فرائد الأصول - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

فرائد الأصول - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: سماء قلم
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8536-65-2
ISBN الدورة:
978-964-8536-63-8

الصفحات: ٦٥٤

علميّا ، فلا يشمله حكم العقل بقبح الاكتفاء بما دون الامتثال العلمي ، فما نحن فيه على العكس من ذلك.

وفيه : أنّك قد عرفت عند التكلّم في مذهب ابن قبة أنّ التعبّد بالظنّ مع التمكّن من العلم على وجهين : أحدهما : على وجه الطريقيّة بحيث لا يلاحظ الشارع في أمره عدا كون الظنّ انكشافا ظنّيا للواقع بحيث لا يترتّب على العمل به عدا مصلحة الواقع على تقدير المطابقة. والثاني : على وجه يكون في سلوكه مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة على تقدير مخالفة الظنّ للواقع. وقد عرفت : أنّ الأمر بالعمل بالظنّ مع التمكّن من العلم على الوجه الأوّل قبيح جدّا ، لأنّه مخالف لحكم العقل بعدم الاكتفاء في الوصول إلى الواقع بسلوك طريق ظنّي يحتمل الإفضاء إلى خلاف الواقع. نعم ، إنّما يصحّ التعبّد على الوجه الثاني.

فنقول : إنّ الأمر فيما نحن فيه كذلك (٩٦٠) ؛ فإنّه بعد ما حكم العقل بانحصار الامتثال عند فقد العلم في سلوك الطريق الظني ، فنهي الشارع عن العمل ببعض الظنون : إن كان على وجه الطريقيّة ـ بأن نهى عند فقد العلم عن سلوك هذا الطريق من حيث إنّه ظنّ يحتمل فيه الخطأ ـ فهو قبيح ؛ لأنّه معرّض لفوات الواقع فينتقض به الغرض (٩٦١) ، كما كان يلزم ذلك من الأمر بسلوكه على وجه الطريقيّة عند التمكّن من العلم ؛ لأنّ حال الظنّ عند الانسداد من حيث الطريقيّة حال العلم مع الانفتاح لا يجوز النهي عنه من هذه الحيثيّة في الأوّل (٩٦٢) كما لا يجوز الأمر به في الثاني (٩٦٣) ، فالنهي عنه وإن كان مخرجا للعمل به عن ظنّ البراءة إلى القطع بعدمها إلّا أنّ الكلام في جواز هذا النهي ؛ لما عرفت من أنّه قبيح.

______________________________________________________

٩٦٠. يعني : أنّ نهي الشارع عن العمل ببعض الظنون في صورة الانسداد كالأمر به في صورة الانفتاح لا يخلو أيضا من أحد الوجهين.

٩٦١. من إدراك الواقع.

٩٦٢. يعني : في صورة الانسداد.

٩٦٣. يعني : في صورة الانفتاح.

٥٤١

وإن كان على وجه يكشف النهي عن وجود مفسدة في العمل بهذا الظنّ يغلب على مفسدة مخالفة الواقع اللازمة عند طرحه ، فهذا وإن كان جائزا حسنا نظير الأمر به على هذا الوجه مع الانفتاح ، إلّا أنّه يرجع إلى ما سنذكره.

الوجه السادس : وهو الذي اخترناه سابقا ، وحاصله : أنّ النهي يكشف (٩٦٤) عن وجود مفسدة غالبة على المصلحة الواقعيّة المدركة على تقدير العمل به ، فالنهي عن الظنون الخاصّة في مقابل حكم العقل بوجوب العمل بالظنّ مع الانسداد نظير الأمر بالظنون الخاصّة في مقابل حكم العقل بحرمة العمل بالظنّ مع الانفتاح.

______________________________________________________

٩٦٤. توضيحه : أنّ التنافي بين نهي الشارع عن العمل بالقياس واستقلال العقل بجواز العمل بالظنّ مطلقا ، إنّما هو فيما لو كان نهي الشارع من الجهة التي حكم بها العقل ، وليس كذلك ، إذ حكم العقل إنّما هو من جهة كون الظنّ أقرب إلى الواقع ، ونهي الشارع إنّما هو من جهة كون القياس متضمّنا لمفسدة فائقة على مصلحة الواقع أو مساوية لها ، كما يدلّ عليه قوله عليه‌السلام : «وكان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه». فالشارع إنّما رفع اليد عن الواقع في مورد القياس لأجل هذه المفسدة الكامنة فيه ، ومع اختلاف جهتي الحكمين يرتفع التنافي من البين.

هذا مع العلم بكون نهي الشارع لأجل هذه المفسدة. وأمّا مع الغضّ عنه فنقول في رفع التنافي : إنّه يكفي فيه احتمال كون نهيه عنه لأجل المفسدة المذكورة ، لأنّ التنافي المذكور إنّما هو مع انتفاء وجود مصحّح لنهيه عنه ، وأمّا مع احتمال وجوده فلا تمكن دعواه كما لا يخفى.

فإن قلت : إنّ وجود مثل هذه المفسدة يحتمل في كلّ ظنّ ، فلو اكتفينا في حرمة العمل بالقياس باحتمال وجود هذه المفسدة لكفى هذا في حرمة العمل بسائر الظنون أيضا.

قلت : فرق واضح بين القياس وسائر الأمارات الظنّية ، للعلم بنهي الشارع عن العمل بالأوّل بالخصوص ، وإنّما الشكّ في أنّ نهيه إنّما هو من جهة وجود المفسدة المذكورة فيه أو من جهة غلبة خطأه عن الواقع ، بخلاف الثاني ، لعدم العلم

٥٤٢

فإن قلت : إذا بني على ذلك فكلّ ظنّ من الظنون يحتمل أن يكون في العمل به مفسدة كذلك. قلت : نعم ، ولكن احتمال المفسدة لا يقدح في حكم العقل بوجوب سلوك طريق يظنّ معه بالبراءة عند الانسداد ، كما أنّ احتمال وجود المصلحة المتداركة لمصلحة الواقع في ظنّ لا يقدح في حكم العقل بحرمة العمل بالظنّ مع الانفتاح ، وقد تقدّم في آخر مقدّمات الانسداد : أنّ العقل مستقلّ بوجوب العمل بالظنّ مع انسداد باب العلم ، ولا اعتبار باحتمال كون شيء آخر هو المتعبّد به غير الظنّ ؛ إذ لا يحصل من العمل بذلك المحتمل سوى الشكّ في البراءة أو توهّمها ، ولا يجوز العدول عن البراءة الظنّية إليهما.

وهذا الوجه وإن كان حسنا وقد اخترناه سابقا إلّا أنّ ظاهر أكثر الأخبار الناهية عن القياس : أنّه لا مفسدة فيه إلّا الوقوع في خلاف الواقع ، وإن كان بعضها ساكتا عن ذلك وبعضها ظاهرا في ثبوت المفسدة الذاتيّة إلّا أنّ دلالة الأكثر أظهر ، فهي الحاكمة على غيرها ، كما يظهر لمن راجع الجميع ، فالنهي راجع إلى سلوكه من باب الطريقيّة ، وقد عرفت الاشكال في النهي على هذا الوجه. إلّا أن يقال : إنّ النواهي اللفظيّة عن العمل بالقياس من حيث الطريقيّة لا بدّ من حملها ـ في مقابل العقل المستقلّ ـ على صورة انفتاح باب العلم بالرجوع إلى الأئمّة عليهم‌السلام. والأدلّة القطعيّة منها ـ كالإجماع المنعقد على حرمة العمل به حتّى مع الانسداد ـ لا وجه له غير المفسدة الذاتيّة ، كما أنّه إذا قام دليل على حجّية ظنّ مع التمكّن من العلم نحمله على وجود المصلحة المتداركة لمخالفة الواقع ؛ لأنّ حمله على العمل من حيث الطريقيّة مخالف لحكم العقل بقبح الاكتفاء بغير العلم مع تيسّره.

الوجه السابع : هو أنّ (٩٦٥) خصوصيّة القياس من بين سائر الأمارات هي

______________________________________________________

ولا الظنّ بنهي الشارع عنه بالخصوص. فإبداء احتمال وجود المفسدة إنّما هو لتصحيح نهي الشارع عنه بعد العلم في قبال استقلال العقل بحجّية كلّ ظنّ ، وإلّا فمجرّد احتمال وجودها لا يكفي في قبال حكمه بجواز الاقتناع بالظنّ في مقام الامتثال.

٩٦٥. يرد عليه : منع كون مخالفة القياس للواقع أكثر من موافقته. والاستناد

٥٤٣

غلبة مخالفتها للواقع ؛ كما يشهد به قوله عليه‌السلام : «إنّ السنّة إذا قيست محقّ الدّين» ، وقوله : «كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه» (٧) ، وقوله : «ليس شيء أبعد عن عقول الرجال من دين الله» ، وغير ذلك. وهذا المعنى لمّا (*) خفي على العقل الحاكم بوجوب سلوك الطرق الظنّية عند فقد العلم ، فهو إنّما يحكم بها لإدراك أكثر الواقعيّات المجهولة بها ، فإذا كشف الشارع عن حال القياس وتبيّن عند العقل حال القياس فيحكم حكما إجماليّا بعدم جواز الركون إليه.

نعم ، إذا حصل الظنّ منه في خصوص مورد ، لا يحكم بترجيح غيره عليه في مقام البراءة عن الواقع ، لكن يصحّ للشارع المنع عنه تعبّدا بحيث يظهر (**) : أنّي ما اريد الواقعيّات التي تضمّنها (***) ،

______________________________________________________

في ذلك إلى الأخبار التي أوردها ضعيفة ، لورودها ـ مثل قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ـ في مقام المبالغة من حيث بيان كثرة مخالفته للواقع لا بيان الحقيقة ، كيف لا ولا ريب أنّ القياس ليس أدون من الوهم من حيث الإصابة للواقع ، فلا مساس لهذه الأخبار بما نحن فيه. مضافا إلى عدم تماميّة ما ذكره في جميع أفراد القياس ، لأنّ منها القياس الجلي والأولويّة الظنّية ، وقد عمل بهما جماعة ممّن اقتصر في العمل على الظنون الخاصّة كصاحب المدارك ، لأنّه قد اعتبر الظنّ في أفعال الصلاة مع اختصاص النصّ الوارد بركعاتها ، وكذلك قد حكم جماعة بالعفو عمّا دون الدرهم من الدم الممزوج بالماء الطاهر في الصلاة مع اختصاص النصّ بالدم الخالص ، وليس ذلك إلّا من جهة الأولويّة الظنّية. ومع ذلك كلّه كيف تمكن دعوى غلبة مخالفة القياس للواقع؟ مع أنّه ليس أكثر مخالفة للواقع من الشكّ ، فكما أنّه لا تمكن دعوى كون أحد طرفيه أكثر مخالفة من الآخر ، كذلك القياس بالنسبة إلى الطرف الموهوم.

__________________

(*) لم ترد «لمّا» في بعض النسخ.

(**) في بعض النسخ زيادة : منه.

(***) في بعض النسخ زيادة : القياس.

٥٤٤

فإنّ الظنّ ليس كالعلم (٩٦٦) في عدم جواز تكليف الشخص بتركه والأخذ بغيره. وحينئذ : فالمحسّن لنهي الشارع عن سلوكه على وجه الطريقية كونه في علم الشارع مؤدّيا في الغالب إلى مخالفة الواقع.

والحاصل أنّ قبح النهي عن العمل بالقياس على وجه الطريقيّة إمّا أن يكون لغلبة الوقوع في خلاف الواقع مع طرحه فينافي الغرض ، وإمّا أن يكون لأجل قبح ذلك في نظر الظانّ ؛ حيث إنّ مقتضى القياس أقرب في نظره إلى الواقع ، فالنهي عنه نقض لغرضه في نظر الظانّ. أمّا الوجه الأوّل ، فهو مفقود في المقام ؛ لأنّ المفروض غلبة مخالفته للواقع.

______________________________________________________

٩٦٦. الوجه فيه واضح ، لأنّ الظنّ مستلزم لاحتمال المخالفة للواقع ، ومع احتمالها لا يجوّز العقل العمل به إلّا مع كون المكلّف عقلا أو شرعا معذورا فيها ، ولذا يقبح من الشارع أيضا تجويز العمل به من باب الطريقية المحضة مع انفتاح باب العلم ، إذ تفويت الواقع على المكلّف ولو أحيانا مع إمكان إحرازه على وجه العلم قبيح لا محالة. وحينئذ إن كان في العمل بالظنّ مصلحة يصحّ للشارع تجويز العمل به ، وإن خلا من المصلحة أو تضمّن المفسدة يقبح منه ذلك ، فيصحّ له النهي عنه ، غاية الأمر أن يكون النهي مع الخلوّ من المصلحة تشريعيّا ، ومع تضمّن المفسدة ذاتيّا ، بخلاف العلم ، إذ مع القطع بإرادة الشارع للواقع وطلبه من المكلّف طلبا حتميّا كيف يجوز للشارع النهي عن العمل به؟ وإلّا لزم التناقض.

فإن قلت : إنّ هذا الفرق غير مجد في المقام ، لأنّ المفروض أنّ استقلال العقل بجواز العمل بالظنّ مع الانسداد وبقاء التكليف إنّما هو بعد إبطال وجوب الاحتياط لأجل العسر ، وجواز العمل بالبراءة والاستصحاب لأجل العلم الإجمالي. وحينئذ فنهي الشارع عن العمل بالقياس إن كان مع عدم إبطال الاصول الجارية في مورده ، فهو خلاف الفرض. مع أنّ إثبات حرمة العمل بالظنّ حينئذ لا يحتاج إلى نهي الشارع ، لاستقلال العقل حينئذ بها. وإن كان مع فرض إبطالها فلا يعقل معه النهي عنه ، إذ لا مناص من العمل بالظنّ الموجود حينئذ ، وإلّا

٥٤٥

وأمّا الوجه الثاني ، فهو غير قبيح بعد إمكان حمل الظانّ النهي في ذلك المورد الشخصي على عدم إرادة الواقع (٩٦٧) منه في هذه المسألة ولو لأجل اطّراد الحكم. ألا ترى أنّه يصحّ أن يقول الشارع للوسواسي القاطع بنجاسة ثوبه : «ما اريد منك الصلاة بطهارة الثوب» وإن كان ثوبه في الواقع نجسا حسما لمادّة وسواسه. ونظيره : أنّ الوالد إذا أقام ولده الصغير في دكّانه في مكانه وعلم منه أنّه يبيع أجناسه بحسب ظنونه القاصرة ، صحّ له منعه عن العمل بظنّه ، ويكون منعه في الواقع لأجل عدم الخسارة في البيع ، ويكون هذا النهي في نظر الصبيّ الظانّ بوجود النفع في المعاملة الشخصيّة إقداما منه ورضى بالخسارة وترك العمل بما يظنّه نفعا ؛ لئلا يقع في الخسارة في مقامات أخر ، فإنّ حصول الظنّ الشخصي بالنفع (٩٦٨) تفصيلا في بعض

______________________________________________________

لم يستقلّ العقل بجواز العمل بالظنّ رأسا. وبالجملة ، إنّ ما ذكر من الفرق إنّما يتمّ مع انفتاح باب العلم الذي لم تبطل معه الاصول الموجودة في مورد الظنون ، بخلاف زمان الانسداد كما هو واضح ممّا ذكرناه.

قلت : إنّ الكلام في استثناء القياس إنّما هو تشييد مقدّمات دليل الانسداد وصيرورة الظنّ بذلك حجّة ، ولا ريب أنّه بعد فرض حجّيته في غير موارد القياس يرتفع المانع من أجراء الاصول في موارده ، سواء كان هو العسر أو العلم الإجمالي المذكور.

٩٦٧. المراد بعدم إرادة الواقع هو عدم إرادة التوصّل إليه بطريق الظنّ لا عدم إرادته أصلا ، ولذا يتعيّن العمل حينئذ بالاصول.

٩٦٨. هذا إنّما يتمّ فيما كان حصول الظنون الشخصيّة تدريجيّا ، وفرض زوال طائفة منها عند حصول اخرى ، بحيث يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال في مورد الطائفة الزائلة ، وإلّا فلو فرض تحصيل ما يمكن تحصيله من الظنون القياسيّة فعلا ، فلا ريب في منافاته للعلم الإجمالي بالخلاف. ودعوى إمكان انحصار المعلوم بالإجمال في الموارد التي لم يحصل فيها الظنّ من القياس ضعيفة ، إذ القياس هو إلحاق حكم موضوع بموضوع آخر بجامع الظنّ بالعلّة ، ولا ريب أنّ الظنّ بالعلّة كما

٥٤٦

الموارد لا ينافي علمه بأنّ العمل بالظنّ القياسي منه ومن غيره في هذا المورد وفي غيره يوجب الوقوع غالبا في مخالفة الواقع ؛ ولذا علمنا ذلك من الأخبار المتواترة معنى مع حصول الظنّ الشخصي في الموارد منه ، إلّا أنّه كلّ مورد حصل الظنّ نقول بحسب ظنّنا إنّه ليس من موارد التخلّف ، فنحمل عموم نهي الشارع الشامل لهذا المورد على رفع الشارع يده عن الواقع وإغماضه عن الواقع في موارد مطابقة القياس ؛ لئلّا يقع في مفسدة تخلّفه عن الواقع في أكثر الموارد. هذه جملة ما حضرني من نفسي ومن غيري في دفع الإشكال ، وعليك بالتأمّل في هذا المجال ، والله العالم بحقيقة الحال.

المقام الثاني : فيما إذا قام ظنّ من أفراد مطلق الظنّ على حرمة العمل ببعضها بالخصوص ، لا على عدم الدليل على اعتباره ، فيخرج مثل الشهرة (٩٦٩) القائمة على عدم حجّية الشهرة ، لأنّ مرجعها إلى انعقاد الشهرة على عدم الدليل على حجّية الشهرة وبقائها تحت الأصل. وفي وجوب العمل بالظنّ الممنوع أو المانع أو الأقوى منهما أو التساقط وجوه ، بل أقوال.

ذهب بعض مشايخنا (٨) (٩٧٠) إلى الأوّل ؛ بناء منه على ما عرفت سابقا : من بناء

______________________________________________________

يستلزم الظنّ بالمعلوم ، كذلك يستلزم اطّراد الظنّ بالمعلوم في جميع موارد العلّة المظنونة ، فمع فرض عدم حصول الظنّ بحكم الفرع من الأصل فهو خارج من القياس.

٩٦٩. إذ لا تمانع حينئذ بين الظنّ المانع والممنوع حتّى يلتمس الترجيح بينهما ، لأنّ غاية ما يدلّ عليه الظنّ المانع هو عدم قيام الدليل على حجّية الممنوع ، وموضوع دليل الانسداد هو حجّية كلّ ظنّ لم يقم على حجيّته ولا على عدمها دليل بالخصوص ، فيعتبر الظنّ المانع حينئذ ، بمعنى الالتزام بعدم قيام دليل على حجّية الظنّ الممنوع من حيث الخصوص. ويعتبر الظنّ الممنوع أيضا ، من حيث كونه من أفراد الظنون المطلقة لا من حيث الخصوص ، ولا تنافي بينهما أصلا.

٩٧٠. هو شريف العلماء ، وسبقه صاحب الرياض. واختاره المحقّق القمّي رحمه‌الله في أحد الوجهين المستفادين من كلامه ، لأنّه قد ذكر في دفع الإشكال

٥٤٧

غير واحد منهم على أنّ دليل الانسداد لا يثبت اعتبار الظنّ في المسائل الاصوليّة التي منها مسألة حجّية الممنوع. ولازم بعض المعاصرين الثاني ؛ بناء على ما عرفت منه : من أنّ اللازم بعد الانسداد تحصيل الظنّ بالطريق ، فلا عبرة بالظنّ بالواقع ما لم يقم على اعتباره ظنّ. وقد عرفت ضعف كلا البنائين ، وأنّ نتيجة مقدّمات الانسداد هو الظنّ بسقوط التكاليف الواقعيّة في نظر الشارع الحاصل بموافقة نفس الواقع وبموافقة طريق رضي الشارع به عن الواقع. نعم ، بعض من وافقنا (٩) ـ واقعا أو تنزّلا ـ في عدم الفرق في النتيجة بين الظنّ بالواقع والظنّ بالطريق ، اختار في المقام وجوب طرح الظنّ الممنوع ؛ نظرا إلى أنّ مفاد دليل الانسداد ـ كما عرفت في الوجه الخامس من وجوه دفع إشكال خروج القياس ـ هو اعتبار كلّ ظنّ لم يقم على عدم اعتباره دليل معتبر ، والظنّ الممنوع ممّا قام على عدم اعتباره دليل معتبر وهو الظنّ المانع ؛ فإنّه معتبر حيث لم يقم دليل على المنع منه ؛ لأنّ الظنّ الممنوع لم يدلّ على حرمة الأخذ بالظنّ المانع ، غاية الأمر أنّ الأخذ به مناف للأخذ بالمانع ، لا أنّه يدلّ على وجوب طرحه ، بخلاف الظنّ المانع فإنّه يدلّ على وجوب طرح الظنّ الممنوع. فخروج الممنوع من باب التخصّص لا التخصيص ؛ فلا يقال : إنّ دخول أحد المتنافيين تحت العامّ لا يصلح دليلا لخروج الآخر مع تساويهما في قابليّة الدخول من حيث الفرديّة.

______________________________________________________

الوارد من جهة أنّ المشهور عدم حجّية الشهرة ، فيلزم من اعتبارها عدم اعتبارها ، وما يلزم من وجوده عدمه فهو باطل ، ما لفظه : «ويمكن دفعه بأنّ الذي يقوله القائل هو حجّية الشهرة في مسائل الفروع ، والذي يلزم عدم حجّيته هو الشهرة في المسألة الاصوليّة ، وهي عدم حجّية الشهرة ، ولا منافاة. ووجه الفرق : ابتناء المسألة الاصوليّة على دليل عقلي يمكن القدح فيه ، وهو عدم الائتمان على الخطأ في الظنون ، وهو لا يقاوم ما دلّ على حجّية الظنّ بعد انسداد باب العلم إلّا ما أخرجه الدليل. فما يحصل الظنّ بصدق الجماعة في الحكم الفرعي أقوى من الظنّ الحاصل من قول الجماعة بعدم جواز العمل بالمشهور» انتهى ، لأنّ جعل مدرك اعتبار الظنّ في الفروع هو دليل الانسداد دون الظنّ في المسألة الاصوليّة ينبئ عن

٥٤٨

ونظير ما نحن فيه ما تقرّر في الاستصحاب من أنّ مثل استصحاب طهارة الماء المغسول به الثوب النجس دليل حاكم على استصحاب نجاسة الثوب ، وإن كان كلّ من طهارة الماء ونجاسة الثوب ـ مع قطع النظر عن حكم الشارع بالاستصحاب ـ متيقّنة في السابق مشكوكة في اللاحق ، وحكم الشارع بإبقاء كلّ متيقّن في السابق مشكوك في اللاحق متساويا بالنسبة إليهما ؛ إلّا أنّه لمّا كان دخول يقين الطهارة في عموم الحكم بعدم النقض والحكم عليه بالبقاء يكون دليلا على زوال نجاسة الثوب المتيقّنة سابقا ، فيخرج عن المشكوك لاحقا ، بخلاف دخول يقين النجاسة والحكم عليها بالبقاء ؛ فإنّه لا يصلح للدلالة على طروّ النجاسة للماء المغسول به قبل الغسل وإن كان منافيا لبقائه على الطهارة.

وفيه أوّلا (٩٧١) : أنّه لا يتمّ فيما إذا كان الظنّ المانع والممنوع من جنس أمارة واحدة ، كأن يقوم الشهرة مثلا على عدم حجّية الشهرة ؛ فإنّ العمل ببعض أفراد الأمارة وهي الشهرة في المسألة الاصوليّة دون البعض الآخر وهي الشهرة في المسألة الفرعيّة ، كما ترى.

______________________________________________________

اختصاص مورد دليل الانسداد عنده بالفروع. والوجه الآخر ـ أعني : اعتبار الظنّ مطلقا ، سواء تعلّق بالاصول أم الفروع ، وكون مقتضى دليل الانسداد أعمّ منهما ـ يظهر منه في ذيل الدليل الثالث من الأدلّة العقليّة ، وصرّح به أيضا في مبحث التبادر.

٩٧١. لا يخفى أنّ ما أجاب به المصنّف رحمه‌الله نقضا وحلّا مبنيّ على تسليم تقدّم الشكّ السببي على الشكّ المسبّب في مسألة الاستصحاب ، وإلّا فعلى القول بتعارضهما ـ كما يظهر من المحقّق القمّي قدس سرّه في تلك المسألة ـ فضعف القول المذكور واضح.

ثمّ إنّ ما أجاب به المصنّف رحمه‌الله أوّلا من النقض بصورة اتّحاد الظنّ المانع والممنوع بحسب السنخ ، مجرّد استبعاد في التفصيل بين أفراد صنف من الأمارات بالقول بحجّية بعضها دون بعض ، وإلّا فلا أعرف وجه فرق آخر بين اتّحاد السنخ واختلافه ، كما هو واضح.

٥٤٩

وثانيا : أنّ الظنّ (٩٧٢) المانع إنّما يكون على فرض اعتباره دليلا على عدم اعتبار الممنوع ؛ لأنّ الامتثال بالممنوع حينئذ مقطوع العدم ـ كما تقرّر في توضيح الوجه الخامس من وجوه دفع إشكال خروج القياس ـ وهذا المعنى موجود في الظنّ الممنوع. مثلا إذا فرض صيرورة الأولوّية مقطوعة الاعتبار بمقتضى دخولها تحت دليل الانسداد ، لم يعقل بقاء الشهرة المانعة عنها على إفادة الظنّ بالمنع.

ودعوى أنّ بقاء الظنّ من الشهرة بعدم اعتبار الأولوّية دليل على عدم حصول القطع من دليل الانسداد بحجّية الأولويّة ؛ وإلّا لارتفع الظنّ بعدم حجّيتها ، فيكشف ذلك عن دخول الظنّ المانع تحت دليل الانسداد ، معارضة بأنّا لا نجد من أنفسنا القطع بعدم تحقّق الامتثال بسلوك الطريق الممنوع ، فلو كان الظنّ المانع داخلا لحصل القطع بذلك. وحلّ ذلك (٩٧٣) أنّ الظنّ بعدم اعتبار الممنوع إنّما هو مع قطع النظر عن ملاحظة دليل الانسداد ، ولا نسلّم بقاء الظنّ بعد ملاحظته.

______________________________________________________

٩٧٢. حاصله : أنّ الظنّ المانع والممنوع ظنّان تمانعا في الاندراج تحت دليل الانسداد ، إذ القطع بدخول أحدهما مستلزم للقطع بخروج الآخر ، غاية الأمر أنّ المنع من جانب المانع من جهة كون مؤدّاه عدم حجّية الممنوع ومن جانب الممنوع ، إنّما هو بالملازمة دون المطابقة ، فكما أنّ المانع دليل على عدم حصول الامتثال بالممنوع ، كذلك الحال في الممنوع. ومجرّد كون ذلك في أحدهما بالمطابقة وفي الآخر بالملازمة لا يجدي في المقام. نعم ، أثر هذا الفرق إنّما يظهر في الاصول التعبّدية دون العقليّة كما ستعرفه.

٩٧٣. لا يخفى أنّ دعوى عدم بقاء الظنّ بعدم اعتبار الممنوع بعد ملاحظة مقدّمات دليل الانسداد ، إن كانت من جهة مزاحمة الظنّ بعدم اعتبار الممنوع لما تقتضيه مقدّمات دليل الانسداد من اعتبار الممنوع ، فهي مصادمة للوجدان ، إذ قد يحصل القطع بعدم اعتبار بعض الظنون ـ كالقياس ـ وإن كانت مقدّمات دليل الانسداد في النظر أيضا فضلا عن الظنّ به ، غاية الأمر أن يقع الإشكال حينئذ في كيفيّة منع الشارع في صورة الانسداد. لكنّ الكلام هنا إنّما هو بعد الفراغ عن

٥٥٠

ثمّ إنّ الدليل العقلي (٩٧٤) أو الأمارة القطعيّة يفيد القطع بثبوت الحكم بالنسبة إلى جميع أفراد موضوعه ، فإذا تنافى دخول فردين : فإمّا أن يكشف عن فساد ذلك الدليل وإمّا أن يجب طرحهما ـ لعدم حصول القطع من ذلك الدليل العقلي بشيء منهما ـ وإمّا أن يحصل القطع بدخول أحدهما فيقطع بخروج الآخر ، فلا معنى للتردّد بينهما وحكومة أحدهما على الآخر.

______________________________________________________

صحّة منعه ، كما تقدّم في تصحيح استثناء القياس من نتيجة الانسداد. مع أنّه مناف لما اختاره من الأخذ بأقوى الظنّين.

وإن كانت من جهة أنّ الظنّ المانع لو بقي بعد ملاحظة مقدمات دليل الانسداد لزم عن وجوده عدمه ، إذ المشهور ـ كما قيل ـ عدم حجّية الظنّ في المسائل الاصوليّة ، فلو بقي الظنّ المانع مع ملاحظة دليل الانسداد أيضا وصار حجّة بسببه لزم من حجّيتها عدمها ، وهو محال. فهي ـ مع عدم دفعها للمنافاة المذكورة ـ منافية لما سيصرّح به في الأمر الثالث عند الجواب عن الوجه الثاني لعدم حجّية الظنّ في الاصول من منع تحقّق الشهرة على عدم حجّيته فيها.

٩٧٤. هذا تحقيق لأصل المسألة ، وتتميم للردّ على القول المذكور. وحاصله : أنّ تحكيم أحد الدليلين وارتكاب التأويل في الآخر بالتخصّص دون التخصيص فرع تعارضهما وإجمالهما بالنسبة إلى مورد التعارض ولو في بادي النظر ، وهذا إنّما يجري في الأحكام اللفظيّة دون العقليّة ، لأنّ العقل إذا حكم بعنوان عامّ على سبيل الجزم إنّما يحكم بعنوان القطع بالنسبة إلى جميع أفراد موضوعه ، كما يظهر الوجه فيه ممّا علّقنا على الكلام في توضيح الإشكال في استثناء القياس من نتيجة دليل الانسداد. وحينئذ لا يعقل تمانع فردين في الاندراج تحت هذا الحكم العامّ ، بل العقل إمّا أن يستقلّ بدخول أحدهما بالخصوص وخروج الآخر كذلك خروجا موضوعيّا ، لأجل فقده لبعض قيود موضوع العامّ ، أو لأجل اجتماعه مع بعض الموانع ، لعدم قابليّة حكم العقل للتخصيص وإخراج بعض الأفراد من الحكم. وإمّا أن يستقلّ بخروجهما كما ذكر. وإمّا أن يستكشف

٥٥١

فما مثّلنا به المقام من استصحاب طهارة الماء واستصحاب نجاسة الثوب ممّا لا وجه له ؛ لأنّ مرجع تقديم الاستصحاب الأوّل إلى تقديم التخصّص على التخصيص ،

______________________________________________________

بذلك عن فساد الدليل العقلي ، والاشتباه في بعض مقدّماته.

وممّا ذكرناه يظهر فساد قياس ما نحن فيه على تعارض الاستصحابين. أمّا على القول بتعارض المزيل والمزال ـ كما يظهر من المحقّق القمّي قدس‌سره ـ فواضح. وأمّا على المختار من تقديم الشكّ السببي على الشكّ المسبّب فلوضوح الفرق بين المقامين ، لأنّ تقديم المزيل على المزال في تعارض الاستصحابين ـ الذي مرجعه إلى تقديم التخصّص على التخصيص في قوله عليه‌السلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ـ إنّما هو لكون التخصيص مستلزما لارتكاب خلاف الظاهر في العمومات ، بخلاف التخصّص والإخراج الموضوعي. ولا ريب أنّ العمل بالظواهر وإبقائها على حالها بقدر الإمكان أولى. مع أنّ تقديم المزيل مبنيّ على اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد الذي مقتضاه عدم الاعتداد بالاصول المثبتة ، وإلّا فلو قلنا باعتباره من باب الظنّ الذي لازمه القول باعتبار الاصول المثبتة ، لكونه حينئذ من الأدلّة الاجتهاديّة التي يثبت بها جميع الآثار الشرعيّة والعقليّة والعاديّة ، فالتعارض بين الاستصحاب المزيل والمزال حاصل.

ولا ريب في انتفاء الأمرين في المقام. أمّا الأوّل فلكون اعتبار الظنون المطلقة من باب العقل ، لا الظواهر اللفظية التي تجب المحافظة عليها ، وعدم ارتكاب خلاف الظاهر فيها بقدر الإمكان. وحينئذ فاندراج الظنّ المانع تحت نتيجة دليل الانسداد ليس بأولى من اندراج الظنّ الممنوع في لحاظ العقل.

وأمّا الثاني ، فلأنّ عدم الاعتداد بالاصول المثبتة كما عرفت إنّما هو لأجل كون اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد الشرعيّ الذي لا يثبت به إلّا الآثار الشرعيّة ، بخلاف الظنّ ، لما عرفت من كون اعتباره من باب العقل الذي لا فرق في مورد حكمه بين لوازمه ، لأنّه كما يحكم في مورده كذلك يحكم بثبوت جميع اللوازم الواقعيّة له.

٥٥٢

ويكون أحدهما دليلا رافعا لليقين السابق بخلاف الآخر ، فالعمل بالأوّل تخصّص وبالثاني تخصيص ، ومرجعه كما تقرّر في مسألة تعارض الاستصحابين إلى وجوب العمل بالعامّ تعبّدا إلى أن يحصل الدليل على التخصيص ، إلّا أن يقال (٩٧٥) : إنّ القطع بحجّية المانع عين القطع بعدم حجّية الممنوع ؛ لأنّ معنى حجّية كلّ شيء وجوب الأخذ بمؤدّاه ، لكنّ القطع بحجّية الممنوع ـ التي هي نقيض مؤدّى المانع ـ مستلزم للقطع بعدم حجّية المانع ، فدخول المانع لا يستلزم خروج الممنوع وإنّما هو عين خروجه ؛ فلا ترجّح ولا تخصّص ، بخلاف دخول الممنوع ؛ فإنّه يستلزم خروج المانع ، فيصير ترجيحا من غير مرجّح ، فافهم.

والأولى أن يقال : إنّ الظنّ بعدم حجّية الأمارة الممنوعة لا يجوز ـ كما عرفت سابقا (٩٧٦) في الوجه السادس ـ أن يكون من باب الطريقيّة ، بل لا بدّ أن يكون من جهة اشتمال الظنّ الممنوع على مفسدة غالبة على مصلحة إدراك الواقع ، وحينئذ فإذا ظنّ بعدم اعتبار ظنّ فقد ظنّ بإدراك الواقع ، لكنّ مع الظنّ بترتّب مفسدة غالبة ، فيدور الأمر بين المصلحة المظنونة والمفسدة المظنونة ، فلا بدّ من الرجوع إلى الأقوى.

______________________________________________________

٩٧٥. يرد عليه : أنّ معنى حجّية المانع هو وجوب الأخذ بمؤدّاه ، وهو ليس عين عدم حجّية الممنوع ، بل عدم حجّية نفس مؤدّى الظنّ المانع لا عين حجّيته. مع أنّ ترجيح دخول الظنّ المانع تحت دليل الانسداد ، بدعوى العينيّة من جانب والاستلزام من جانب آخر ، مرجعه إلى ترجيح التخصّص على التخصيص الذي اعترف بفساده في المقام ، إذ لولاه لم يكن وجه لإدراج الظنّ المانع تحت نتيجة دليل الانسداد دون الممنوع ، وإن كانت حجّية الأوّل عين عدم حجّية الثاني ، وحجّية الثاني مستلزما لعدم حجّية الأوّل ، لعدم كون مجرّد ذلك سببا للترجيح عند العقل.

٩٧٦. لا يذهب عليك أنّ الظنّ بعدم حجّية أمارة كما يمكن أن يكون لأجل اشتمالها على مفسدة ، كذلك يمكن أن يكون من باب الطريقيّة ، بأن نهى الشارع عنها لأجل غلبة مخالفتها للواقع عنده ، على نحو ما تقدّم في الوجه السابع من وجوه استثناء القياس.

٥٥٣

فإذا ظنّ بالشهرة نهي الشارع عن العمل بالأولويّة ، فيلاحظ مرتبة هذا الظنّ ، فكلّ أولويّة في المسألة كان أقوى مرتبة من ذلك الظنّ الحاصل من الشهرة اخذ به وكلّ أولويّة كان أضعف منه وجب طرحه ، وإذا لم يتحقّق الترجيح بالقوّة حكم بالتساقط ؛ لعدم استقلال العقل بشيء منهما حينئذ.

هذا إذا لم يكن العمل (٩٧٧) بالظنّ المانع سليما عن محذور ترك العمل بالظنّ الممنوع ، كما إذا خالف الظنّ الممنوع الاحتياط اللازم في المسألة ، وإلّا تعيّن العمل به ؛ لعدم التعارض.

الأمر الثالث :

أنّه لا فرق في نتيجة مقدّمات دليل الانسداد بين الظنّ الحاصل أوّلا من الأمارة بالحكم الفرعيّ الكلّي كالشهرة أو نقل الإجماع على حكم وبين الحاصل به من أمارة متعلّقة بألفاظ الدليل ، كأن يحصل الظنّ من قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً) (١٠) بجواز التيمّم بالحجر مع وجود التراب الخالص ؛ بسبب قول جماعة من أهل اللغة : إنّ الصعيد هو مطلق وجه الأرض (١١).

ثمّ الظنّ المتعلّق بالألفاظ (٩٧٨) على قسمين ، ذكرناهما في بحث حجّية الظواهر.

______________________________________________________

٩٧٧. توضيحه : أنّ الظنّ الممنوع تارة يكون موافقا للاحتياط اللازم في خصوص المسألة ، كما إذا تعلّق بوجوب السورة على القول بوجوب الاحتياط عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، واخرى يكون مخالفا له ، كما إذا تعلّق بعدم وجوبها. وأثر وجوب الأخذ بأقوى الظنّين إنّما يظهر على الثاني دون الأوّل ، إذ على الأوّل يتعيّن الإتيان بالسورة ، سواء قلنا بوجوب الأخذ بالمانع والرجوع في مورد الممنوع إلى الاصول أو بوجوب الأخذ بالممنوع ، بخلافه علي الثاني ، إذا مع الأخذ بالمانع حينئذ والرجوع في مورد الممنوع إلى الاصول يجب الإتيان بالسورة لأجل قاعدة الاحتياط. ومع الأخذ بالممنوع لا يجوز تركها في الصلاة ، لأنّ الفرض أنّه مؤدّى الظنّ الممنوع.

٩٧٨. لا يخفى أنّ مناط اعتبار الظنّ المتعلّق بالظهور اللفظي هو استلزامه

٥٥٤

أحدهما : ما يتعلّق بتشخيص الظواهر مثل الظنّ من الشهرة بثبوت الحقائق الشرعيّة ، وبأنّ الأمر ظاهر في الوجوب لأجل الوضع ، وأنّ الأمر عقيب الحظر ظاهر في الإباحة الخاصّة أو في مجرّد رفع الحظر ، وهكذا. والثاني : ما يتعلّق

______________________________________________________

للظنّ الفعلي بالمراد ، لأنّ مقتضى نتيجة دليل الانسداد اعتبار الظنون الشخصيّة المتعلّقة بالفروع ، واستلزام الظنّ بالظهور للظنّ بالحكم الفرعي إنّما يتحقّق فيما إذا حصل الظنّ بالظهور من أمارة ، ويكون هذا الظهور مرادا للشارع من أمارة اخرى ، لأنّه بالظنّ بالأمرين يحصل الظنّ بكون مقتضى الدليل اللفظي هو الحكم الشرعيّ.

نعم ، قد يقتضي دليل الانسداد الجاري في الفروع لاعتبار الظنّ والظهور وإن لم يكن هذا الظنّ مستلزما للظنّ الفعلي بالحكم الفرعي ، كما إذا حصل الظنّ الفعلي بالظهور من أمارة ، وثبت كون هذا الظهور مرادا للشارع بأمارة تعبّدية ، كأصالة عدم القرينة المعتبرة من باب الظنّ الخاصّ الذي لا يعتبر فيه إفادة الظنّ الفعلي ، إذ لا ريب أنّ هذين الظنّين لا يستلزمان الظنّ الفعلي بالحكم ، لكون النتيجة تابعة لأخسّ مقدّمتيها. ولا ريب أنّ دليل الانسداد الجاري في الفروع كما يقتضي اعتبار الظنّ بالظهور في الصورة الاولى ، كذلك يقتضيه في هذه الصورة أيضا ، لأنّ معنى التعبّد بكون الظهور اللفظي مراد الشارع هو ترتيب الآثار التي كانت مترتّبة على صورة القطع بكونه مرادا على صورة عدم القطع به أيضا ، فكما أنّه في صورة القطع بعدم القرينة يجب الحكم بمقتضى دليل الانسداد بكون مقتضى الظاهر هو الحكم الشرعيّ ، كذلك في صورة التعبّد بعدم القرينة. وحينئذ لا بدّ أن يراد بقوله : «وبين الحاصل به من أمارة متعلّقة بألفاظ الدليل ...» ما يشمل ذلك أيضا.

ثمّ إنّ ما ذكره هنا يفارق ما ذكره في حجّية الظواهر ، في أنّ المراد بما ذكره هناك هو الظنون الحاصلة من أمارات خاصّة متعلّقة بالظهور أو يكون الظاهر مرادا ، وبما ذكره هنا هو الظنون الحاصلة من الأمارات التي لم يثبت اعتبارها بالخصوص متعلّقة بأحد الأمرين ، كما أشار إليه في ما ذكره في حاصل القسمين.

٥٥٥

بتشخيص إرادة الظواهر وعدمها ، كأن يحصل ظنّ بإرادة المعنى المجازي أو أحد معاني المشترك ؛ لأجل تفسير الراوي مثلا أو من جهة كون مذهبه (٩٧٩) مخالفا لظاهر الرواية.

وحاصل القسمين : الظنون غير الخاصّة المتعلّقة بتشخيص الظواهر أو المرادات. والظاهر : حجّيتها عند كلّ من قال بحجّية مطلق الظنّ لأجل الانسداد ، ولا يحتاج إثبات ذلك إلى إعمال دليل الانسداد في نفس الظنون المتعلّقة بالألفاظ ، بأن يقال : إنّ العلم فيها قليل ، فلو بني الأمر على إجراء الأصل لزم كذا وكذا. بل لو انفتح باب العلم في جميع الألفاظ إلّا في مورد واحد وجب العمل بالظنّ الحاصل بالحكم الفرعي من تلك الأمارة المتعلّقة بمعاني الألفاظ عند انسداد باب العلم في الأحكام.

وهل يعمل بذلك الظنّ في سائر الثمرات المترتّبة على تعيين معنى اللفظ في غير مقام تعيين الحكم الشرعيّ الكلّي كالوصايا والأقارير والنذور؟ فيه إشكال ، والأقوى العدم ؛ لأنّ مرجع العمل بالظنّ فيها إلى العمل بالظنّ في الموضوعات الخارجيّة المترتّبة عليها الأحكام الجزئيّة الغير المحتاجة إلى بيان الشارع حتّى يدخل فيما انسدّ فيه باب العلم ، وسيجيء عدم اعتبار الظنّ فيها.

نعم ، من جعل الظنون المتعلّقة بالألفاظ من الظنون الخاصّة مطلقا لزمه القول بالاعتبار في الأحكام والموضوعات ، وقد مرّ تضعيف هذا القول (٩٨٠) عند الكلام في الظنون الخاصّة.

______________________________________________________

٩٧٩. في كون مجرّد ذلك قرينة لإرادة خلاف الظاهر أو أحد معنيي المشترك نظر. اللهمّ إلّا أن يريد صورة العلم بكون مستند مذهب الراوي هي هذه الرواية ، وكون إيراده لها استنادا لا رواية ، فتدبّر.

٩٨٠. هذا لا ينافي ميل المصنّف رحمه‌الله في آخر كلامه ـ عند الكلام في حجّية قول أهل اللغة ـ إلى حجّية قولهم ، لأنّ ما مال إليه في آخر كلامه هناك إنّما كتبه في الدورة الأخيرة من مباحثه التي لم تتمّ له وأدركه هادم اللذات في أثنائها ، ولم تصل إلى هنا ، وإلّا كان مختاره أوّلا هو عدم حجّية قول أهل اللغة.

٥٥٦

وكذا لا فرق بين الظنّ الحاصل بالحكم الفرعي الكلّي من نفس الأمارة أو عن أمارة متعلّقة بالألفاظ ، وبين (*) الحاصل بالحكم الفرعي الكلّي من الأمارة المتعلّقة بالموضوع الخارجي ، ككون الراوي عادلا أو مؤمنا حال الرواية ، وكون زرارة هو ابن أعين (٩٨١) لا ابن لطيفة ، وكون عليّ بن الحكم (٩٨٢) هو الكوفي بقرينة رواية أحمد بن محمّد عنه ؛ فإنّ جميع ذلك وإن كان ظنّا بالموضوع الخارجي ، إلّا أنّه لمّا كان منشأ للظنّ بالحكم الفرعي الكلّي الذي انسدّ فيه باب العلم عمل به من هذه الجهة ، وإن لم يعمل به من سائر الجهات المتعلّقة بعدالة ذلك الرجل أو بتشخيصه عند إطلاق اسمه المشترك.

ومن هنا تبيّن أنّ الظنون الرجاليّة معتبرة بقول مطلق عند من قال بمطلق الظنّ في الأحكام ، ولا يحتاج إلى تعيين أنّ اعتبار أقوال أهل الرجال من جهة دخولها في الشهادة أو في الرواية ، ولا يقتصر على أقوال أهل الخبرة بل يقتصر على تصحيح الغير للسند وإن كان من آحاد العلماء إذا أفاد قوله الظنّ بصدق الخبر المستلزم للظنّ بالحكم الفرعيّ الكلّي.

وملخّص هذا الأمر الثالث أنّ كلّ ظنّ تولّد منه الظنّ بالحكم الفرعي الكلّي فهو حجّة من هذه الجهة ، سواء كان الحكم الفرعي واقعيّا أو كان ظاهريّا ـ كالظنّ بحجّية الاستصحاب تعبّدا وبحجّية الأمارة الغير المفيدة للظنّ الفعلي بالحكم ـ ، و

______________________________________________________

٩٨١. ابن أعين ثقة جليل القدر ، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين ، والمتكلّمون من الشيعة تلامذته ، ولولاه انقطعت آثار النبوّة واندرست. وأما زرارة ابن لطيفة فهو غير مذكور بتوثيق ، بل ولا بمدح ، غير أنّه كوفي.

٩٨٢. قد اختلفوا في اتّحاد عليّ بن الحكم الكوفي مع الأنباري. والأنبار اسم محلّة بالكوفة. وعلى تقدير التعدّد فأحمد بن محمّد إنّما يروي عن الكوفي دون الأنباري.

__________________

(*) في بعض النسخ زيادة : الظنّ.

٥٥٧

سواء تعلّق الظنّ أوّلا بالمطالب العلميّة (٩٨٣) أو غيرها (٩٨٤) أو بالامور الخارجيّة (٩٨٥) من غير استثناء في سبب هذا الظنّ. ووجهه واضح ؛ فإنّ مقتضى النتيجة هو لزوم الامتثال الظنّي وترجيح الراجح على المرجوح في العمل ، حتّى أنّه لو قلنا بخصوصيّة في بعض الأمارات ـ بناء على عدم التعميم في نتيجة دليل الانسداد ـ لم يكن فرق بين ما تعلّق تلك الأمارة بنفس الحكم أو بما يتولّد منه الظنّ بالحكم ، ولا إشكال في ذلك أصلا إلّا أن يغفل غافل عن مقتضى دليل الانسداد فيدّعي الاختصاص بالبعض دون البعض من حيث لا يشعر.

وربّما تخيّل بعض (١٢) أنّ العمل بالظنون المطلقة في الرجال غير مختصّ بمن يعمل بمطلق الظنّ في الأحكام ، بل المقتصر على الظنون الخاصّة في الأحكام أيضا عامل بالظنّ المطلق في الرجال. وفيه نظر يظهر للمتتبّع (٩٨٦) لعمل العلماء في الرجال ؛ فإنّه يحصل القطع بعدم بنائهم فيها على العمل بكلّ أمارة. نعم ، لو كان الخبر المظنون الصدور ـ مطلقا أو بالظنّ الاطمئناني ـ من الظنون الخاصّة لقيام الأخبار أو الإجماع عليه ، لزم القائل به العمل بمطلق الظنّ أو الاطمئناني منه في الرجال ، كالعامل (*) بالظنّ المطلق في الأحكام.

ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ الظنّ في المسائل الاصوليّة العمليّة حجّة بالنسبة إلى ما يتولّد منه من الظنّ بالحكم الفرعي الواقعي أو الظاهري. وربّما منع منه غير واحد من مشايخنا رضوان الله عليهم ، وما استند إليه أو يصحّ الاستناد إليه للمنع أمران : أحدهما : أصالة الحرمة وعدم شمول دليل الانسداد ؛ لأنّ دليل الانسداد إمّا أن يجري في خصوص المسائل الاصوليّة كما يجري في خصوص الفروع ، وإمّا أن

______________________________________________________

٩٨٣. كالظنّ بالفروع ابتداء.

٩٨٤. كما في الموضوعات المستنبطة.

٩٨٥. كما في علم الرجال.

٩٨٦. كما يشهد به اختلافهم في اعتبار التعدّد في المزكّى وعدمه.

__________________

(*) في بعض النسخ : بدل «كالعامل» ، كالقائل.

٥٥٨

يقرّر دليل الانسداد بالنسبة إلى جميع الأحكام الشرعيّة ، فيثبت حجّية الظنّ في الجميع ويندرج فيها المسائل الاصوليّة ، وإمّا أن يجري في خصوص المسائل الفرعيّة ، فيثبت به اعتبار الظنّ في خصوص الفروع ، لكنّ الظنّ بالمسألة الاصوليّة يستلزم الظنّ بالمسألة الفرعيّة التي تبتني عليها.

وهذه الوجوه بين ما لا يصحّ وما لا يجدي. أمّا الأوّل ، فهو غير صحيح ؛ لأنّ المسائل الاصوليّة التي ينسدّ (٩٨٧) فيها باب العلم ليست في أنفسها من الكثرة بحيث يلزم من إجراء الاصول فيها محذور كان يلزم من إجراء الاصول في المسائل الفرعيّة التي انسدّ فيها باب العلم ؛ لأنّ ما كان من المسائل الاصوليّة يبحث فيها عن كون شيء حجّة ـ كمسألة حجّية الشهرة ونقل الإجماع وأخبار الآحاد ـ أو عن كونه مرجّحا فقد انفتح فيها باب العلم وعلم الحجّة منها من غير الحجّة والمرجّح

______________________________________________________

٩٨٧. حاصله : منع انسداد باب العلم في أغلب مسائل الاصول ، لانفتاحه بإجراء دليل الانسداد في الفروع. وأنت خبير بأنّه يمكن قلب هذا الوجه ، بأن يقال بانفتاح باب العلم في الفروع ، بإجراء دليل الانسداد في الاصول ، إذ قلّما توجد مسألة إلّا ويوجد فيها أمارة مظنونة الاعتبار ، والمسائل الخالية منها ليست في الكثرة بحيث يلزم من الرجوع فيها إلى الاصول محذور.

لا يقال : مع تسليم انسداد باب العلم في أغلب مسائل الاصول ، ولو مع قطع النظر عن جريان دليل الانسداد في الفروع ، نمنع جريان سائر مقدّماته في الاصول إذ منها حصول العلم ـ بالضرورة من الدين ـ ببقاء التكاليف ، وعدم كوننا مهملين كالبهائم. وهذه المقدّمة لا تجري في الاصول ، لأنّه لا يخلو : إمّا أن نقول بوجود حكم واقعي في كلّ واقعة ، كما هو ظاهر مذهب الخاصّة ، ووردت به أخبارهم. وإنّما عزيناه إلى ظاهر مذهبهم لأنّ الثابت من مذهبهم بالضرورة ، ـ وشهد به العقل ـ هو عدم خلوّ الوقائع المبتلى بها دون غيرها ، والتمسّك في ذلك بالأخبار لا يناسب دعوى الضرورة كما هو المدّعى ، وإن ادّعي تواترها. وإمّا أن نقول بخلوّ بعض الوقائع منه ، كما هو مذهب العامّة.

٥٥٩

منها من غيره بإثبات حجّية الظنّ في المسائل الفرعيّة ؛ إذ بإثبات ذلك المطلب حصل الدلالة العقليّة على أنّ ما كان من الأمارات داخلا في نتيجة دليل الانسداد فهو حجّة. وقس على ذلك معرفة المرجّح ؛ فإنّا قد علمنا بدليل الانسداد أنّ كلّا من المتعارضين إذا اعتضد بما يوجب قوّته على غيره من جهة من الجهات ، فهو راجح على صاحبه مقدّم عليه في العمل.

وما كان منها يبحث فيها عن الموضوعات الاستنباطيّة وهي ألفاظ الكتاب والسنّة من حيث استنباط الأحكام عنهما ، كمسائل الأمر والنهي وأخواتهما ـ من المطلق والمقيّد والعامّ والخاصّ والمجمل والمبيّن إلى غير ذلك ـ فقد علم حجّية الظنّ فيها من حيث استلزام الظنّ بها الظنّ بالحكم الفرعي الواقعي ؛ لما عرفت من أنّ مقتضى دليل الانسداد في الفروع حجّية الظنّ الحاصل بها من الأمارة ابتداء ، والظنّ المتولّد من أمارة موجودة في مسألة لفظيّة.

ويلحق بهما (*) : بعض المسائل العقليّة ،

______________________________________________________

وعلى التقديرين لا دليل على جعل الشارع أحكاما متعلّقة بالاصول. أمّا على الأوّل ، فإنّ مقتضاه عدم خلوّ واقعة من حكم واقعي لا من حكم ظاهري ، والأحكام المتعلّقة بالاصول ظاهريّة لا واقعيّة. وأمّا على الثاني ، فإنّه مع عدم ثبوت التكليف في الواقع كيف يدّعى جعل حكم ظاهري متعلّق بطريقه فضلا عن بقاء التكليف به؟ هذا مع إمكان منع العلم الإجمالي بتعلّق حكم ظاهري بالطرق ، كما أوضحه المصنّف رحمه‌الله في الردّ على من ادّعى انحصار نتيجة دليل الانسداد في اعتبار الظنّ بالطرق ، فراجع. ومنها لزوم الاختلال أو العسر من الاحتياط في المسائل المشتبهة ، وهو ممنوع في المقام.

لأنّا نقول : إنّ ما ذكر في السؤال في وجه عدم جريان دليل الانسداد في الاصول متّجه ، إلّا أنّ ظاهر المصنّف رحمه‌الله منع جريانه فيها لأجل انفتاح باب العلم فيها ، لا لأجل عدم تماميّة سائر مقدّماته.

__________________

(*) في بعض النسخ : بدل «بهما» ، بها.

٥٦٠