الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي
المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٢٤
قال : وحدّثنا أبو جعفر قال : حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدّثنا سعيد ابن زربي ، عن حمّاد ، عن علقمة قال : كنت أعطيت حسن الصوت ، وكان عبد الله بن مسعود يستقرئني ويقول لي : اقرأ فداك / أبي وأمي ، فإني سمعت النّبي صلىاللهعليهوسلم يقول «حسن الصّوت تزيين القرآن» (١).
حدّثني محمد بن سليمان الباهليّ قال : حدّثنا الحسن بن عبد الرحمن الرّمادي قال : حدّثنا طلق بن عتّام قال : حدثنا قيس بن هلال بن خباب ، عن يحيى ، عن هبيرة ، عن أمّ هانيء بنت أبي طالب قالت : «كنت أسمع صوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم باللّيل على فراشي يرجّع بالقرآن».
قال : وحدّثنا طلق عن حفص بن غياث ، عن محمد بن أبي ليلى والأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن عبد الله بن دينار ، عن علي قال : «كان النّبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ بنا القرآن على كلّ حال إلا جنبا».
حدّثنا أبو بكر البزّاز قال : حدّثنا محمد بن إسحاق الخيّاط قال : حدّثنا أبو منصور قال : حدّثنا عثمان ـ يعني ابن قيس ـ عن ابن أبي مليكة ، عن عبيد بن سهل قال : ذكر لنا عند سعد بن أبي وقّاص حسن الصّوت بالقرآن فقال سعد : سمعت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن» (٢).
قال أبو عبد الله رضى الله عنه : قد جاء تفسير من لم يتغن بالقرآن فى هذا الحديث أنّه حسن الصّوت.
وحدّثنا أبو حفص القطّان قال : حدّثنا محمد بن إسماعيل قال : حدّثنا وكيع قال : حدّثنا إبراهيم بن يزيد ، عن الزّهري ، عن معاذ بن جبل قال : «من
__________________
(١) الحديث فى الجامع الصغير : ١ / ١٥٢.
(٢) التبيان : ٨٨.
استظهر القرآن كانت له دعوة إن شاء تعجّلها لدنيا وإن شاء تأجلها» (١).
قال : وحدّثنا محمّد بن إسماعيل قال : حدّثنا وكيع قال : حدّثنا إسماعيل ابن رافع أبو رافع ، عن رجل لم يسمه عن عبد الله بن عمرو قال : «من قرأ القرآن / فكأنّما استدرجت النّبوة بين جنبيه ، غير أنه لا يوحى إليه».
قال : وحدّثنا الحسّانيّ قال : حدّثنا وكيع قال : حدّثنا عمران أبو بشر الحلبيّ ، عن الحسين قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لافاقة لعبد بعد القرآن ، ولا غنى له بعده» (٢).
قال : وحدّثنا الحسّانيّ قال : حدّثنا وكيع ، عن هشام ، صاحب الدستوائي ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعيد بن هشام ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر مع السّفرة الكرام البررة ، والذي يقرؤه وهو يشتدّ عليه فله أجران» (٣) سألت ابن مجاهد عن هذا الحديث ، فقلت أيهما أفضل : فقال الماهر ، لأن الذي له أجران له شيء محصى بعينه ، والذي مع السفرة فهو نهاية ما يعطى العبد فى الثّواب. وروى يزيد بن هارون ، عن شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ ، وذكر القرآن وصاحبه ـ فقال (٤) :
__________________
(١) ينظر : فتح البارى : ٩ / ٧٠.
(٢) المصنف لابن أبى شيبة : ١٠ / ٤٦٧ (فضائل القرآن) رقم (١٠٠٠٣).
(٣) عن عائشة فى البخارى : ٨ / ٦٩١ ، ومسلم فى صحيحه : ٢ / ١٩٥ ، وهو فى مسند الإمام أحمد : ٦ / ٤٨ ، ٩٤ ، ١١٠ ، ١٩٢ ... ورواية البخارى : «مثل الذى يقرأ القرآن ، وهو حافظ له ... والذى يتتعتع» وهذه الأخيرة فى أكثر روايات الحديث. وينظر : التبيان : ١٢.
(٤) بمعناه لا بلفطه فى الرّعاية : ٤٧.
«يعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار» معنى الحديث والملك والخلد يجعلان له لا أن شيئا يجعل فى يمينه ، وهذا كما يقال : الدار في يدك أى : في ملكك ، وقال الله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)(١).
حدّثني محمد بن حفص قال : حدّثنا عيسى بن جعفر قال : حدّثنا قبيصة قال : حدّثنا سفيان ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن سعيد بن هشام ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : / «الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة والذي يتعايا فى القرآن له أجران» (٢).
تقول العرب : عييت بالأمر : إذا لم تعرف جهته ، وأنا عييّ ، وتعايا يتعايا تعاييا فهو متعاى ، فأمّا فى الإعياء في المشي ، فإنك تقول : أعييت أعيى إعياء فأنا معيا. ويقال (٣) : فحل عياياء : إذا كان لا يلقح ، وكذلك : رجل عياياء طباقاء : إذا كان أحمق شرسا ، وينشد (٤) :
عياياء لم يشهد خصوما ولم ينخ |
|
قلاصا إلى أوكارها حين تعكف |
__________________
(١) سورة الملك : آية : ١.
(٢) سبق تخريج مثله بلفظ «وهو يشتدّ عليه».
(٣) غريب الحديث لأبى عبيد : ٢ / ٢٩٤.
(٤) البيت لجميل بن معمر العذرى فى ديوانه : ١٣٨ ، من قصيدة طويلة جيدة أولها :
عفا برد من أمّ عوف فلفلف |
|
فأدمان منها فالصّرائم مألف |
وعهدى بها إذ ذاك والشمل جامع |
|
ليالي جمل بالمودة تسعف |
فأصبح قفرا بعد ما كان حقبة |
|
وجمل المنى تشتو به وتصيّف |
ففرّقنا صرف من الدّهر لم يكن |
|
له دون تفريق من الحيى مصرف |
ورواية الديوان : (طباقاء ...) وهو فى اللسان ، وغريب الحديث لأبي عبيد : ٢ / ٢٩٥ ... وغيرهما.
فأمّا حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي حدّثناه القاضي ابن المحاملي ، قال : حدّثنا زياد بن أيوب قال حدثنا : يحيى الحمّاني قال حدّثنا : مالك بن مغول وفطر (١) وابن عمارة ، عن إسماعيل بن رجاء عن إدريس بن صبيح (٢) عن البراء ابن عازب قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «زيّنوا القرآن بأصواتكم» (٣) فقال أكثر أهل العلم (٤) : أى زيّنوا أصواتكم بالقرآن وكأنه صلىاللهعليهوسلم حثّ على قراءة القرآن ومداومة الدّراسة ، والقرآن لا يحتاج إلى تزيين ، بل يزين من قرأه ، وقد سرق بعض الشّعراء هذا المعنى فقال :
وعيطاء مازانها حليها |
|
بل الحلي صال بها وازيأن |
ومالى بحقف النّقا خبرة |
|
ومقعد زيارها والعكن |
سوى أنّها قمر باهر |
|
تمايل فى مشيها كالفنن |
وأمّا حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أقرأ الناس؟ قال : من إذا قرأ رأيته يخشى الله» (٥) فقد أوضح لك /.
__________________
(١) لعله فطر بن حماد بن واقد الصّفار. وهو : يكسر الفاء وسكون الطاء المهملة. (الإكمال : ٧ / ١٢٦)
(٢) لعله المذكور فى تهذيب الكمال : ٢ / ٢٩٩.
(٣) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده : ٤ / ٢٨٣ ، ٢٨٥ ، والنسائى فى فضائل القرآن : ٩٤ حديث رقم : (٧٥) وتخريجه هناك.
(٤) قاله الخطّابيّ وغيره ، وينظر : تفسير القرطبىّ : ١ / ١١.
(٥) الحديث فى مشكاة المصابيح : رقم (٢٢٠٩) ومجمع الزوائد : ٧ / ١٧٣.
وذهب آخرون إلى حسن الصّوت واحتجوا بالحديث الآخر : «ما أذن الله بشيء قطّ كإذنه لنبىّ يتغنّى بالقرآن» (١).
وحدّثني أبو عبد الله بن الجنيد قال : حدّثني ابن عسكر ، عن سفيان ، عن الأعمش ومنصور ، عن طلحة بن عبد الرحمن ، عن عوسجة ، عن البراء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «زينوا القرآن بأصواتكم» (٢).
وحدّثني أحمد بن العبّاس قال : حدّثنا العطاردى قال : حدّثنا أبو بكر بن عيّاش : عن الأعمش ، عن أبى صالح ، عن أبي هريرة قال : «ما من قوم جلسوا في بيت من بيوت الله يتدارسون كتاب الله يتعاطون بينهم إلا كانوا أضيافا لله وأظلتّتهم الملائكة بأجنحتها حتّى يخوضوا في حديث غيره ، وما سلك رجل طريقا يلتمس فيه العلم إلا سهّل الله له طريقا إلى الجنّة».
حدّثنى محمّد بن عبد الواحد قال : حدّثنا ثعلب ، عن ابن الأعرابىّ قال : قال أبو هريرة : المساجد سوق من أسواق الآخرة فقراها المغفرة وتحفها الرّحمة».
وحدّثني أبو عمر ، عن بشر بن موسى قال : سمعت السيلحونيّ يقول : قال سفيان الثّوريّ : «بلغني أن العبد إذا ختم القرآن قبّل الملك بين عينيه».
وحدّثني أبو القاسم المروزي قال : حدّثنا بشر بن موسى قال : حدّثنا جليس بشر بن الحارث يقال له : عمر بن عبد العزيز قال : حدّثنا بشر بن الحارث ، عن يحيي بن بيان ، عن حبيب بن أبي عمرة قال : «إذا ختم الرجل
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده : ٢ / ٢٨٥ ، ٢٧١ ، ٤٥٠ ، والنسائى فى فضائل القرآن : ٩٣ حديث رقم (٧٣) وتخريجه هناك وهو فى صحيح البخارى ينظر (فتح البارى : ٩ / ٧٠).
(٢) تقدم ذكره.
القرآن قبّل الملك بين عينيه». قال بشر : فحدثت بهذا الحديث أحمد ابن حنبل فاستحسنه وقال : لعلّ هذا من محدّث سفيان /. وهكذا يكثر جدّا ، فكذلك اقتصرت على هذا.
وحدّثنى أبو بكر الخلنجيّ (١) إمام الجامع قال : حدثنا الكديميّ قال : حدثنا يحيي بن كثير أبو غسّان العنبريّ قال : حدّثنا سعيد بن عبيد قال : سمعت الحسن يقول : «إنّ هذا القرآن قرأه من الناس نفر ثلاثة : قوم اتخذوه بضاعة ينقلونه من بلد إلى بلد وهؤلاء كثير ، لا كثّرهم الله ، وقوم يراءون به في أعمالهم ، وقوم وجدوا فيه دواء قلوبهم فجعلوه على داء قلوبهم ، وذكّروا به في محاريبهم ، وخنّوا به في برانسهم فبهؤلاء ينال من العدوّ وتستنزل بهم القطرة».
سمعت أبا عمر يقول : خنّوا : بكوا حتى سمع خنينهم ، قال ثعلب : ومنه حديث علي للحسن وقد شاوره في شيء فأشار عليه الحسن أن لا يفعل فأبى عليّ فبكى الحسن إشفاقا ، فقال (٢) : لاتخن خنين الأمة ، ولا بدّ مما لا بدّ. قال ثعلب : فالخنين صوت البكاء من الأنف ، ويقال : الأنف المخنة ، وأنشد (٣) :
بكى جزعا من أن يموت وأجهشت |
|
إليه الجرشّى وارمعلّ خنينها |
* * *
__________________
(١) بفتح الخاء المعجمة واللّام وسكون النّون ، وفى آخره الجيم. هذه النسبة إلى خلنج ، وهو نوع من الخشب ...» (الأنساب : ٥ / ١٦٦)
(٢) النهاية لابن الأثير : ٢ / ٨٥.
(٣) هو لمدرك بن حصن الأسدىّ فى اللسان : (خنن) عن ابن برى رحمهالله. وورد فى اللّسان : (جرش) (حنينها) بالحاء المهملة. ومدرك بن حصن أو حصين فقعسىّ أسدى ، شاعر إسلامى أموى. أخباره فى معجم الشعراء : ٣٠٩ ، ٣٣٣ ، والخزانة : ٣ / ١٨٧.
(فاتحة الكتاب)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ ـ قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [٤]
قرأ عاصم والكسائيّ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بألف بعد الميم.
وقرأ الباقون : ملك بغير ألف ، فحجّة من قرأ (مالِكِ) قال : لأنّ الملك دخل تحت المالك ، واحتجّ بقوله تعالى (١)(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) وحجّة من قرأ ملك قال : لأنّ ملكا / أخصّ من مالك وأمدح ؛ لأنه قد يكون المالك غير ملك ولا يكون الملك إلا مالكا. وأكثر ما يجيء في كلام العرب وأشعارهم ملك ، ومليك : لغة فصيحة ، وإن لم يقرأ بها أحد؟ ، قال ابن الزّبعرى يخاطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٢) :
يا رسول المليك إنّ لساني |
|
راتق مافتقت إذ أنا بور |
إذ أجارى الشّيطان فى سنن الغ |
|
يّ ومن مال ميله مثبور |
__________________
(١) سورة آل عمران : آية : ٢٦.
(٢) شعره جمع الدكتور يحيى الجبورى : ٣٦ ، وإعراب ثلاثين سورة : ٢٣ ، والسيرة النبوية : ٤٠ ، وربما نسب إلى أمية بن أبى الصلت.
وقال الفرزدق : وجمع بين اللّغتين فقال (١) :
إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعزّ وأطول |
بيتا بناه لنا المليك وما بنى |
|
ملك السّماء فإنّه لا ينقل |
فأمّا ما رواه عبد الوارث [عن (٢)] أبي عمرو مَلكِ يوم الدّين فإنه أسكن اللّام تخفيفا كما [يقال] فى فخذ : فخذ ، وقال الشّاعر (٣) :
من مشية في شعر ترجّله |
|
تمشّي الملك عليه حلله |
وقرأ أبو حيوة (٤) : مَلِكَ يوم الدّين وقرأ أنس بن مالك : مَلَكَ يوم الدّين [جعله فعلا ماضيا (٥)] قال : ويجوز في النّحو : مالك يوم الدّين [بالرّفع](٦) على [معنى](٧) هو مالك. فأمّا قراءة أبي هريرة ـ رحمهالله ـ وعمر
__________________
(١) ديوانه : ١٥٥ (دار صادر) ٤١٧ (الصاوى). وينظر : شرح المفصل لابن يعيش : ٦ / ٩٧ ، والخزانة : ٣ / ٤٨٦.
(٢) فى الأصل : «ابن أبى ...». وعبد الوارث هذا أحد رواة أبى عمرو ، قال الحافظ ابن الجزرى : «عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان ، أبو عبيدة التنورى العنبرى مولاهم البصرى. إمام حافظ مقرىء ثقة ، ولد سنة اثنتين ومائة وعرض القرآن على أبى عمرو ...» (غاية النهاية : ١ / ٤٧٨) وهذه الرّواية عن أبى عمرو فى تفسير القرطبى : ١ / ١٣٩ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٠.
(٣) الطارقيّة (إعراب ثلاثين سورة) : ٢٣.
(٤) الكشاف : ١ / ٩ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٠.
(٥) عن الطارقية.
(٦) عن الطارقية.
(٧) عن الطارقية.
ابن عبد العزيز ، ومحمد بن السميفع (١) مالكَ يوم الدّين على الدّعاء ، يا مالك يوم الدين ، فقد ذكرته في «الشّواذّ» (٢) ولا أذكر في هذا الكتاب غير حروف السبعة وعللها.
٢ ـ وقوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [٦]
قرأ ابن كثير السّراط بالسّين ، وكذلك في كلّ القرآن على أصل الكلمة.
وقرأ الباقون : (الصِّراطَ) بالصّاد ، وإنّما قلبوا السّين صادا ؛ لأنّ السين مهموسة والصّاد مجهورة ، وهي من حروف الإطباق ، والسّين مفتحة ، وقلبوا السين صادا لتكون / مؤاخية للسين في الهمس والصّفير ، وتؤاخي الصّاد في الإطباق ، إلا حمزة فإنه يشم الصّاد زايا ، وذلك أن الزاي تؤاخي السين في الصّفير وتؤاخي الصّاد في الجهر ، وكذلك قوله (٣) : (حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) بإشمام الزّاي ، وأنشد ابن دريد رضي الله عنه (٤) :
__________________
(١) السّميفع : بفتح السّين محمد بن عبد الرحمن ، أبو عبد الله اليمانى (غاية النهاية : ٢ / ١٦١).
(٢) مختصر الشواذ لابن خالويه ، والطارقية : ٢٣ وينظر : تفسير القرطبى : ١ / ١٣٩ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٠. وفى الأصل : «وقد ذكرته ...».
(٣) سورة القصص : آية : ٢٣.
(٤) أنشده ابن دريد ـ رحمهالله ـ فى الجمهرة : ٢ / ١١٥ ، وهو تميم بن أبيّ بن مقبل العجلانى فى ديوانه : ٧٩ من قصيدة أولها :
يا حرّ أمسيت شيخا قد وهى بصرى |
|
والتاث ما دون يوم الوعد من عمرى |
وهى طويلة جيّدة. وروايته : (الأصداء). أنشده المؤلف في الطارقية : ٢٩ ، وشرح الفصيح : ورقة : ٥ وروايته : (إذا تجهمنى ..) وشرح مقصورة ابن دريد : ١٦٢. وينظر : الحيوان : ٧ / ٥٩ ، والمعانى الكبير : ١٢٦٤ ، شروح سقط الزند ٥٦٠ وأمالى ابن الشجرى : ١ / ٢٦٧ ، والمغنى : ٦٩٥ ، وشرح شواهده : ٣٢٨ ، وشرح أبياته : ٢ / ٣٢٤ ، ٨ / ١١٦.
ولا تهيّبنى الموماة أركبها |
|
إذا تجاوبت الأزداء بالسّحر |
جعلها زايا خالصة وهى لغة.
٣ ـ وقوله [تعالى](أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [٧]
قرأ حمزة وحده أنعمت عليهُم بضمّ الهاء وجزم الميم ، وكذلك : إليهُم ولديهُم وهي لغة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنما ضمّ الهاء فى أصل الكلمة قبل أن تتصل بها «على» كما تقول : (هم) ، فلما أدخلت «على» فقلت (عَلَيْهِمْ) بقيت على حالها.
قال ابن مجاهد : إنّما خصّ حمزة هذه الثلاثة الأحرف بالضمّ دون غيرهنّ أعنى : «عليهم» «ولديهم» «وإليهم» من بين سائر الحروف ، لأنهنّ إذا وليهن ظاهر صارت يا آتهنّ ألفات ، ولا يجوز كسر الهاء إذا كان قبلها ألف ، فعامل الهاء مع المكنى معاملة الظاهر ، إذا (١) كان ما قبل الهاء ياء فإذا صارت ألفا لم يجز كسر الهاء (٢) ، فإذا جاوز هذه الثلاثة الأحرف ولقي الهاء والميم ساكن ضمها ، فإذا لم يلق الميم ساكن كسر الهاء نحو قوله تعالى (٣) : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ) و (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(٤) وعند الساكن (عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي)(٥)(عَلَيْهِمُ
__________________
(١) فى السبعة : «إذ كان ما قبل الهاء إذا صار ألفا لم يجر كسر الهاء».
(٢) غير موجودة فى السّيعة فلعلها عبارة توضيحية من المؤلف.
(٣) سورة الأنفال : آية : ١٦.
(٤) سورة الأنعام : آية : ١٥٠.
(٥) سورة البقرة : آية : ١٤٢.
الذِّلَّةُ)(١)(إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ)(٢)(٣) ولو كان مكان الهاء والميم كاف وميم لم يجز كسرهما إلا فى لغة قليلة لا تدخل فى القراءة لبعد الكاف من الياء.
وقرأ الباقون / (عَلَيْهِمْ) بكسر الهاء ، وإنما كسروها لمجاورة الياء كراهة أن يخرجوا من كسر إلى ضمّ كما قالوا : مررت بهم وفيهم.
وقرأ ابن كثير : عليهُمُوا بالواو على أصل الكلمة ؛ لأن الواو علم الجمع ، كما كانت الألف علم التّثنية ، إذا قلت : عليهما ، ومثله قاما قاموا. وكان نافع يخيّر بين جزم الميم وضمّها.
وقرأ الباقون : بإسكان الميم وحذف الواو. فحجّة من حذف قال : لأن الواو متطرفة فحذفتها إذ كنت مستغنيا عنها ؛ لأنّ الألف دلّت على التّثنية ، ولا ميم في الواحد إذا قلت : «عليه» فلمّا لزمت الميم لجمع حذفتها اختصارا ، فإن حلّت هذه الواو عير طرف لم يجز حذفها ، كقوله تعالى : (٤)(أَنُلْزِمُكُمُوها) فأمّا ما رواه الخليل بن أحمد عن ابن كثير غيرَ المغضوب عليهم (٥) بالنّصب ، فإنه نصبه على الحال من الهاء والميم في (عَلَيْهِمْ) ويكون نصبا
__________________
(١) سورة البقرة : آية : ٦١ ، وسورة آل عمران : آية : ١١٢.
(٢) سورة يس : آية : ١٤.
(٣) غير موجودة فى السّبعة فلعلها عبارة توضيحية من المؤلف.
(٤) سورة هود : آية : ٢٨.
(٥) فى السبعة : ١١٢ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٩.
يفاد من نصّ ابن مجاهد فى السبعة أنّ الخليل رحمهالله وجه قراءة ابن كثير ، كما وجهها بعده الأخفش ... ولا يفهم منه أنّ الخليل روى عن ابن كثير؟! قال ابن مجاهد رحمهالله : «قال : خبّرنا بكّار بن عبد الله بن كثير المكى عن أبيه أنه كان يقرأ : «غيرَ المغضوب عليهم» قال الخليل : ... وقد قال الأخفش ...» فيظهر من هذا أن الخليل موجه لقراءة ابن كثير ، لا راو عنه وإن كانت روايته ممكنة.
على الاستثناء في قول الأخفش (١) ، ومن قرأ (غَيْرِ) بالخفض فإنّه يجعله بدلا من (الَّذِينَ) وصفة لهم. والفرق بين «غير» إذا كانت صفة أو كانت استثناء حسن إلا في مواضعها كقولك : عندي درهم غير دانق ، وعندى درهم غير زائف ، لأنه لا يحسن أن تقول : عندي درهم إلا زائفا.
واعلم أنّ المدّة في قوله تعالى : (وَلَا الضَّالِّينَ) إنما أتي بها لتحجز بين السّاكنين وهي اللام المدغمة وألف التي قبلها.
وقال الأخفش : المدة عوض من اللّامين. وقال ثعلب : لما كانت الألف خفية والمدغم خفىّ قووهما بالمدّ.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه : ومن العرب من يجعل المدّة همزة فيقول : ولا الضَّألين / وقد قرأ بذلك أيّوب (٢) السّختيانيّ.
أنشدنى ابن مجاهد رضي الله عنه (٣) :
__________________
(١) جاء فى معانى القرآن للأخفش : ١ / ١٦٦ «وقد قرأ قوم غيرُ المغضوب عليهم جعلوه على الاستثناء الخارج من أول الكلام ... وإن شئت جعلت «غير» نصبا على الحال ؛ لأنّها نكرة والأول معرفة» ورأي الأخفش هذا الذى ذكره المؤلف فى إيضاح الوقف والابتداء : ١ / ٤٧٧ ، وإعراب القرآن : ١ / ١٠ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٩.
(٢) مختصر الشواذ للمؤلف : ١ ، والطّارقية له : ٣٤ ، والمحتسب : ١ / ٢٦. وقراءة أيوب فى تفسير القرطبىّ : ١ / ١٥١ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٠.
(٣) هذا الرّجز مما حكته العرب على ألسنة الحيوانات فتزعم أنه من كلام الضب للضفدع ، وهو فى الخصائص : ٣ / ١٤٨ ، والمنصف : ١ / ٢٨١ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ٧٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٩ / ١٣٠ ، وضرائر الشعر : ٢٢٢ ، والممتع : ٣٢١ ، وشرح شواهد الشافية : ١٧٢ قال البغدادى ـ رحمهالله ـ : «وهذا يشبه أن يكون من خرافات العرب». حمارقبان : دويبة من خشاش الأرض ، قال الثعالبى : وهو ضرب من الخنافس بين مكة والمدينة وأنشد البيت قال : ومن أمثال العرب : (أذلّ من حمارقبان) (ثمار القلوب : ٣٦٩) وينظر : الدرة الفاخرة : ١ / ٢٠٣ ، والجمهرة : ١ / ٤٧٠ ، ومجمع الأمثال : ١ / ٢٨٣ ، والمستقصى : ١ / ١٣٣.
لقد رأيت يا لقوم عجبا |
|
حمار قبّان يسوق أرنبا |
خطامها زأمّها أن تذهبا |
يريد : زامها.
وإنّما ذكرت هذا الحرف وإن لم تختلف السّبعة فيه ؛ لأن بعض النّحويين يمدّ هذا ونحوه مدّا مفرطا ، والمدّ فيه وسط ، كذلك كان لفظ ابن مجاهد ، وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد (١) ولا جأنّ مهموز غير ممدود ، والنون مشدّدة.
حدّثنى ابن مجاهد قال : روى لي عبد الله بن عمرو قال : حدّثنى ظفر
__________________
(١) عمرو بن عبيد من رؤساء المعتزلة وقادتهم ، أبو عثمان البصرى. قال النسائى ليس بثقة ، وقال حفص بن غياث ما لقيت أزهد منه انتحل ما انتحل؟! وقال ابن المبارك : دعا إلى القدر فتركوه ، وكان المنصور يعظمه ويقول :
كلّكم يمشى رويد |
|
كلّكم يطلب صيد |
غير عمرو بن عبيد |
مات سنة أربع وأربعين ومائة. وكتب الإمام المحدث الدارقطنى جزءا فى أخباره طبع فى بيروت بتحقيق د. يوسف فان إس سنة ١٩٦٧ م. أخبار عمرو فى المجروحين : ٢ / ٦٩ ، وطبقات المعتزلة : ٣٥ وتاريخ بغداد : ١٢ / ١٦٢ ، وسير أعلام النبلاء : ٦ / ١٠٤ ، والشذرات : ١ / ٢٠١. وقراءته مشهورة ، فى مختصر الشواذ للمؤلف : ١٤٩ ، ١٥٠ ، والمحتسب : ٢ / ٣٠٥.
قال الزّمخشرىّ فى المفصل : ٣٥٤ «فصل : وقد جدّ فى الهرب من التقاء السّاكنين من قال : دأبّة وشأبّة ، ومن قرأ ولا الضألين ولا جأنّ وهى عند عمرو بن عبيد ، ومن لغته : النقر فى الوقف على النقر». وينظر : شرح ابن يعيش : ٩ / ١٢٨. وقصة عمرو مع أبى عمرو مفصّلة فى تحفه الأريب للسّيوطى (مخطوط).
ابن العبّاس قال : حدثنا أبو زيد : قال : صلّى بنا عمرو بن عبيد الفجر فقرأ (١) إنس ولا جأن فهمز فلما سلّم قلت : لم همزت؟ قال : فررت من اجتماع السّاكنين.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه : كان عمرو بن عبيد يؤتى من قلّة المعرفة بكلام العرب ، وذلك أنّ العرب لا تكره اجتماع السّاكنين ، إذا كان أحد الساكنين حرف لين ، كقوله تعالى (٢) : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) وقد كان كلم أبا عمرو بن العلاء في الوعد والوعيد فلم يفرّق بينهما حتّى فهمه أبو عمرو ، وقال : ويحك إنّ الرّجل العربيّ إذا وعد أن يسىء إلى رجل ثم لم يفعل يقال : عفا وتكرّم ، ولا يقال : كذب ، وأنشد (٣) :
وإنّي إن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادى ومنجز موعدى |
* * *
__________________
(١) سورة الرحمن : آية : ٥٦.
(٢) سورة هود : آية : ٦.
(٣) البيت لعامر بن الطفيل فى ديوانه : ٥٨ ، وقبله :
لا يرهب ابن العمّ منّى صولة |
|
ولا أختتى من صولة المتهدّد |
(سورة البقرة)
١ ـ قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً) [٢] قرأ أبو عمرو وحده فيهْ هُّدى بإدغام / الهاء في الهاء ، وكذلك يفعل بالحرفين إذا التقيا ، متجانسين كانا أو متقاربين ، فالمتجانسان نحو : جعلْ لَّكم الأرض فراشا (١) ولا نكذّبْ بِّآيات ربّنا (٢) وذهبْ بِّسمعهم وأبصارهم (٣) وإن كان الحرف الأول مشدّدا لم يدغم نحو : (أُحِلَّ لَكُمْ)(٤) و (مَسَّ سَقَرَ)(٥) أو كانت الكلمة محذوفة عين الفعل نحو : (كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ)(٦) و (كُنْتَ تَرْجُوا)(٧) أو خفّت الكلمة بعض الخفّة.
فأمّا المتقاربان [ف] نحو (خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ)(٨) وأعلم بّالشّكرين (٩) ومريمْ بُّهتانا عظيما (١٠)
__________________
(١) سورة البقرة : آية : ٢٢.
(٢) سورة الأنعام : آية : ٢٧.
(٣) سورة البقرة : آية : ٢٠.
(٤) سورة البقرة : آية : ١٨٧.
(٥) سورة القمر : آية : ٤٨.
(٦) سورة الإسراء : آية : ٧٤.
(٧) سورة القصص : آية : ٨٦.
(٨) يقصد المؤلف رحمهالله نحو الآية : ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ) سورة الروم الآية : ٤٠.
(٩) يقصد : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) سورة الأنعام : آية : ٥٣.
(١٠) سورة النساء : آية : ١٥٦.
وقرأ الباقون كلّ ذلك بالإظهار. فحّجة من أدغم قال : إظهار الكلمتين كإعادة الحديث مرتين ، أو كخطو المقيّد ، فأسكن الحرف الأول وأدغمه في الثاني ليعمل اللسان مرة واحدة.
وأمّا من أظهر فإنه أتى بالكلام على أصله لتكثر حسناته ، إذ كان له بكل حرف عشر حسنات ، وإنما الإدغام تخفيف وتقليل الكثير. واتفق القراء جميعا على إدغام الحرفين المتجانسين والأول ساكن نحو قوله (١) : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ).
٢ ـ وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [٣] قرأ أبو عمرو إذا حدر القراءة أو قرأ في الصّلاة يومنون بترك الهمز تخفيفأ ؛ إذ كانت الهمزة تخرج فى أقصى الحلق وفي إخراجها كلفة ، وأكثر العرب يلينها ، ومنهم من يحذفها جملة ، فإذا حقق القراءة همز ، وإنما يفعل ذلك بالهمزات الساكنات ، وإذا كان سكون الهمزة علامة للجزم نحو قوله تعالى أو ننسأها (٢) و (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)(٣) لم يدع الهمزة ، وكذلك إذا كان في الحرف لغتان نحو : موصدة (٤) لأن لا يخرج من لغة إلى لغة ، وكذلك إذا كان ترك الهمز أثقل من الهمز لم يدع الهمزة / نحو قوله : (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ)(٥) وكان حمزة لا يهمز إذا وقف ، ويهمز إذا أدرج ولا يبالى إذا كانت الهمزة ساكنة أو متحركة نحو قوله تعالى (٦) : (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) يقف مولا
__________________
(١) سورة الأعراف : آية : ١٦٠ ، والشعراء : آية : ٦٣.
(٢) سورة البقرة : آية : ١٠٦.
(٣) سورة المائدة : آية : ١٠١.
(٤) سورة الهمزة : آية : ٨.
(٥) سورة الأحزاب : آية : ٥١.
(٦) سورة الكهف : آية : ٥٨.
وأصْحَبُ المشئمة (١) يقف المشمة ، وإنما يفعل ذلك اتّباعا للمصحف : لأن (الْمَشْئَمَةِ) كتب في المصحف بغير ألف و (مَوْئِلاً) بغير ياء ، والدّليل على ذلك أنه يقف منهن جرّا بغير واو. ويقف (هُزُواً)(٢) و (كُفُواً)(٣) بواو ؛ لأنّها كذلك كتبت فى المصحف.
وروى ورش عن نافع بترك الهمزات الساكنات والمتحركات وحجّته في ذلك : أن الهمزة المتحركة أثقل من الهمزة الساكنة ، وكان يقرأ : ويوخِّرْكم إلى أجل (٤) ويودّهي إليك (٥) وكان ينقل حركات الهمزات إلى الساكن قبلها وكان يقرأ قَدَ افلح (٦) يريد : (قَدْ أَفْلَحَ) ، وكذلك : فلن يقبل من أحدهم مل الأرض أنشدني ابن عرفة شاهدا لورش (٧) :
تضوّع مسكا بطن نعمان أن مشت |
|
به زينب فى نسوة عطرات |
ولمّا رأت ركب النّميريّ أعرضت |
|
وكنّ من ان يّلقينه حذرات |
__________________
(١) سورة الواقعة : آية : ٩.
(٢) سورة الكهف : آية : ١٠٦.
(٣) سورة الإخلاص : آية : ٤.
(٤) سورة إبراهيم : آية : ١٠.
(٥) سورة آل عمران : آية : ٧٥.
(٦) سورة المؤمنون : آية : ١.
(٧) هذان البيتان لمحمد بن عبد الله بن نمير الثقفيّ ، شاعر أموى له أخبار وأشعار جمعها الدكتور نورى حمّودى القيسىّ ونشرها فى القسم الثالث من شعراء أمويون : ١٠٨ ـ ١٣٤. أخباره فى الأغانى : ٦ / ١٢ (بولاق). ونعمان المذكور : هو واد معروف مشهور بهذه التّسمية حتى يومنا هذا بين مكة والطائف. وزينب : هى أخت الحجاج بن يوسف الثقفى. (أخبار النّساء : ٢٤) والمعارف : ٣٩٦. والبيتان فى شعره : ١٢٤ ، ١٢٥ غير متوالين وفى الأصل : «اعترضت».
أراد : «من أن» بنقل فتحة الهمزة إلى النّون.
وقرأ الباقون : (يُؤْمِنُونَ) ، و (يُؤْتُونَ يُؤْثِرُونَ وَيُؤَخِّرَكُمْ) ويألتكم وال (كَأْسٍ) و (الْبَأْسِ). كلّ ذلك مهموز على الأصل.
واختلف عن أبي عمرو في الأسماء المهموزة ، فروى بعضهم عنه بترك الهمز وهو اختيار ابن مجاهد. وروى عنه آخرون بالهمز.
فإن سأل سائل : لم / همز أبو عمرو «الكأس» «والبأس» ولم يهمز يومنون ويوتون؟
فالجواب في ذلك أنّ الفعل ثقيل والهمزة ثقيلة ، والاسم خفيف فحذفوا في الموضع الذي استثقلوه وأثبتوا فى الموضع الذى استخفوه.
٣ ـ قوله تعالى : (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [٤] قرأ ابن كثير وحده (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) لا يمد حرفا لحرف
وقرأ الباقون بالمدّ
فمن مدّ قال : الألف خفيفة ، والهمزة خفيفة فقوّوهما بالمدّ.
ومن لم يمد حرفا لحرف أتى بالكلمة على أصلها ؛ لأن الكلمتين من حرفين وشبّهه بالإدغام في حرفين وفي حرف فإذا كان من كلمة لم يجز إلا الإدغام نحو : فرّ ومدّ. وإذا كان من كلمتين كنت بالخيار كقولك : جعل لك وجعل لّك. واتفقوا جميعا على مدّ الحرف إذا كان من كلمة نحو قوله (١) : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) و (أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)(٢)(فَقَطَّعَ
__________________
(١) سورة المؤمنون : آية : ١٨.
(٢) سورة آل عمران : آية : ١٩.
أَمْعاءَهُمْ)(١)(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٢).
وأعلم بأن الحروف اللواتي تكون بها المد ثلاثة : الواو والياء والألف ، فواو قبلها ضمة ، وبعدها همزة ، وياء قبلها كسرة وبعدها همزة ، وألف بعدها همزة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ، فالألف نحو قوله تعالى (٣) : (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) و (ها أَنْتُمْ أُولاءِ) والواو نحو قوله (٤) : (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) والياء نحو : (فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ)(٥).
٤ ـ قوله تعالى : (أَأَنْذَرْتَهُمْ) [٦] قرأ عاصم وحمزة والكسائى (أَأَنْذَرْتَهُمْ) بهمزتين على أصل الكلمة. فالهمزة الأولى ألف التّسوية على لفظ الاستفهام ، والألف الثانية ألف القطع.
وقرأ ابن عامر آ أندرتهم بهمزتين بينهما مدة كأنه كره أن يجمع بين همزتين وأن يحذف إحداهما /
قال الشّاعر ـ شاهدا لقراءة ابن عامر (٦) :
تطاللت فاستشرفته فعرفته |
|
فقلت له آأنت زيد الأراقم |
__________________
(١) سورة محمد (القتال) : آية : ١٥.
(٢) سورة الرحمن : آية : ١٣ ... وغيرها.
(٣) سورة البقرة : آية : ٤.
(٤) سورة البقرة : آية : ١٤.
(٥) سورة فصّلت : آية : ٤٤.
(٦) استشهد به أبو علىّ الفارسى فى الحجة : ١ / ٢٠٨ ، والأزهرى فى التهذيب : ١٥ / ٦٨٤ وعجزه :
* فقلت آأنت زيد الأرانب*
وهو فى اللّسان : (الهمزة) لذى الرّمة. ونقله أستاذنا عبد القدوس أبو صالح عن اللّسان فى ـ
وقرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير آنذرتهم كرهوا الجمع بين همزتين فليّنوا الثانية كما تقول : آمن ، وآدم ، وآزر غير أنّ ابن كثير أقصر مدّا من أبي عمرو ونافع ، قال ذو الرمة (١) :
آن توسّمت من خرقاء منزلة |
|
ماء الصّبابة من عينيك مسجوم |
٥ ـ وقوله تعالى : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) [٧] قرأ أبو عمرو : وعلى أبصيرهم ممالة ، ونحوه إذا كان فى موضع الجرّ نحو القنطار والدّينار والأبرار والأشرار والفجّار والنّار ؛ وذلك أن الكسرة فى آخر الاسم منخفضة والألف مستعلية فأمال أول الكلمة ليكون كآخرها.
وقرأ الباقون بالفتح على أصل الكلمة.
وقد تابعه الكسائى فى (الأشرار) و (الأبرار) وما تكررت فيه الراء.
فإن سأل سائل : لم أمال أبو عمرو أصْحَب النّار (٢) ولم يمل
__________________
ـ ملحق ديوانه : ١٨٤٩. بهذه الرّواية وكرواية المؤلف أنشده ابن جنّى فى سرّ الصناعة : ٢ / ٧٢٢ وزيد الأراقم لعله يقصد : زيد بن أرقم الصحابي المعروف رضي الله عنه أخباره فى الاستيعاب : ٥٣٦ ، والإصابة : ٢ / ٥٨٩. فإن لم يكن هو المعنى ب «زيد الأراقم» فهو بكل تأكيد المعنى يقول الشاعر ـ وهو من شواهد النحو ـ : لعبد الله بن رواحة فى ديوانه : ١٥٢.
يا زيد زيد اليعملات الذّبّل |
|
وزيد دارىّ الفلا المجهّل |
تطاول الليل هديت فانزل |
|
فانقض زيد كانقضاض الأجدل |
(١) ديوانه : ٣٧١ ، وهو مطلع القصيدة.
(٢) سورة البقرة : آية : ٣٩ ... وتكررت فى القرآن كثيرا.