قالَ : فقالَ ياسرُ : فلمّا أَمْسَيْنا وغابَتِ الشمسُ ، قالَ لنا الرضا عليهالسلام : «قوُلوا : نَعوُذ باللهِّ مِنْ شَرِّ مايَنْزِلُ في هذه الليلةِ» فلَم نَزَلْ نَقُولُ ذلك ، فلمّا صلّى الرضا الصُبحَ قالَ لي: «اِصْعَد السطحَ ، استَمِعْ هل تَجِدُ شَيْئاً؟» فلما صعِدْتُ سَمعتُ الضّجّةَ وكَثُرَت وزادَتْ فلم نَشْعُرْ بشيءٍ فإِذا نحنُ بالمأمونِ قد دَخَلَ من الباب الذي كانَ مِنْ دارهِ إِلى دارِ أَبي الحسن عليهالسلام وهو يَقُولُ : يا سيدي ، يا أًبا الحسن ، آجَرَك اللّه في الفَضْل ، فإِنَّه دَخَلَ الحمّامَ ودَخَلَ عليه قومٌ بالسُّيوفِ فقَتَلُوه ، وأُخِذَ ممَّن دَخَلَ عليه ثلاثةُ نفرٍ ، أَحَدُهم ابن خاله الفَضْلُ بن ذي القلمين.
قالَ : واجْتَمَعَ الجُنْدُ والقُوّادُ ومَنْ كانَ مِن رجالِ الفَضْل على باب المأمون فقالُوا : هو اغْتالَه ، وشَغَبوا (١) عليه وطَلِبوا بدَمِهِ ، وجاؤوا بالنيرانِ ليحْرِقوا البابَ ، فقالَ المأمونُ لأبي الحسن عليهالسلام : يا سيدي ، نَرى أَنْ تَخْرُجَ إِليهم وتُرفق بهم حتى يتفرقوا ، قالَ : «نعم » ورَكِبَ أَبو الحسن عليهالسلام وقالَ لي : «يا ياسرُ اركَبْ » فرَكِبْتُ فلمّا خَرَجْنا من باب الدارِ نَظَرَ إِلى الناسِ وقد ازْدَحَموا عليه ، فقالَ لهم بيده : «تَفَرَّقوا» قالَ ياَسرُ : فأَقْبَلَ الناسُ واللهِّ يَقَعُ بَعْضمهُمْ على بعضٍ ، وما أَشارَ إِلى أحَدٍ إِلا رَكَضَ ومَضى لوجهِه (٢).
أَخْبَرَني أَبو القاسم جعفرُبن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن معلّى ابن محمد ، عن مسافر قالَ : لمّا أَراد هارونُ بن المسيّب أَنْ يواقعَ محمّدَ بنَ
__________________
(١) في هامش «ش» و «م» : وشَنّعُوا.
(٢) الكافي ١ : ٤٠٩ / ٨ ، وباختلاف يسير في عيون اخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥٩ / ضمن حديث ٢٤ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩ : ١٧٠ / ٦.