وقالَ لخادِمه : «قُلْ له : اسْتَعِنْ بهذه على سَفَرِك واعذِرْنا» فقال له دِعْبل : لا واللهِّ ما هذا أَرَدْتُ ولا له خَرَجْتُ ، ولكن قُلْ له : أكسني ثوباً من أَثوابك ، وردها عليه ، فردها عليه الرضا عليهالسلام وقالَ له : «خُذْها» وبَعَثِ إِليه بِجُبَّةٍ من ثيابه.
فخَرَجَ دِعْبِلُ حتى وَرَدَ «قُم » فلما رأَوا الجُبّةَ معه أَعْطَوه بها أَلفَ دينارٍ فأَبى عليهم وقالَ : لا واللّهِ ولا خِرْقَةَ منها بألفِ دينارِ ، ثم خَرَجَ من «قُم » ، فاتَّبَعوه وقَطَعوا عليه وأَخَذوا الجُبَّةَ ، فرَجَعَ إِلى «قُم » وكلَمَهم فيها فقالُوا : ليس إِليها سبيلٌ ، ولكن إِنْ شِئْتَ فهذه أَلفُ دينار ، قالَ لهم : وخِرقَةٌ منها ، فأَعْطَوْه أَلفَ دينار وخِرْقَةً من الجبَّةِ (١).
وروى عليُّ بن إِبراهيم ، عن ياسر الخادم والريّان بن الصَلْت جميعاً قالا : لمّا حَضَرَ العيد وكانَ قد عُقِدَ للرضا عليهالسلام الأمرُ بولايةِ العهدِ ، بَعَثَ اليه المأمونُ في الركوب إِلى العيدِ والصلاةِ بالناسِ والخُطبةِ بهم ، فبَعَثَ إِليه الرضا عليهالسلام : «قد عَلِمْتَ ما كانَ بيني وبينَك من الشروط في دخول الأمرِ ، فاعْفني من الصلاةِ بالناسِ » فقالَ له المأمون : إِنّما أريدُ بذلك أَنْ تَطْمَئنَّ قُلوبُ الناس ويَعْرِفُوا فَضْلَكَ ، ولم تَزَل الرُسلُ تَرَدّدَ بينهما في ذلك ، فلمّا أَلحَّ عليه المَأمونُ أَرْسَلَ إِليه : «إِنْ أعْفَيْتَني فهوأحَبُّ إِليّ ، وإنْ لم تُعْفِني خَرَجْتُ كما خَرَجَ رسولُ اللّهِ صلىاللهعليهوآله وأَميرُ المؤمنين عليُّ بن أَبي طالب عليهالسلام » فقالَ له المأمونُ : أُخرُجْ كيف شِئْتَ. وأَمَرَ القُوّادَ والناسَ أَن يُبَكِّرُوا إِلى بابِ الرضا عليهالسلام.
قالَ : فقَعَدَ الناسُ لأبي الحسن عليهالسلام في الطُرُقاتِ والسُطوحِ ،
__________________
(١) رجال الكشي: ٥٠٤ / ٩٧٠ ، عيون اخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٦٣ ـ ٢٦٥.