كالقُنفُذِ فأَحجَمَ عنهم ، فوقفوا بإِزائه ، وخرجتْ أُختُه زينبُ إِلى باب الفسطاطِ فنادتْ عمرَبنِ سعدِ بن أبي وقّاصٍ : ويحَكَ يا عمرُ! أيقْتَلُ أبوعبدِاللهِ وأَنتَ تَنظُرُ إِليه؟ فلم يُجبْها عمرُ بشيءٍ ، فنادتْ : َويحْكم أَما فيكم مسلمٌ؟! فلم يُجبْهاَ أَحدٌ بشيءٍ ؛ ونادى شمرُبنُ ذي الجوشنِ الفرسانَ والرَّجَّالةَ (١) فقالَ : ويحكم ما تَنتظِرونَ بالرّجلِ؟ ثكلتْكم أُمّهاتُكم! فَحُمِلَ عليه من كلِّ جانبٍ فضربه زُرْعَةُ بنُ شَرِيكٍ على كفّه (٢) اليسرى فقطعَها ، وضربَه آخرُ منهم على عاتِقه فكَبا منها لوجهه ، وطعنَه سِنانُ بنُ أَنسٍ بالرُّمح فصرعَه ، وبَدرَإِليه خَوليّ بنً يزيدَ الأصبحيّ لعنه اللّهُ فنزلَ ليحتزّ (٣) رأسْه فأرعِدَ ، فقالَ له شمرٌ : فَتَّ اللهُ في عَضدِكَ ، ما لَكَ تُرْعَدَ؟
ونزلَ شمرٌ إِليه فذبحَه ثمّ دفعَ رأسَه إِلى خوليِّ بنِ يزيدَ فقالَ : احملْه إِلى الأميرعمر بن سعدٍ ، ثمّ أَقبلوا على سَلب الحسينِ عليهالسلام فاَخذَ قميصه إِسحاقُ بنُ حَيْوَةَ الحضرميّ ، وَأَخذَ سراويلَه أبْجرُ بنُ كعبِ ، وأَخذَ عمامتَه أَخنَسُ بنُ مَرْثَدٍ (٤) ، وأَخذَ سيفَه رجل من بني دارم ، وانتهبوا رَحْلَه ِوابلَه وأَثقالَه وسلبوا نِساءه.
قال حمَيدُ بنُ مسلمٍ : فواللهِ لقد كنتُ أَرى المرأَةَ من نسائه وبناتِه وأَهلِه تُنَازعُ ثوبها عن ظهرِها حتّى تُغلَبَ عليه فيُذهَب به منها ، ثمّ انتهينا إِلى عليِّ بنِ الحسينِ عليهالسلام وهومُنْبَسِطٌ على فراشٍ وهو
__________________
(١) في هامش «ش» : الرجال.
(٢) في «م» ، وهامش «ش» : كتفه.
(٣) في «م» : ليجتز.
(٤) في «ش» : مَزيْد ، وما اثبتناه من «م» وهامش «ش».