيد بن قعنب : كنت جالساً مع العبّاس بن عبد المطّلب وفريق من عبد العزّى بإزاء (٥) البيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد اُمّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام وكانت حاملة به تسعة أشهر ، وقد أخذها الطلق ، فقالت : ربِّ ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل عليه‌السلام وإنّه بنى البيت

__________________

(١) في النسخ المعتمدة : شفعوا. وما أثبتناه من «ح» وحاشية «س ، ج ، ل».

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّه مبنيّ على الاشتقاق الكبير. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٦ / ٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٣ / ٧ .

(٤) في «س ، ع ، ن ، ح ، ج ، ل» : الفضل ، وفي حاشية «ح ، ل» كما في المتن.

(٥) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : بفناء.

٢٥٩

العتيق ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت ، وبحقّ المولود الذي في بطني لما يسّرت عليَّ ولادتي .

قال يزيد بن قعنب : فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ، ودخلت فاطمة وغابت عن أبصارنا ، والتزق الحائط ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك أمر من الله تعالى ، ثمّ خرجت بعد الرابع وبيدها أميرالمؤمنين عليه‌السلام ثمّ قالت : إنّي فضّلت على من تقدّمني من النساء؛ لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت الله سرّاً في موضع لا يحبّ أن يعبد الله فيه إلاّ اضطراراً ، وأنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتّى أكلت منها رطباً جنيّاً ، وأنّي دخلت بيت الله الحرام وأكلت من ثمار الجنّة و أرزاقها ، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف : «يا فاطمة ، سمّيه عليّاً فهو عليّ ، والله العليّ الأعلى يقول : إنّي شققت اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي ، و وقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذّن فوق ظهر بيتي ، ويقدّسني ، ويمجّدني ، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه ، وويل لمن عصاه وأبغضه ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين» (١) .

[ ٢٣٩ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدّثني المغيرة بن محمّد ، قال : حدّثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي في حديث طويل يذكر أسماء أميرالمؤمنين عليه‌السلام في التوراة والإنجيل ، والزبور ، وعند الهند ، وعند الروم ، وعند الفرس ، وعند الترك ، وعند الزنج ، وعند الكهنة ،

__________________

(١) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٦٢ / ١٠ ، والأمالي : ١٩٤ / ٢٠٦ ، وأورده الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ١ : ١٩٢ / ١٩٠ مرسلاً ، والطبري في بشارة المصطفى : ٢٦ / ١٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٨ / ١١.

٢٦٠